بريطانيا: دعوات لدعم الأكراد في تشكيل دولتهم

بريطانيا: دعوات لدعم الأكراد في تشكيل دولتهم

15 أكتوبر 2014
هل يمكن أن تقضي دولة كردستان على "داعش" (Getty)
+ الخط -

برزت في بريطانيا دعوات تهدف إلى دعم الأكراد لتأسيس دولتهم والاعتراف بها، في الآونة الأخيرة، وتبنّاها خبراء في الشؤون العسكرية والأمنية. وجاءت الدعوات في وقتٍ أفرزت فيه التعقيدات الأمنية والسياسية في المنطقة، تغير وضع الأكراد وعلاقتهم مع محيطهم الإقليمي والدولي، في ظلّ مواجهتهم لمسلّحي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية. وتزامنت الدعوات مع دعوة رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، إلى إجراء استفتاء على استقلال الإقليم. 

ففي تقرير نشره موقع "دفينس فيوبوينت" البريطاني، المهتم بالشؤون الدفاعية والأمنية، قبل أيام، أشار التقرير إلى أن "قوات البشمركة (القوات الكردية)، التابعة لإقليم كردستان العراق، أثبتت أنها الأكثر فعالية في مواجهة "داعش"، من بين القوات التي تقاتل على الأرض في العراق".

ولفت التقرير، إلى أنه "في الوقت الذي لم يكن الجيش العراقي قادراً على الوقوف في وجه تقدم "داعش"، على الرغم من الدعم الواسع الذي وفّرته له الولايات المتحدة، تمكّنت السلطات الكردية في شمال العراق من بناء حكم رشيد، اتّبع نهجاً أكثر انفتاحاً وتقدماً من الكثير من الحكومات في المنطقة".

وينصح التقرير دول التحالف الغربي ضد "داعش" بـ"دعم أكراد العراق لتشكيل دولتهم المنشودة، والقيام بدور دبلوماسي فعال لتحقيق هذا الهدف". ويرى التقرير أن "دولة كردستان ممكن أن تكون منطلقاً، للقضاء على "داعش"، من دون الحاجة إلى المخاطرة بنشر قوات غربية على الأرض".

ويرى التقرير أنه "لم يعد العراق دولة واحدة متماسكة، بعد أن بات الخلاف السني الشيعي بين عرب العراق عميقاً جداً وسبباً في إهدار دماء غزيزة". وتوصّل إلى نتيجة مفادها أن "تقسيم العراق أصبح الطريق الوحيد ليعيش كلا الطرفين بسلام".

ودعا التقرير إلى "دعم البشمركة، وإعانتها على أن تصبح جيشاً قوياً، لا للدفاع عن أراضي كردستان وحسب، وإنما أيضاً كي تكون كردستان حليفاً قوياً لدول التحالف الغربية في حربها ضد "داعش"، وضد أي تنظيم مشابه ممكن أن يظهر في المستقبل". ويرى أن "الدولة الوليدة ستفتح أمام شركات التسليح في الغرب سوقاً جديدة لبيع أسلحتها".

ويرى الباحث في الشؤون العسكرية، ديفيد هوغتون ـ كارتر، أن "كردستان ستصبح من الدول القليلة في المنطقة التي لا يحتوي سجلها على انتهاكات لحقوق الإنسان"، ولذلك يتوقع أن تحظى باعتراف الأمم المتحدة. ويقول كارتر إن "حصول الدولة الكردية على تأييد روسيا والصين، مسألة وقت، فكلا الدولتين تبحثان دائماً عن علاقات تجارية، وقد تجدها في دولة كردستان، شرط أن تحصل هذه الدولة على موافقة تركيا".

سورياً، وفي ظلّ فقدان نظام بشار الأسد الشرعية الدولية، وعدم قدرته على فرض سيطرته على مناطق شاسعة من البلاد، بالإضافة إلى الانقسامات العميقة التي خلفتها الصراعات الجارية بين مكونات الشعب السوري، باتت فكرة تشكيل دولة للأكراد في سورية، على غرار الدولة التي يطالب بها إقليم كردستان العراق، تشغل حيزاً كبيراً في مناقشات الخبراء العسكريين والأمنيين في بريطانيا في الآونة الأخيرة.

وتستند مناقشات الخبراء إلى أن "سيطرة الأكراد على مناطق دولتهم، سيُقلّل من التوتّر العرقي الدائر في سورية، وسيوفر الحماية والأمن لنسبة كبيرة من مكونات الشعب السوري، بالإضافة إلى أنه سيضعف، في الوقت ذاته، من قدرات "داعش" في القيام بعمليات عسكرية نوعية".

في المقابل، لا يرى هؤلاء أن "هناك حاجة إلى موافقة نظام بشار الأسد على إعلان الدولة الكردية في سورية، نظراً لإمكانية حصولها على اعتراف دولي، ويرى تفكير النظام السوري بمهاجمتها حماقة ودعوة للتدخل الدولي".

وعلى الرغم من امتناع تركيا حتى الآن من المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش"، يذهب أصحاب هذا الرأي إلى الاعتقاد بأن تركيا مستعدة لتبوؤ دور استراتيجي واسع في المنطقة، قبل موافقتها على تشكيل دولة كردية في سورية.

وفي السياق يقول كارتر إن "علاقة أنقرة الطيبة مع أربيل، والتي انعكست في التصريحات الأخيرة لحزب العدالة والتنمية الحالكم في تركيا، تؤشر إلى انفتاح أنقرة على فكرة استقلال الأكراد". ويذهب الخبير العسكري إلى حدّ القول إن "أنقرة قد تسمح لأكرادها بالانفصال، وذلك لتفادي التصادم معهم، ونظراً لتأزم الوضع الأمني على تخومها بعد سيطرة مسلحي "داعش" على عين العرب". ويضيف أن "موافقة تركيا على منح أكرادها دولة مستقلة، لا يفضي إلى حصولها على منطقة عازلة بينها وبين "داعش" فحسب، وإنما أيضاً سيحول أكرادها، العدو التقليدي، إلى حليف استراتيجي".

ويبدو أن ضمان انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، مقابل موافقتها على انفصال أكرادها، هو أحد المغريات التي ينصح بها هذا الخبير العسكري دول التحالف تقديمها إلى تركيا، نظراً "لأن العلاقة المتوترة بين تركيا وأكرادها، من أهم العقبات التي تحول دون انضمام تركيا إلى الاتحاد. وإذ تمكنت تركيا من الانضمام إلى الاتحاد، فإن ذلك سيُمهّد لها الطريق لحلّ قضاياها مع قبرص، وإمكانية تسهيل قوانين الاتحاد لها. كما أن شخصية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، توحي بأنه يطمح إلى أن يذكره التاريخ بأنه كان صانع السلام"، على حد قول كارتر.