باريس أتعس من جلال آباد.. رحلة الوهم

باريس أتعس من جلال آباد.. رحلة الوهم

07 مارس 2016
رحلة عذاب(Getty)
+ الخط -
رحلة عذاب امتدت لأشهر، ذاق خلالها مهاجرون سريون صنوف العذاب والألم، معاناة وثقتها عدسة القناة الفرنسية " أم 6" من خلال تحقيق حصري امتد على سنتين، رافقت خلاله مهاجرين من الكاميرون وأفغانستان، في اتجاه أوروبا.

رحلة الكاميرونيين الثلاثة، بدأت من الجنوب الليبي، في اتجاه طرابلس ثم زوارة في اتجاه جزيرة "لامبيدوزا" الإيطالية، استمرت أشهراً طويلة، كان خلالها الأفارقة الثلاثة يعملون في مختلف المهن بأبخس الأجور لادخار ثمن الهجرة إلى إيطاليا. سُرقت منهم في الطريق إلى طرابلس أموالهم وهواتفهم، وعُنّفوا من طرف الوسطاء الذين كانوا يعاملونهم بقسوة شديدة، إلى أن حان موعد ركوب الزورق المُنتظر.

أكثر من 250 مهاجراً، من جنسيات أفريقية وعربية عديدة، أطفال وحوامل وشباب، حملوا أحلامهم في اتجاه الجنّة الموعودة، وعندما وصلوا إيطاليا، تم إيداعهم في سجن كبير، لينتظر أغلبهم سنوات قبل أن تنظر اللجنة في إمكانية منحهم إقامة مؤقتة أو لجوءاً إنسانياً، أو يتم ترحيلهم من جديد إلى بلدانهم.

لم يقبل الأفارقة الثلاثة بالأمر الواقع، وغادروا الإقامة الجبرية متسللين إلى جزيرة سيسيليا، فالعاصمة روما، في انتظار القطار الذي سيحملهم إلى باريس، نقطة الوصول الأخيرة، حيث عائلاتهم وأقاربهم، ووهم الثراء في أرض الجنة الموعودة.

بالموازاة مع ذلك، رافق البرنامج ثلاثة شباب أفغان، في رحلة مشياً على الأقدام، قادتهم من أفغانستان إلى باكستان، ثم إلى إيران، لجبال كردستان فتركيا. 160 أفغانياً، قطعوا آلاف الكيلومترات مشياً على الأقدام على امتداد شهرين تقريبا.

رحلة عذاب وعطش وجوع، وبرد وحر، حتى وصلوا إلى إسطنبول، لتحدث الصدمة الحضارية الكبيرة، ويتجلى اندهاش الشباب الثلاثة بحرية النساء ولباسهن، وجمال المدينة وتطورها، ولكن البحر كان مصدر الدهشة الكبرى، وأملهم الكبير أيضاً في العبور إلى اليونان فباريس.

ويروي لقمان، وهو أحد الشباب الأفغان، كيف فطنت الشرطة اليونانية إلى مركبهم، فسلبتهم المحرك والبنزين ورمت بهم من جديد إلى المياه التركية، فانتشلهم قارب تركي، وأعاد أغلبهم إلى أفغانستان. غير أن لقمان وصديقه جوّاد، هربا مرة أخرى من مكان احتجازهما، وغيّرا خطة الهجرة إلى باريس، عبر روما ومن خلال نفس القطار الذي أقلّ الكاميرونيين الثلاثة.

حطّ الجميع رحالهم في عاصمة الأنوار، دون ملجأ ولا عمل، واكتشفوا خدعة الجنة الموعودة ووهم الثروة الملقاة على قارعة الطريق.

يقول جوّاد إنه كان يسمع في أفغانستان أن الطائرات الفرنسية كانت ترشّ الطرقات بالعطور، ولكنه اكتشف أن باريس أسوأ من جلال آباد، وأن الحياة في مدينته أرحم.

أما لقمان فكان مصيره ككل الأفغان، يفترشون الأرض، ويبحثون عن لقمة في المساجد القريبة، ممنوعون من العمل، ومن الحلم أيضا.