المُنَجِّد.. حرفة لم تعُد تكفي صاحبها حياة كريمة
يعمل الأسطى "مصطفى يوسف" في حرفة "مُنَجِّد"، إذ إنه تخصص في صناعة المراتب والأغطية القطنية "اللحاف"، والستائر، منذ 30 عامًا، كما أنه توارث الحرفة أبا عن جد، ولكن دخله من حرفته لا يكفيه حاليا لحياة كريمة، بالمقارنة بسنوات مضت.
يقول يوسف لـ"العربي الجديد" إن طاقته الإنتاجية تراجعت لأكثر من 60 في المائة، بسبب تفضيل الناس وخاصة العرائس للمنتجات الجاهزة، من المراتب والأغطية المصنوعة من مادة "الفايبر".
ويضيف أن آخر جهاز عرائس نفذه منذ 10 سنوات، مرجعا ذلك إلى أنه "خلال السنوات الأخيرة، وبعد انتشار المنتجات المصنعة سواء المحلية أو المستوردة، انحصر عملنا في تجديد وصيانة المراتب القطنية والألحفة القديمة".
ويشكو يوسف، من انخفاض الدخل وخاصة في أيام الشتاء، إذ يقل إقبال الناس على التجديد، وخاصة مع دخول المدارس وتوجه جزء من الإنفاق للمصاريف التعليمية، لافتًا إلى أن حرفته تنتعش نوعًا ما في الصيف وخاصة قبل مواسم الأعياد.
ويرى يوسف أن المنتجات القطنية من المراتب والأغطية المصنوعة يدويًا، ما زالت هي الأكثر تحملًا والأفضل صحيًا، وذلك من خلال تجارب كثيرين، والذين اشتكوا من مشاكل في العظام، كما أن العمر الافتراضي لهذه المنتجات لا يتعدى سنوات قلائل، في حين أن مثيلاتها المصنعة يدويًا تعيش سنوات طويلة قد تمتد 30 عامًا، كما أن المراتب الجاهزة حال فقدان صلاحيتها، تذهب إلى سلة المهملات، في حين أن الأخرى يعاد "تنجيدها" مرة أخرى.
ويؤكد أن القطن البلدي (المحلي) هو أفضل الأنواع المستخدمة في "التنجيد"، ويصل سعر الكيلو منه إلى 50 جنيهًا (3 دولارات تقريبا)، يليه القطن الشعر السوداني بـ 40 جنيهًا، ثم هناك أنواع أخرى يطلق عليها "القطن الشفط"، وهي عبارة عن مخلفات مصانع الأقمشة من النسيج والذي يتم فرمه، ليصبح في صورة قطنية ويتراوح سعره من 5 جنيهات للألوان إلى 30 جنيها للأبيض.
وحول مستوى الأداء المهني بين الأحفاد والأجداد، يقول يوسف، إنه لا يوجد فرق، سوى أنه أيام زمان كان "المنجّد" يستخدم القوس في تنظيف وإعداد القطن للتنجيد وهي آلة يدوية عبارة عن قوس مصنوع من خشب معين، يشد عليه وتر مصنوع من أمعاء الحيوانات، وتعتمد فكرتها على تحريك الوتر بالطرق عليه بأداة خشبية، فيتطاير القطن مرتفعًا، مخلفاً وراءه الأتربة وكل ما علق به، وهذه كانت أصعب مراحل العملية، إذ تستنزف تقريبًا نصف الوقت، بخلاف المجهود، أما اليوم فهناك آلة كهربائية خاصة بتنظيف القطن توفر الوقت والمجهود.