المدرب المساعد في عالم الكرة...الجندي المجهول وكلمة سر الإنجازات

المدرب المساعد في عالم الكرة...الجندي المجهول وكلمة سر الإنجازات

17 ابريل 2020
المدرب المساعد يقوم بأهم الواجبات لتحقيق الإنجازات (Getty/العربي الجديد)
+ الخط -
داخل أي جهاز تدريبي لفريق كرة قدم سواء في الأندية أو المنتخبات، لا تتجه الأنظار كثيراً إلى المدرب المساعد، الذي يقوم بأدوار مهمة في العمل الفني، ويبقى دوماً في الظل بعيداً عن الأضواء التي يحتكرها المدير الفني الأساسي.

من لاعب سابق إلى مساعد
يبقى اسم اللاعب السابق مرتبطا بفريقه، حتى عند اعتزاله، ذلك أن السنوات الماضية، عودتنا على أن الأندية تميل لتضع لاعبها المعتزل كمدرب مساعد لعدة أسباب، أهمها مكانته داخل الفريق، خاصة عندما يتعلق بنجم أعطى الكثير، وقد يكون مجلس إدارة النادي مرغماً لوضعه في هذا المنصب مهما كانت كفاءته، وذلك إيماناً من مسؤولي الفريق، بأنّ هذه الخطوة، يستحسنها الجمهور.

لم يكن اختيار المدرب المساعد في السابق، ينص على معايير محددة، بل كان كلّ لاعب سابق يتقمص هذا الدور، بعد الاعتزال، أو يتمّ اختياره قياساً بعلاقته بمدير فني ما، يضع فيه الثقة، وينسجم معه.

أغلب المدربين كانوا يطالبون بالمدربين المساعدين الذين لديهم دراية بعالم المستديرة، وسبق أن صالوا وجالوا في الملاعب، فكان هذا المعيار الأول الذي يميز المدرب المساعد، رغم أن أدواره كانت في السابق محدودة، ولم تكن لديه الجرأة الكبيرة للنقاش في عمل المدرب، في خططه وفلسفته، وذلك راجع لمحدودية تكوين المدرب المساعد وغياب خبرته وتجربته، قبل أن تتغير اليوم نظرة ومكانة المدرب المساعد، وما بات يقوم به من عمل داخل الفريق، ولنا في العديد من الأمثلة التي نتابعها في المباريات الدولية، من خلال النقاش الذي يدور بين المدرب ومساعده قبل اتخاذ أي قرار فني أو تكتيكي.

في جلباب المساعد
علمتنا التجارب أن بعضهم خلقوا ليكونوا مدربين مساعدين، لاختيارات شخصية أو لأنهم يجدون أنفسهم في هذا المنصب، ويشعرون بأنهم أكثر عطاءً فيه، بدل تحمل المسؤولية، ورغم أن الفرص تتاح لهم في بعض الأحيان لقيادة الفريق مؤقتاً، إلا أنهم سرعان ما يعودون لمهمتهم.

نجاح المدرب المساعد يكون مرتبطاً بطريقة معاملة المدرب الأول ومدى المساحة الممنوحة له للعمل وإبراز قدراته ومواهبه، لوضع بصمته داخل منظومة الفريق. وهناك في الواقع صنفان من المدربين الأساسيين؛ الأول الذي يملك ثقافة الحوار والاستماع إلى من يعملون معه داخل الجهاز التدريبي، خاصة المدرب المساعد، من مبدأ "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار"، وكذلك لتجنب الأنانية في تدبير أمور النادي، وإيماناً منه بأن قوة الطاقم الفني في تلاحمه وانسجامه.

أما الصنف الثاني من المدربين، فهو الذي يميل إلى اتخاذ قرارات انفرادية ولا يستشير كثيراً مساعده، ويعتبر أن المدرب المساعد لا دخل له في قيادة الفريق.

صفات لا بد منها
من أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها المدرب المساعد، الانسجام بينه وبين المدرب وأن يكون مقتنعاً بالمهام الموكلة إليه وأن يملك الجرأة والمعرفة للنقاش مع المدير الفني، في ما يخصّ أوضاع الفريق واللاعبين وأن يقدم رأيه ومقترحاته بشفافية وصدق بما يخدم العمل الجماعي، وأن يقرب المدرب إلى صورة ما يحصل في الفريق، وأن يكون قادراً على تبني القرار الذي يتخذه المدرب بصرف النظر عن قناعاته وآرائه.

ويعد المدرب المساعد جزءاً رئيسياً في الطاقم، وتساعد قدراته في مساعدة المدرب على اختيار التشكيلة المناسبة للمباريات وقراءة الفريق المنافس بشكل مناسب، ومعرفة أوضاع اللاعبين الفنية والنفسية في المعسكرات والمباريات.

المدرب المساعد يكون أيضاً أقرب للاعبين من المدرب، وعلاقته وثيقة معهم ويجب أن يملك القدرة على خلق الحافز والأجواء الجيدة لديهم، سواء في التدريبات أو خلال المنافسات.

الجندي المجهول
مرحلة المدرب المساعد تعتبر مهمة، إذ تمكنه من أخذ مساحة مهمة من التجربة والخبرة، والاستفادة أيضاً من المدرب الأول، بل هناك من يعتبرها الفترة الأهم في مشوار كلّ المدربين، غير أن هناك من يرى أنه لا بد أن يتوفر على الموهبة وحب المهنة وغيرهما.

وبين هذا وذاك، فإن التجارب عودتنا على أن الأضواء دائماً تركز على المدربين، عند الإنجازات باعتبارهم صُنّاع الإنجاز وأمجاد الأندية والمنتخبات، مع أن الحقيقة تؤكد عكس ذلك لأن هناك جنودا يعملون في الخفاء، ولا أحد في الواقع يمجدهم عندما يفوز ناد أو منتخب بلقب ما، وذلك مشهد تعودنا عليه، إذ دائماً يسلط الضوء على المدرب الأول.

ويري الويلزي روبيرت أوشن المدير الرياضي للاتحاد المغربي لكرة القدم، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن المدرب المساعد لا بد أن يكون قريباً من المدرب الأول واللاعبين، وهو مطالب بقيادة الحصص التدريبية كي يكون قريباً منهم، موضحاً: "قد يتأثر لاعب ما نفسياً في بعض الأحيان، إن لم يشارك في المباريات، هنا يكون دور المساعد، حيث يرفع معنوياته ويساعده، وينصحه".

وأضاف: "اليوم لم تعد مهمة المساعد هي ترتيب اللوازم الرياضية قبل انطلاق الحصة التدريبية أو جمع الكرات في الملعب، بل تعطى له المسؤولية للاشتغال مع الفريق في ما هو تكتيكي وفني، وكذلك قيادة تدريبات اللاعبين، لأني أعرف الكثير من الحالات، عن نجاح مجموعة من المدربين مرتبطة بكفاءة مساعديهم على غرار المدرب الفرنسي لوران بلان الذي اشتغل معه المساعد جون لويس غاسي في عدة محطات في فرق باريس سان جيرمان وبوردو والمنتخب الفرنسي، وكانت نسبة تأثيره كبيرة، إلى جانب ديديه ديشامب مع مساعده غي ستيفان".

وتابع المدير الرياضي للاتحاد المغربي: "يقوم المدرب المساعد بدراسة الخصوم وتحليل المباريات، أيضاً يكون له رأي على مستوى الانتدابات، لذلك لديه مهام، وبالتالي يجب أن تكون هناك ثقة وانسجام بين المدرب ومساعده، وهذا ما يدفع المدرب دائماً إلى إلحاحه على اختيار طاقمه، خاصة المدرب المساعد الذي يبقى الحلقة الأهم في الجهاز التدريبي".

دلالات

المساهمون