الليبيون يدفعون ثمن الحرب: أزمات وقود وسيولة وسلع

الليبيون يدفعون ثمن الحرب: أزمات وقود وسيولة وسلع

19 ديسمبر 2019
تزايدت معاناة المواطنين المعيشية في طرابلس (فرانس برس)
+ الخط -

 تصاعدت الأزمات المعيشية في طرابلس، خلال الأيام الأخيرة، على وقع تصعيد القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، هجماتها المسلحة على العاصمة الليبية. 

وتسببت الحرب في انقطاع التيار الكهربائي عن طرابلس لمدة عشر ساعات يوميا مع تفاقم أزمة الوقود ونقص السيولة بالمصارف التجارية، ويأتي ذلك بموازاة ارتفاع جديد في سعر صرف الدولار أمام الدينار بالسوق السوداء.

وشهدت أسواق طرابلس ارتباكا كبيرا خلال الأيام الأخيرة، وسط تصاعد الاضطرابات، إذ شهدت أسعار مختلف السلع ارتفاعا كبيرا.

وقال رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك، أحمد الكردي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن هناك ضعفا في أجهزة الدولة بشأن ضبط الأسعار في الأسواق، مؤكدا أن الحرب والمضاربات واحتكار السعر تسببت في ارتفاع الأسعار في السوق المحلي.

وأشار إلى عدم وجود تسعيرة جبرية تحدد من قبل وزارة الاقتصاد للسلع الأساسية ومنها دقيق المخابز.

وعبر اتصال هاتفي لـ"العربي الجديد" مع مورد السلع، فرحات المسلاتي، في سوق الكريمة أكبر الأسواق الليبية، قال إن بعض السلع متوفرة في السوق ولكن هناك ضعفا في عمليات الشراء وسط انفلات الأسعار وعدم وجود ضبط حكومي للأسواق.

ومن أمام أحد المخابز بوسط العاصمة طرابلس أكد المواطن، سعيد العزابي، لـ"العربي الجديد" أن سعر رغيف الخبز ارتفع، موضحا أن أربعة أرغفة أصبح بدينار حاليا، بينما كان سعر 10 أرغفة بدينار خلال سنوات ماضية.

وقال العزابي إن رغيف الخبز أصبح نحيفا جدا ووزنه لا يتعدى 50 غراماً بينما الوزن الحقيقي 200 غرام للرغيف. ومن جانبه، أوضح صاحب مخبز، على الغزاوي، أن سبب ارتفاع سعر رغيف الخبز غلاء الدقيق من قبل شركات المطاحن التي تحتكر السلعة.

وفي نفس السياق، قال مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية، أحمد أبو لسين، لـ"العربي الجديد"، إن أسعار السلع ارتفعت قي ظل ثبات الحد الأدنى للأجور البالغ 450 دينارا. وذلك نتيجة أن حكومة الوفاق فرضت ضريبة يدفعها الممول ويتحملها المستهلك لأن فرض رسوم على سعر الصرف الرسمي يدفع الفرق من جيب المواطن مع استمرار الأوضاع المعيشية السيئة في البلاد من نزوح وارتفاع الأسعار.

وأوضح أبو لسين، أن معاناة المواطن استمرت على الرغم من مرور أكثر من عام على برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرا إلى تصاعد أزمة السيولة وعدم صدور أي قرارات من شأنها المساهمة في تخفيض عرض النقود المتداولة خارج القطاع المصرفي والتي تناهز 40 مليار دينار بينما المعدلات الطبيعية لتداول العملة بخمسة مليارات دينار.

وفي سوق العملة الموازي شهد سعر الدولار ارتفاعا أمام الدينار بمعدل نصف دينار خلال يومين إلى 4.1 دنانير مقابل الدولار، في حين يبلغ سعره الرسمي نحو 1.4 دينار، حسب تجار عملة لـ"العربي الجديد".

وقال تاجر عملة، أيمن التاجوري، إن ارتفاع العملة الأميركية نتيجة خوف الناس من الحرب، ما يدفعهم إلى التخلص من العملة المحلية لصالح الدولار بغرض تخزينه. وأوضح أنه في ظل التصعيد العسكري الجديد من قبل قوات حفتر، يتوقع أن يتواصل ارتفاع الدولار.

ومن جانبه، أكد الباحث الاقتصادي، بشير مصلح، لـ"العربي الجديد" أن أحد أسباب ارتفاع العملات الأجنبية الاقتراب من نهاية العام إذ تغلق معظم المصارف أبوابها للجرد السنوي. وأضاف الخوف والقلق وعدم الثقة في الأسواق تجعل المواطنين يقومون بتخزين الدولار كملاذ أمن لمدخراتهم.

وتواصلت أزمة البنزين في العاصمة الليبية والمناطق المجاورة لها، فيما تشهد المناطق النائية نقصاً في المنتجات النفطية منذ بداية الحرب على طرابلس في شهر إبريل/ نيسان الماضي، وذلك بسبب المسالك الوعرة وغياب الأمن في الطرقات.

وصرفت ليبيا في أحد عشر شهراً 3.8 مليارات دينار (2.7 مليار دولار) كدعم للمحروقات وفقا لبيانات مصرف ليبيا المركزي.

وتؤكد شركة البريقة لتسويق النفط أن إمدادات المحروقات من الخارج مستمرة من خلال المؤسسة الوطنية للنفط وفق برنامج التوريد المعد سلفا. وشدد رئيس لجنة معالجة أزمة الوقود، العميد محمد فتح الله، في تصريحات صحافية، مؤخرا، على أن الوقود متوفر بمستودعات شركة البريقة لتسويق النفط بشكل كاف، مضيفاً أن عملية توزيع الوقود على المحطات تسير بشكل طبيعي.

وحسب مصادر، لـ"العربي الجديد" شهدت الأسواق أيضا نقصا حادا في أسطوانات غاز الطهو، ما فاقم الأزمات المعيشية للمواطنين.

وامتدت نيران الحرب إلى قطاع العقارات، إذ أكد المواطن محمد بوعجيله أنه يقيم في منطقة توغار بضواحي طرابلس وأنه غادر منزله بسبب الصواريخ في المنطقة وأنه يبحث عن منزل للإيجار. وأشار إلى الارتفاع الكبير في قيمة الإيجارات خلال الفترة الأخيرة.

المساهمون