العنف بوصفه احتقانا

العنف بوصفه احتقانا

20 مايو 2016
+ الخط -
نلتمس كينونتنا، مثل سائر الكائنات الحية، من سعينا وراء الرزق، والبحث بكل الطرق المتاحة والممكنة عن مصادر عيشنا لضمان استمرارنا، مخلوقات تحكمها غريزة البقاء.
الخوف من المجهول والدفاع عن الحياة، سر وجودنا نحن البشر. وبحكم أننا حيوانات عاقلة، فإننا نحكم تفكيرنا لنبسط سلطتنا ونفوذنا بدهاء وتدبير، للخروج من المخاطر المتوقعة بأقل الاضرار.
الإنسان لا تحده حدود، والقوانين تلعب دورها في تقنين العلاقات، وفي التحكم في العيش المشترك بهدف إحداث الأمن والراحة الجماعية، غير أن نزوعاتنا للتطاول وانتهاك الآخر، وتغليب مصالحنا وحاجاتنا، تتحكّم في وعينا ولا وعينا، لتكون النتائج مضرة بحياة الجماعة وراحتها، فالإنسان كائن اجتماعي يعيش داخل الجماعة، ويستظل بظلها ويتصارع فيها. وكما يحصل في عالم الحيوان فالغلبة للأقوى والأفضل.
عرفت البشرية منذ بداياتها، وستبقى إلى الأبد، حروباً صغيرة وكبيرة على جميع المستويات، فالدولة تأسست لتحمي الجماعة وتضمن أمنها وراحتها، وتسير أحوالها، وفق ضوابط وقواعد أوجدها البشر لضمان الراحة والنظام، والحد من التطاحن وتحسين مستوى العيش، غير أن حاجة الناس للتدافع وغريزة البقاء والسيطرة تملي عليهم القتال والاقتتال.
لا جدال في أن للإنسان عقل جبار، فقد استطاع، عبر مسيرته التاريخية على الأرض، أن يخلق طفرات نوعية، ويحسّن من قدراته ويغير عالمه نحو الأفضل، إلا أن قدراتنا على البناء تضاهيها، في المقابل، قدراتنا على التدمير ونشر الفساد.
الأنانية وحب الذات من الغرائز الانسانية التي هي جزء من طبيعتنا، فلا يمكن أن ننسى أبداً أننا حيواناتٌ تتعارك من أجل فرض الذات وحمايتها.
العنف بكل أشكاله هو انعكاس لذهنية ونفسية البشر، والعنف داخل المجتمعات يعبر عن ذهنية متصلبة وعقلية منغلقة غير قادرة على التفاعل والإنتاج، ونفسية مدمرة فاقدة للتوازن والراحة، فاقدة للأمل.
تعرف مجتمعاتنا علاقات إنسانية ومظاهر اجتماعية مرضية. ظواهر العنف متجلية بشكل ساطع، وهي تعبير عن احتقان عام، وعن بؤس وجودي ومادي يحدث متاعب في العلاقات والنفسيات، ويضر بقواعد العيش المشترك.
مظاهر العنف تعكس مستوى العيش والوعي ودرجة التوازن النفسي والاجتماعي لدى المواطنين، إنها التجليات البارزة التي تعبر عن طباع الشخصية ومدى رضاها أو سخطها، اندماجها أو انفلاتها، قبولها أو مقتها لنفسها ومحيطها وبلادها.
906550B4-94E2-48C5-BF2B-2AEA240AC8FF
906550B4-94E2-48C5-BF2B-2AEA240AC8FF
منصف بندحمان (المغرب)
منصف بندحمان (المغرب)