العمالة الشابة في الأردن.. تبادلية الجذب والطرد

العمالة الشابة في الأردن.. تبادلية الجذب والطرد

16 ابريل 2015
+ الخط -

يتربع الشباب من الجنسية المصرية في صدارة جنسيات العمالة الوافدة في الأردن، والذين يقارب عددهم 600 ألف عامل، وما يقارب 200 ألف منهم فقط يحملون تصاريح عمل.

وتأتي الجنسية السورية في المرتبة الثانية بعد الجنسية المصرية من حيث عدد العمالة الوافدة في الأردن، من ثم الجنسية العراقية، خاصة بعد موجات اللجوء القسري من هذين البلدين باتجاه الأردن وغيره من الأقطار المحيطة بهما، والغالبية الساحقة من العمال السوريين والعراقيين لا يحملون تصاريح عمل، فيما تقدر أعداد العمالة الوافدة في الأردن بما يقارب المليون من مختلف الجنسيات.

ويلاحظ خلال العامين الماضيين أن هناك توسعا رهيبا لحجم العمالة الوافدة السورية، على حساب العمالة المصرية، ويعود ذلك إلى نمط التعامل الانتهازي مع الشباب السوريين، وفق منطق الأيدي العاملة الرخيصة، واضطرارهم للقبول بهذا الواقع، نظرا لظروف لجوئهم القسري إلى الأردن، في وقت يمكن فيه، وبسبب توفر مهارات أفضل في بعض المهن، وخاصة البناء والمطاعم وغالبيتهم يعملون في قطاع الإنشاءات، ملاحظة تمتعهم بمهارات أعلى في مجال أعمال البناء بأنواعها المختلفة وفي المهن المصنفة (القطاع غير المنظم، والعمل بالمياومة)، ثم المطاعم ثم حراسة المباني والعمارات وتليها الزراعة.

والغالبية الكبيرة من المهن المتوفرة أمام العمالة الوافدة لا يوجد أردنيون يعملون فيها، لأسباب تتعلق بصعوبة المهن، وعدم توفر أيدٍ عاملة أردنية فيها، وخاصة البناء والزراعة، ولكن يبقى السبب الرئيسي هو معادلة مستوى الدخل، والتحايل على القانون بتشغيل الوافدين من الأقطار العربية دون حقوق أو أدنى امتيازات يفرضها قانون العمل الأردني.

وكذلك لا يغيب عن الملاحظ أن غالبية العمال الوافدين يعملون وفق نظام اليومية (قطاع اقتصادي غير منظم)، فإن أهم الانتهاكات تتمثل في عدم تمتعهم بالحماية الاجتماعية (الضمان الاجتماعي)، وعدم تمتعهم بالإجازات السنوية والمرضية. كما أن غالبية الانتهاكات تقع على عاملات المنازل، والتي تصل حد الاتجار بالبشر والعاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، ومن المفيد في هذا المجال التنويه إلى أن قانون العمل الأردني وقانون الضمان الاجتماعي لا يميزان في غالبية الحقوق الأساسية بين العمالة المحلية والوافدة، باستثناء الضمان الاجتماعي للعاملات في المنازل والحد الأدنى للأجور.

ومن الأسئلة الكبرى في هذا المضمار، ما إذا كانت أجور العمالة الوافدة من العرب تتناسب وأجور العمالة الأجنبية، مثل الأميركية، إذ إن الأميركيين العاملين في الأردن عددهم قليل، وغالبيتهم يعملون في مؤسسات أميركية ويحصلون على أجور عالية لا يمكن مقارنتها مع العمالة الوافدة وحتى العمالة المحلية الأردنية.

من جانب آخر، يكثر الحديث مؤخراً عمّا يسمى "ثقافة العيب"، في إشارة إلى عزوف شباب أردنيين عن امتهان مهن معينة كانت من نصيب عمال وافدين، مثل حراسة المساكن والخياطة والعمل في مطاعم شعبية، بالإضافة إلى عمالة محطات الوقود، وغيرها من المهن البسيطة ذات الأجور المتواضعة.

وبالرغم من أن ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية في الأردن، خصوصاً في صفوف سكان المحافظات، وليس العاصمة عمان، إلا أن هذا التحدي لم يحمس فكرة امتهان أردنيين لمهن يمتهنها وافدون.

مدير أحد المطاعم الشعبية في العاصمة عمان، يؤكد على فكرة رسوخ ثقافة العيب في المجتمع الأردني، معمما وجهة نظره بأن الأردنيين "لا يقبلون العمل في مهن يعمل فيها وافدون"، مستشهداً بمطعمه الذي يعمل فيه مصريون وسوريون فقط.

أما الباحث الاجتماعي، حسين محادين، فإنه ينفي ما يشاع في الوسط الأردني عن "ثقافة العيب" فيما يتعلق بعزوف أردنيين عن مهن العمالة الوافدة، ويقول: "لا توجد ثقافة عيب بهذا الخصوص من حيث المبدأ"، موضحاً أنه توجد تفضيلات للأردنيين الباحثين عن عمل، مثل توفير ساعات عمل محددة وأجور مكافئة لمهاراتهم، لكن آلية السوق المفتوحة بعد دخول الأردن الخصخصة في منتصف التسعينيات جعلت العمالة الوافدة منافساً غير عادل".

لذلك، فإن الأردنيين، كما يضيف محادين، "لا يستطيعون الدخول في تلك المنافسة لأسباب مرتبطة بمهارات العمالة الوافدة لا سيما مع ساعات العمل الطويلة والقدرة على تحملها، بالإضافة الى أن أجور العمالة الوافدة عالية مقارنة مع أجور بلدانهم، تماما كما يحدث مع الأردنيين العاملين في الخارج. فهذه شبه دوامة لا تنتهي، إذ نجد الشاب الأردني متوجهاً إلى إحدى دول الخليج العربي لنيل فرصة عمل تفي بما تتطلبه معيشته في الأردن، بينما يتوافد إلى العاصمة الأردنية مئات، بل وآلاف، العمال واللاجئين الشباب من سورية والعراق للبحث عن بعض استقرار في الأردن افتقدته بلادهم.


(الأردن)

المساهمون