العراق يرفع إنتاجه النفطي ويطالب بحصّة في "أوبك"

العراق يرفع إنتاجه النفطي ويطالب بحصّة في "أوبك"

05 مارس 2014
زيادة سريعة في انتاج بلد الرافدين تفاجئ اوبك
+ الخط -

يستعيد العراق موقعه كأسرع مصدري النفط نمواً في العالم، وهو ما يعوّض المستهلكين عن توقف بعض الإمدادات الليبية وقد يجدد الصراع على الحصص الانتاجية داخل منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في المستقبل. وكان وزير النفط العراقي، الشهرستاني، قد قال في تصريحات، الشهر الماضي، إن بلاده تعدّ لأخذ حصة  في "أوبك". وهو ما يعني أن بعض المنتجين الكبار ربما يضطرون لخفض إنتاجهم لإتاحة المجال للحصة العراقية. وبالرغم من تصاعد العنف بسبب تداعيات الحرب الدائرة في سوريا، فمن المرجّح أن يسجل العراق ـ ثاني أكبر منتج في أوبك ـ إحدى أكبر القفزات السنوية في تاريخ إنتاجه النفطي، إذ تعمل  شركات "بي.بي" و"إكسون موبيل" وشركات أخرى على تطوير حقوله الجنوبية التي لم تصل إليها الاضطرابات.

وبعد إزالة كثير من الاختناقات في قنوات التصدير في مرافئ البصرة الجنوبية ـ التي يصدّر العراق منها الغالبية العظمى من إنتاجه ـ من المتوقع أن تواصل بغداد التصدير بالوتيرة التي سجلتها في فبراير/ شباط البالغة 2.8 مليون برميل يومياً، بزيادة 500 ألف برميل يومياً عن الشهر السابق أو ربما تتجاوزها، وذلك حسب وكالة رويترز.

وقال مسؤول كبير في شركة نفط كبرى تعمل في العراق: "العراق يبذل قصارى جهده لتصدير أكبر كمية ممكنة، والأمور تتحسن". وبعدما شهد العراق تباطؤاً في العام الماضي، يتوقع الكثير من العاملين في القطاع النفطي تسجيل زيادة كبيرة في 2014 في البلد الذي يملك خامس أكبر احتياطيات نفطية في العالم. وقال مسؤول في شركة نفط غربية أخرى تعمل في العراق: "نعتقد أن المتوسط هذا العام سيكون حوالى 2.9 مليون برميل يومياً، لذلك قد نسجل في النصف الثاني من العام أكثر من ذلك المستوى بقليل".

وإذا استطاعت بغداد الحفاظ على الصادرات عند مستوى 2.8 مليون برميل يومياً، فقد تتضخم إيراداتها إلى أكثر من 100 مليار دولار عند سعر للنفط قدره 100 دولار للبرميل. ومع متوسط للصادرات يقل قليلاً عن 2.4 مليون برميل يومياً العام الماضي، جنى العراق 89 مليار دولار. ولم يؤثر ارتفاع الصادرات العراقية على أسعار النفط حتى الآن، بل إنه يلقى ترحيباً من دول أخرى أعضاء في منظمة البلدان المصدّرة للبترول (أوبك)، لأنه يعوّض عن إمدادات متوقفة من ليبيا وانخفاض في الصادرات الإيرانية بسبب العقوبات الغربية.

وقال مندوب دولة خليجية في أوبك: "ما دام سعر برنت 100 ـ 110 دولارات، فلا مشكلة لدى أوبك وسترحب بالإمدادات الزائدة من العراق.. نفطهم مطلوب". واتفق معه مندوب آخر، لكنه أشار إلى أن هذه النظرة قد تتغيّر إذا تعافى الإنتاج في دول أخرى، وقال: "حين يستقر الوضع في ليبيا ويصل الإنتاج إلى 1.5 مليون برميل يومياً ويعود الخام الإيراني، سيكون لذلك تأثير على الأسعار، لكن ليس في الوقت الراهن".

وتعمل شركات نفط عالمية كبرى على تطوير الحقول الجنوبية العملاقة في العراق ـ وهي الرميلة الذي تشرف على تطويره شركة "بي.بي" وغرب القرنة 1، الذي تديره "إكسون"، والزبير الذي تطوره "إيني" ـ منذ أن وقعت سلسلة عقود خدمات مع بغداد في 2010. وبفضل تلك المشروعات التي دخلت عامها الخامس، وضع العراق مستوى مستهدفاً للصادرات عند 3.4 ملايين برميل يومياً لعام 2014 تشمل 400 ألف برميل يومياً من منطقة كردستان، وهو ما يعني أن الإنتاج الإجمالي يصل إلى أربعة ملايين برميل يومياً شاملاً النفط الذي يستهلك محلياً.

ولا يزال خبراء النفط يعتبرون ذلك المستوى متفائلاً. لكن العراق يعاود النمو بفضل زيادة طاقة التصدير في البصرة وارتفاع الإنتاج في حقل مجنون الذي تديره "شل" وحقل حلفاية الذي تديره "بتروتشاينا" في جنوب البلاد. وحين يبدأ تشغيل حقل غرب القرنة ـ 2، الذي تديره شركة "لوك أويل" قريباً، فمن المتوقع أن تواصل الإمدادات الارتفاع. ويعتبر الحقل ثاني أكبر مكمن غير مُستغَلّ في العالم. وتباطأ النمو النفطي في العراق العام الماضي بسبب مشكلات فنية وأمنية فضلاً عن الخلاف بين بغداد والإقليم الكردي شبه المستقل في الشمال. وقد يستمر تأثير تلك العوامل على وتيرة النمو. وتوقف الأكراد، الذين يتنازعون مع الحكومة المركزية في بغداد على حقوق استغلال النفط، عن تصدير الخام عبر الشبكة الوطنية قبل أكثر من عام. ويتعرض خط الأنابيب، الذي يمتد من الحقول العراقية الشمالية إلى تركيا، لهجمات تخريبية متكررة وهو ما يعطل الصادرات.

ولم يؤثر العنف المتصاعد على العمليات في الجنوب، لكن الشركات الغربية العاملة هناك تقول إن تدهور الوضع الأمني والانتخابات المقرر إجراؤها في نهاية ابريل/ نيسان، ربما ستبطئ الموافقة على عقود مهمة. وسقط في العراق العام الماضي أكبر عدد من القتلى المدنيين منذ بدء انحسار العنف الطائفي في 2008، إذ بلغ العدد حوالى ثمانية آلاف قتيل. وقالت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إن أكثر من 700 شخص قتلوا جراء أعمال العنف في العراق في فبراير/ شباط.

وبلغ إنتاج النفط العراقي، العام الماضي، حوالى ثلاثة ملايين برميل يومياً، بزيادة طفيفة عن 2012. وسمح التباطؤ في العراق وانخفاض الإنتاج الليبي والعقوبات المفروضة على إيران لدول أخرى في "أوبك"، ولا سيما السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، بتفادي تخفيضات كبيرة في الإنتاج.

وبفضل أسعار النفط المرتفعة، تمكنت "أوبك" على مدى سنوات، من إرجاء مسائل صعبة تتعلق بكيفية تقسيم الإنتاج بين الدول الاعضاء. ومن المتوقع أن تتغيّر نظرة المسؤولين المتساهلة مع النمو العراقي حين تعود ليبيا وإيران إلى سابق عهدهما.

وقال مصدر في "أوبك": "الإنتاج العراقي لم يسجل نمواً يذكر العام الماضي، لكن يبدو أنهم يحققون تقدماً هذا العام".

"مع تزايد الإنتاج العراقي ستظهر مسائل تتعلق بمَن قد يتعيّن عليه أن يخفض الإنتاج".

المساهمون