العراق: مشروع قانون الطوارئ يواجَه بحملة رافضة

العراق: مشروع قانون الطوارئ يواجَه بحملة رافضة

04 ابريل 2014
قانون السلامة العامة يقلق خصوم المالكي (getty)
+ الخط -

يشهد الشارع العراقي الكثير من السجالات حول ورود أنباء عن مصادقة مجلس الوزراء العراقي قانون الطوارئ، الذي أرسل إلى البرلمان بهدف المصادقة عليه وتشريعه رسمياً. وقد أعرب نواب وسياسيون عن قلقهم البالغ من القانون، الذي يتيح لرئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، صلاحيات مطلقة في إدارة البلاد وتعطيل الحريات وتفعيل الأحكام العسكرية في المناطق الملتهبة في العراق.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد صادق على هذا القانون، الذي سمي قانون السلامة الوطنية، بحسب المستشار الإعلامي للحكومة العراقية، علي الموسوي، الذي وصفه بأنه مهم لضمان استقرار العراق وحماية أبنائه.

ووفقا لمسودة القانون، يتمتع رئيس الوزراء صلاحية تنفيذ أحكام عسكرية وإغلاق الصحف والمطابع والقنوات الفضائية وفرض حظر التجوال وفرض قيود على المحال العامة والتجارية والنوادي والجمعيات والنقابات والشركات والمؤسسات والدوائر، فتحدَّد مواعيد فتحها وغلقها ومراقبة أعمالها ووضع الحراسة عليها وحلها أو إيقافها مؤقتا، إذا ثبت صلتها بالجرائم، كالقتل والسلب والاغتصاب والخطف والتخريب أو التفجير أو إحراق أو إتلاف الأموال العامة والخاصة وحيازة الأسلحة الحربية وعتادها أو صنعها أو نقلها أو تهريبها أو المتاجرة بها.

وقد رفض العديد من الأطراف السياسية خارج ائتلاف المالكي وكتلتي "الفضيلة" و"العراقية البيضاء" مشروع القانون المذكور. ووجّه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نقداً لاذعاً للحكومة يوم أمس الأربعاء، قائلاً "إن صوت السنة والشيعة سيعلو وأن ترهيب المناطق السنية بالقصف لم يعد يجدي نفعاً".

من جهته، قال رئيس "كتلة الأحرار" النيابية بهاء الأعرجي لـ"العربي الجديد" إن "قانون الطوارئ، الذي وصل إلى البرلمان من الحكومة، مقلق ومفاجئ، ويهدف إلى خلق أزمة جديدة في العراق، إذ اعتادت الحكومة على خلق الأزمات بين الحين والآخر".

وأوضح الأعرجي أن "القانون يمنح رئيس الحكومة صلاحيات أمنية وسياسية واسعة، تتزامن مع قرب إجراء الانتخابات، وهذا بحد ذاته خطر على العملية الديمقراطية في العراق".

وقال مقرر لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حامد المطلك، لـ"العربي الجديد" إن "اللجنة ستناقش القانون وفقا للنظام الداخلي، لكن من غير المتوقع أن ينال الأصوات الكافية لإقراره". وأضاف "نحن أصلاً في حالة طوارئ منذ سنوات طويلة، لكن توقيت إرساله إلى البرلمان يهدف إلى خلق أزمة جديدة وإشغال الشارع، ومنح المالكي صلاحيات كبيرة مع قرب إجراء الانتخابات". وأشار المطلك إلى "أن وضع العراقيل وخلق الأزمات أمام الانتخابات يكشف عن وجود نوايا لتأجيلها".

أما الخبير القانوني العراقي، عميد كلية الحقوق في جامعة الأنبار، وسام الجبوري، فقد اعتبر أن مشروع القانون وبنوده، "مستنسخ إلى حد كبير من قانون الطوارئ المصري والسوري".

وقال الجبوري إن "القانون يجيز لرئيس الوزراء التصرف بالأملاك العامة وإغلاق القنوات الخاصة وحظر المطبوعات وتنفيذ أحكام عسكرية على المدنيين، وتحويل رئيس الحكومة إلى قائد أعلى مطلق الصلاحيات دون الرجوع إلى البرلمان". وأضاف أنه في ظل اقتراب الانتخابات، فإن تمرير مسودة القانون "يصب في مصلحة المالكي وكتلته الانتخابية إلى حد كبير جداً".

ولا يتوقع أن يمرر القانون في البرلمان العراقي من قبل الكتل الرئيسية الأخرى، وذلك لأن إقراره يعني إعطاء المالكي الضوء الأخضر في إحكام سيطرته على مفاصل الدولة بشكل تام وتهميش أي دور للبرلمان.

ومن الواضح أن تمرير مسودة القانون يعني أن المالكي قد نجح في شق صفوف الكتل الرئيسية المعارضة، لانه لا يمكن ان تمرر هذه المسودة من دون موافقة الوزراء الذين ينتمون لهذه الكتل.

وبما أن المالكي يدرك انه من الصعب جداً إقرار مثل هذا القانون في البرلمان العراقي، في ظل السجالات والصراعات بين الكتل المعارضة، التي عادة لا تتفق على قانون أقل إثارة للجدل، مثلما حصل مع قانون الموازنة العامة الذي لم يمرر في البرلمان ولا يزال تحت المناقشة لعدة أشهر، فهذا يعني أن المالكي ربما ينوي فرض القانون بالقوة، ومن دون موافقة البرلمان، الذي يعتبره غير شرعي وسبق له أن هدّد بالطلب من المحكمة الاتحادية بحله.

كذلك، فإنّ تصريحات المالكي في الفتره الأخيرة تؤشر إلى أنه واثق جداً من الفوز بالانتخابات المقبلة، وتشكيل حكومة أغلبية، وهذا ما أكده يوم أمس الأربعاء، في خطابه الأسبوعي، وبالتالي ربما يريد رئيس الحكومة إعلان مشروع حكومته المقبلة من خلال هذا القانون، الذي من أولوياته "محاربة الإرهاب".

المساهمون