العراق: غضب شعبي واتهامات لوزارة الدفاع بممارسة التمييز الطائفي

العراق: غضب شعبي واتهامات لوزارة الدفاع بممارسة التمييز الطائفي

09 سبتمبر 2020
اعتبر مراقبون نشر طائفة المتقدمين للالتحاق بالكلية العسكرية تعزيزاً للطائفية (Getty)
+ الخط -

أثارت قوائم رسمية صادرة عن وزارة الدفاع العراقية، اليوم الأربعاء، ضمّت مئات الأسماء المتقدمة للالتحاق بالكلية العسكرية وتحتوي على اسم طائفة كل متقدم، غضباً شعبياً واسعاً، حيث اعتبرت سابقة ترسخ الطائفية في العراق، وتهدد استقلالية المؤسسة العسكرية العراقية ووطنيتها.

الوثائق التي نشرتها وزارة الدفاع العراقية على منصاتها في مواقع التواصل، وسرعان ما قامت بحذفها وإعادة نشرها بعد إخفاء اسم طائفة المتقدم؛ اعتبرت تحدياً للمتظاهرين الذين طالبوا بالدولة المدنية وإنهاء المحاصصة الطائفية، كما تمّ اعتبارها دليلاً على أن التقسيم الديني بين أفراد المجتمع يُمارس كذلك داخل المنطقة الخضراء.

واعتبر عضو البرلمان العراقي باسم خشان، ذِكر مذهب المتقدمين للكلية العسكرية؛ "ترسيخاً للطائفية ويشكل خطورة على مهنية المؤسسة العسكرية، التي يجب أن يكون ولاؤها للعراق فقط، لا غير". مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك من يعمل على ترسيخ الطائفية والمذهبية في كل مؤسسات الدولة العراقية، كما أن هناك جهات وشخصيات سياسية تعتاش على هذا الأمر، فهي تعمل على التحدث باسم المذهب والمكونات بهدف كسب تعاطف المواطنين لغرض انتخابها تحت مزاعم وشعارات نصرة المذهب أو حماية المكوّن، وغيرها من الشعارات التي ترفعها بعض الجهات، لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، دون ممارسة عمل حقيقي لمصلحة مواطني أي مذهب أو قومية".

أعادت وزارة الدفاع نشر القوائم بعد إخفاء اسم طائفة المتقدم، الأمر الذي اعتبر تحدياً للمتظاهرين الذين طالبوا بالدولة المدنية

وشدد النائب العراقي على "ضرورة العمل على رفع هكذا كلمات تعمل على ترسيخ المذهبية، والتي تعمل على التمييز بين مواطن وآخر، خصوصاً أن هذا الأمر لم يصدر عن عبث، بل إن ذلك جاء موافقاً لأهواء الطبقة السياسية، التي حكمت البلاد بعد 2003، والتي تعتاش على الخلافات والصراعات الطائفية، لتحقيق أجنداتها وأجندات من تعمل لصالحه من الأطراف الخارجية".

فيما قال رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد، إحسان الشمري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "إعادة العناوين الثانوية مرة أخرى، لا تتوافق مع طبيعة النضج المجتمعي، الذي تجاوز تلك الخنادق الطائفية والقومية، وبات ينظر إلى الهوية الوطنية، على أنها هي الأساس والمحرك، بما يحقق مستقبلاً جديداً، بعيداً عن تلك الخنادق". مبيناً أن "نشر قوائم رسمية كُتب فيها مذهب المتقدمين للكلية العسكرية خطأ، وعلى كل المسؤولين تلافي مثل هكذا أخطاء، ترسخ الطائفية والمذهبية والقومية".
وأضاف الشمري أن "هناك خللاً في الدستور العراقي، فهو ذكر مراعاة المكونات، وقد ورد هذه حصراً في قضية المؤسسة الأمنية، فهناك إلزام دستوري لصدور هكذا قوائم تحمل مذاهب المتقدمين للكلية العسكرية، ولهذا يجب تعديل الدستور العراقي، فبناء المؤسسات العسكرية على أساس الهويات الثانوية والفرعية، سوف يخلّ في ولائها وعقيدتها الوطنية".

في المقابل، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاطع الركابي، في تصريح صحافي، إننا "نحاول قدر الإمكان رفع مسألة الطائفية وكلمة سني وشيعي وكردي وتركماني من التعاملات الرسمية، خصوصاً أن بعض الجهات في الدوائر الحكومية تحاول التركيز على هذا الأمر". لكنه برر الموضوع بالقول إنه في "وزارتي الدفاع والداخلية يوجد مفهوم التوازن بين المكونات، ولكن التوازن يجب أن لا يظهر على الورق، ويكون فقط من خلال المقابلات، ويكون التفاضل من خلال الكفاءة والواقع الذي تعيشه المحافظة ونسبة سكانها".
وأضاف أننا "لا نريد تكريس ظاهرة الطائفية التي أصبحت منتشرة في دوائرنا الحكومية، لا نريد التركيز عليها خاصة في الدوائر الأمنية، ويجب رفض المسألة، وسيكون لنا حديث مع الجهات المختصة لرفع هكذا فقرة من أي استمارات رسمية".

أما النائب عن محافظة نينوى أحمد الجبوري، فقد قال في تغريدة له وجهها إلى القائد العام للقوات المسلحة العراقية، مصطفى الكاظمي، "لجنة القبول لطلاب الكلية العسكرية (دورة 111) وعدد أعضائها 250 لم تلتزم بتوزيع المقاعد بعدالة على المحافظات بحسب نسبها، البصرة: صفر، الأنبار: صفر، ديالى: 23، القادسية: 15، بابل: 27، ذي قار: 15، نينوى: 8". وأضاف الجبوري: "نعترض على ذلك لأن اللجنة التزمت بتثبيت المذهب للطلاب، لذلك نطالب بفتح تحقيق".

أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أثار الموضوع غضباً شعبياً واسعاً، من قبل الناشطين المدنيين بشكل خاص. حيث قال مقدم البرامج الحوارية الإعلامي العراقي عدنان الطائي: "كيف ستكون له عقيدة عسكرية للوطن؛ وهو داخل للكلية بصفته شيعياً أو سنياً؟ أكيد ستصبح الطائفة لديه فوق الوطن، وأحزاب الطائفة فوق مؤسسات الوطن!".

وتساءل الناشط ياسر الجبوري قائلاً: "صار سنين نقول نحن إخوة ووطن واحد ودين واحد لله، بالنهاية تأتي وزارة الدفاع وتنشر أسماء المقبولين في الكلية العسكرية وتقول: هذا سني وهذا شيعي!".

كما قال مغرّد عرف عن نفسه باسم حجي كامل: "هل معقول ما نراه؟ هل هكذا هي العقيد العسكرية في وزارة الدفاع؟ أين الضباط الوطنيون من الوطن والولاء للوطن؟"، مطالباً بمحاسبة من وضع فقرة المذهب في قوائم المتقدمين إن "كنا في دولة تحترم نفسها".

أما الصحافي معن الجيزاني فقال: "إن تعامل الدولة العراقية مع العراقيين على أساس مذهبي وطائفي ومناطقي وحزبي ليس جديداً، هي ثقافة كرّسها النظام السابق واستمر عليها أبناؤه الغيارى من فلول البعثيين ومرتزقة المنطقة الخضراء! الغريب هو الصدمة التي شعر بها بعض العراقيين عندما علموا أن المؤسسة العسكرية خاضعة للمحاصصة المذهبية".