العراق: تراجع حظوظ السوداني لرئاسة الحكومة

العراق: تراجع حظوظ السوداني لرئاسة الحكومة

بغداد

عادل النواب

avata
عادل النواب
بغداد

محمد علي

avata
محمد علي
16 ديسمبر 2019
+ الخط -
يستعد المتظاهرون العراقيون، في ساحات وميادين بغداد ومدن جنوبي ووسط البلاد، لتصعيد جديد في احتجاجاتهم، قد تشمل مرة أخرى العودة إلى قطع الطرق وإغلاق دوائر حكومية، في حال تم فرض محمد شياع السوداني كرئيس لحكومة يجري التسويق لها بين الكتل السياسية على أنها ستكون مؤقتة وبمهام محددة، لحين إنجاز القانون الخاص بالانتخابات، ليصار بعدها إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

ومن المقرر أن تنتهي المهلة الدستورية، منتصف ليل غد الثلاثاء، على اعتبار أن كتاب البرلمان الذي كلف رئيس الجمهورية، برهم صالح، بالبحث عن رئيس حكومة صدر يوم الثاني من الشهر الحالي، غير أن كتلاً وقوى سياسية تروج، منذ أمس الأحد، أن المهلة تبدأ اعتباراً من وصول الكتاب إلى مكتب الرئيس العراقي لا من تاريخ صدوره، رغم أن المسافة بين مكتب البرلمان ومكتب رئيس الجمهورية هي شارعان، يتطلب مسيرهما خمس دقائق لإيصال الكتاب، وهو ما قد يتطلب توضيحاً من المحكمة الاتحادية باعتبارها السلطة الأعلى للبت في مثل هذه القضايا. وينص الدستور العراقي على مهلة قدرها 15 يوماً لتسمية رئيس حكومة جديد بدلاً من المستقيل، يتولى تقديمه رئيس الجمهورية للبرلمان للتصويت عليه، من دون أن يشرح ما المترتب عليه في حال خرق المهلة الدستورية، وهو ما عده خبراء دستور ثغرة جديدة تضاف إلى ثغرات الدستور وتخضع لتفسيرات وتأويلات السياسيين.

زعيم "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني الذي عاد مجدداً السبت الماضي إلى بغداد، وفقاً لمصادر سياسية عراقية تحدثت لـ"العربي الجديد"، يخوض مساعي متعددة الاتجاهات لإقناع عدة قوى لتمرير ترشيح محمد شياع السوداني لترؤس الحكومة الجديدة. مهمة سليماني، بحسب المصادر ذاتها، أقرب للفشل منها إلى فرض رؤية الإيرانيين بترشيح السوداني، بسبب تحفظ النجف وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والمتظاهرين على شخصية السوداني، خصوصاً بعد تلويح المحتجين بتصعيد جديد في حراكهم، معتبرين أن عودة حزب "الدعوة" للحكومة سيكون بمثابة انتكاسة للتظاهرات.

ووفقاً لنائب في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، فإن "السوداني تراجعت فرصه بشكل كبير خلال الساعات الماضية في أن يكون رئيساً للوزراء"، كاشفاً عن أن تحركات سليماني ومسؤول ملف العراق في "حزب الله" اللبناني، محمد كوثراني، باتت غير كافية لتمرير اسمه بسبب تحفظ النجف الذي أعطى حجة جديدة لقوى سياسية تتعرض لضغوط إيرانية منذ أيام للموافقة على السوداني، فضلاً عن رفض الصدر والشارع المتظاهر في بغداد والجنوب لترشيح السوداني. وأكد النائب أن "إشارات وصلت من مكتب المرجع الديني علي السيستاني في النجف، تفيد بوجوب اختيار شخص غير مجرب سابقاً ويكون الاختيار عراقياً من دون أي تدخّل خارجي، وهو ما اعتبر بمثابة رفض لترشيح السوداني"، مبيناً أن كتل تحالف "البناء"، التي رشحت السوداني، تراجع خياراتها الآن للبحث عن بديل. وأضاف "من ضمن أسباب تراجع حظوظ السوداني، إيصال رسالة أيضاً من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى الكتل السياسية الداعمة لهذا الترشيح، فيها تهديد واضح بانضمام أنصار التيار الصدري إلى الاحتجاجات، بدعوة علنية ومباشرة من قبل الصدر".




وأقر النائب عن "تيار الحكمة" أسعد المرشدي، في حديث مع "العربي الجديد"، بتراجع فرص السوداني لرئاسة الحكومة بعد تصدره المشهد خلال اليومين الماضيين، مبيناً أن السبب يعود إلى ضغط الشارع قبل كل شيء، معتبراً أن "السوداني لا تنطبق عليه المواصفات، فقد كان وزيراً في عدة حكومات، وكان ضمن كتلة سياسية ترأست الحكومة لثلاث دورات"، في إشارة إلى حزب "الدعوة الإسلامية". وأضاف "فيه مواصفات الكفاءة، لكن شروط المتظاهرين لا تنطبق عليه، بالإضافة إلى رفض الكتل السياسية الكبيرة والمؤثرة، كسائرون، والنصر، والحكمة، فهم أكدوا ضرورة وجود شخصية مستقلة". وأشار إلى أن "الاسمين الحاليين غير السوداني هما مصطفى الكاظمي (رئيس جهاز المخابرات الحالي)، وإبراهيم بحر العلوم، لكن بحر العلوم كان وزيراً سابقاً وأيضاً ينتمي إلى كتلة سياسية، ولهذا الآن فإن الأوفر حظاً بعد السوداني هو الكاظمي، لكن لا يوجد اتفاق بصورة نهائية عليه حتى الساعة".

وفي الناصرية، أسخن مدن التظاهرات جنوب العراق، قال الناشط سعد عواد إنهم "ينتظرون ما سيصدر عن المنطقة الخضراء ليحددوا خطوتهم المقبلة". وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أن "المرجو هو الإعلان عن حكومة مؤقتة لحين إنجاز قانون انتخابات عادل بشخص لم يشارك سابقاً في بوفيه الفساد المفتوح في السنوات الماضية"، كاشفاً عن أن "غير ذلك لن يكون جيداً، وسيعتبر انتكاسة تتطلب رداً جديداً قد يصل إلى حدود العصيان المدني وليس الإضراب فقط". وأوضح العضو في تنسيقيات ساحة اعتصام التحرير ببغداد، وهب ناجي، لـ"العربي الجديد"، أن "صورة السوداني رفعت ضمن الصور المعلقة على مبنى المطعم التركي كأسماء مرفوضة مسبقاً، فهو لا يمكن ائتمانه على مرحلة انتقالية، لا بما يتعلق بتأسيس محكمة للفساد ولا التحضير للانتخابات".

من جانبه، قال الصحافي والناشط في التظاهرات، منتظر الزيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "تكليف رئيس وزراء من قبل الطبقة السياسية سيكون عاملاً لتصعيد الاحتجاجات، وقوى الفساد تدرك ذلك جيداً"، مبيناً أن "كل ما يقرّه الفاسدون لا يعني المتظاهرين، وستبقى التظاهرات والاعتصامات إلى حين إسقاط آخر فاسد في العراق. ولهذا، فإن تكليف رئيس وزراء من قبل الطبقة السياسية الحالية لا يعني المتظاهرين". ورأى عضو الحزب الشيوعي العراقي، حامد الخياط، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "طرح اسم السوداني استهانة من الأحزاب والقوى السياسية، وقد تؤدي إلى انعكاسات خطيرة على الوضع الميداني"، مبيناً أن "على الإيرانيين رفع يدهم هذه المرة، وترك العراقيين يفعلون ما يريدون، لا ما يملى عليهم من خلال الكتل السياسية التي ترتهن لأمر إيران"، مضيفاً أن "الرفض الأكبر للسوداني لم يعد نابعاً من كونه وزيرا سابقا أو قياديا في حزب الدعوة بقدر ما استفز العراقيين عودة سليماني للعراق مجدداً ليرسم ما يريد ويفرض السوداني عليهم".

وحول المهلة الدستورية والمتبقي منها وسيناريو تجاوزها من دون تقديم مرشح من قبل رئاسة الجمهورية، قال الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، إن "المدة الدستورية لتكليف رئيس الوزراء تنتهي منتصف الثلاثاء"، مبيناً أنه "في حال عدم توصل الكتل السياسية إلى اتفاق على مرشح معين، تستمر حكومة عادل عبد المهدي في تصريف الأعمال لمدة 30 يوماً أخرى، وفي حال تم تجاوزها تنتقل السلطة التنفيذية بشكل مباشر إلى رئيس الجمهورية، ولمدة 30 يوماً تستمر فيها محاولات ترشيح شخص لرئاسة الوزراء". واعتبر أن "تجاوز مدة الـ15 يوماً الدستورية أمر غير مهم للكتل ولرئيس الجمهورية، فهم لديهم شهر إضافي لإيجاد بديل لعبد المهدي. وحتى إذا تم تجاوز مهلة الشهر، فربما يستمر عبد المهدي في مهامه، فالكتل السياسية تعودت على خرق تلك المدد وعدم الالتزام بها، خصوصاً أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي استمر في ذلك لمدة ثمانية أشهر". واعتبر أن "تجاوز تلك المدد ليس له قيمة قانونية عند الكتل السياسية، لكن في حال تجاوزت المدة واتخذت الحكومة أي قرار يمكن الطعن فيه أمام محكمة القضاء الإداري".

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

تطابقت شهادة العراقي طالب المجلي لـ"العربي الجديد" مع ما حمله تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشر اليوم الاثنين، بخصوص صنوف التعذيب والقتل التي تعرض لها سجناء عراقيون من أمثاله في سجن أبو غريب سيئ الصيت قبل نحو 20 عاماً.