العراق: احتدام الجدل بشأن تسليم رافع العيساوي نفسه للقضاء

احتدام الجدل السياسي حول تسليم نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق نفسه للقضاء

19 يونيو 2020
اتهام نوري المالكي بتلفيق التهم للعيساوي (تويتر)
+ الخط -
لا تزال قضية عودة نائب رئيس الوزراء الأسبق ووزير المالية السابق رافع العيساوي إلى العراق وتسليم نفسه للقضاء، بعد سبع سنوات من مغادرته البلاد إثر خلافات سياسية مع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي انتهت بتوجيه تهم تتعلق بـ"دعم الإرهاب" و"الفساد المالي"، تشغل الأوساط السياسية، بين مؤيد ومعارض، وآخر يقف على الحياد، على أمل أن يأخذ القانون مجراه في قضيته، التي يتفق غالبية العراقيين على أنها ملفقة من قبل المالكي، على غرار ملفات قضائية أخرى لشخصيات معارضة للمالكي.

وأعلن مجلس القضاء الأعلى عن توقيف العيساوي بعدما سلّم نفسه، قائلاً في بيان، إن "القاضي المختص بالنظر في قضايا جهاز مكافحة الإرهاب قرر (الثلاثاء توقيف المتهم رافع العيساوي، وفق أحكام قانون مكافحة الإرهاب، لإجراء التحقيق معه عن الجرائم المتهم بها بعد أن قام المتهم المذكور بتسليم نفسه إلى جهات التحقيق المختصة".

وتابع البيان أن العيساوي سبق أن صدرت بحقه أحكام غيابية بالسجن عن جرائم فساد إداري عندما كان يشغل منصب وزير المالية، لافتا إلى أن "هذه الأحكام في حال الاعتراض عليها سوف تعاد محاكمته عنها حسب أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تجيز للمحكوم غيابيا بالسجن الاعتراض على الحكم ومحاكمته مجددا حضوريا وفق القانون".

والجمعة، طالب القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، بمقاضاة الرافضين لعودة العيساوي، الذي يمثل أمام القضاء على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.

وغرّد النجيفي، عبر "تويتر"، قائلاً إن "الذين رفضوا عودة رافع العيساوي وتمكينه من الدفاع عن نفسه بلا ضغط سياسي ولا تلفيق فاسد، يجب أن يحاكموا بتهمة منع حقه في التقاضي لـ8 سنوات"، مبيناً أن ذلك "حق تكفله كل التشريعات الدولية".

أما رئيس تحالف "تمدن" فائق الشيخ علي، فقال: "سأقول كلاماً أنا مسؤول عنه أمام الله والتاريخ. بحكم مسؤوليتي النيابية عضواً في اللجنة القانونية ورئيساً لها لاحقاً وعضواً أيضاً حالياً، اطلعت على ملفات قضايا السياسيين السُنّة العراقيين.. فوجدت معظمها كيدية وملفقة وكاذبة، افتعلها ضباط بالسلطة تزلفاً وتقرباً إلى رئيس الوزراء المالكي!".

من جهته، بيَّن أبو آلاء الولائي، وهو زعيم مليشيا كتائب سيد الشهداء، الموالية لإيران، موقفه عبر "تويتر"، قائلاً: "إلى متى يتجاهل الساسة آلامَ وجراح ذوي الشهداء؟ لن نسمح بعودة القتلة سوى أن تكون عودتهم للقصاص وتهدئة عيون الأمهات، فلا العيساوي ولا الهاشمي لهما الحق بالعودة لوطنٍ قتلا أبناءه ويتّما أطفاله. على القضاء أن يثأر للمغدورين، هكذا سيشعر العراقيون أنهم في بلد دماؤهم فيه مصانة وكرامتهم محفوظة".

وعبر "فيسبوك"، كتب الخبير بالشأن العراقي هشام الهاشمي: "حاولت الأحزاب المسيطرة أن تقنع العراقيين بأن الملفات السياسية الطائفية تميز الأخيار من الأشرار، وأنه في كل ملف يدفع إلى المحكمة يعامل بعدالة. ‏ولكن كل من تابع قصة رافع العيساوي يؤكد براءته وأن الملفات التي أعدت بالضد منه والتي طعنت بنزاهته، كانت غير مكتملة، وتحتاج إلى ما يثبت صحتها".

بدوره، رأي الناشط المدني محمد عبد الله أنه "إذا ثبتت براءة رافع العيساوي وطارق الهاشمي وغيرهما، ألا يجدر بنا المطالبة بمحاكمة نوري المالكي بتهمة إلصاق التهم بصورة كيدية؟".

ومن المتوقع أن يعيد القضاء العراقي النظر في الأحكام القضائية التي طاولت شخصيات سياسية من المكون العربي السني، في إطار حملة تسويات يقوم بها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي. ومن بين تلك الشخصيات نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي، المحكوم بالإعدام بتهم "إرهاب وقتل مواطنين عراقيين"، إضافة إلى محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، على خلفية سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم "داعش".

وكان الخبير القانوني طارق حرب قد قدّر أن يكون قرار القضاء العراقي بحق رافع العيساوي هو الإفراج عنه، في حال قدم الأخير أدلة ووثائق تظهر براءته، مبيناً في تعليقٍ وزعه على صحافيين، أن "المحكومين بالسجن مدة تزيد على 5 سنوات غيابياً، كحالة السيد رافع العيساوي، منحهم قانون أصول المحاكمات الجزائية (الرقم 23 لسنة 1971) النافذ حالياً، امتيازاً قانونياً يتمثل بوجوب إعادة محاكمتهم مجدداً عند تسليم أنفسهم أو القبض عليهم بصرف النظر عن الحكم السابق الذي يعتبر من الوجه القانوني (ملغياً) طالما تم التسليم أو القبض".

وأضاف أن "العيساوي بانتظار حكم جديد من المحكمة بعد محاكمة جديدة وحكم جديد يعتمد على الجديد من أدلة ووثائق ومستندات وشهادات وإفادات ودفوع وإفادة جديدة للمحكوم سابقاً وغيابياً، لكي تتولى المحكمة إصدار حكم جديد بدلاً من الحكم السابق، كالإفراج لعدم كفاية الأدلة".

ويتحدر العيساوي من محافظة الأنبار، وبدأ العمل السياسي بعد احتلال العراق عام 2003 كأحد قيادات "الحزب الإسلامي"، الجناح السياسي لحركة "الإخوان المسلمين" في العراق، وتولى مناصب عدة في الحكومات المتتالية، لتنتهي علاقته بالسلطة عام 2013 حين أعلن انضمامه للمنتفضين ضد حكومة المالكي بساحات الاعتصام في محافظة الأنبار، معلنا استقالته من وزارة المالية، بعدها غادر إلى إقليم كردستان العراق، ثم إلى خارج البلاد.

المساهمون