العراق: "داعش" يتحصّن في بيجي تحسباً لمعركة الموصل

العراق: "داعش" يتحصّن في بيجي تحسباً لمعركة الموصل

29 سبتمبر 2015
قُبيْل انسحاب المليشيات من بلدة بيجي(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
مع بدء تحركات القوات الأميركية بالتنسيق مع الجيش العراقي وأبناء العشائر لتحرير محافظة الأنبار، تسرّبت معلومات عن اقتراب معركة تحرير مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، يعقب تحرير الأنبار، الأمر الذي دفع تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) إلى العمل على تحصين بوابة الموصل، ألا وهي بلدة بيجي.

وتعد بلدة بيجي شمال محافظة صلاح الدين، بوابة محافظة الموصل من جهتها الجنوبية. وتخلو هذه البلدة من القوات الأميركية، الأمر الذي سهّل على التنظيم التحكّم فيها، بعدما فشلت مليشيات "الحشد الشعبي" في تحريرها، واضطرت إلى الانسحاب منها. ويؤكّد مراقبون، أنّ "داعش" يسعى إلى نقل المعركة المرتقبة (معركة الموصل) من داخل المدينة إلى بيجي، لتكون "دولته" في مأمن عن الخطر، وسيبذل التنظيم كل ما في وسعه لحماية البلدة وتحصينها.

يقول عضو في مجلس محافظة الموصل لـ"العربي الجديد"، إنّ "داعش يتحرّك داخل المدينة بصمت، ويعمل على تحصين مركز خلافته فيها من أيّ خطر مرتقب، مع تيقّنه بأنّ المعركة قريبة وبقيادة أميركيّة". ويوضح أنّ "التنظيم يجري تنقّلات واستعدادات كبيرة بين قطعاته، ويركّز على تقوية أطراف المحافظة من معظم جهاتها، مع تأمين طريق الموصل ــ سورية، لإيصال الإمدادات والدعم العسكري إلى المحافظة".

ويشير العضو في مجلس الموصل (طلب عدم ذكر اسمه)، إلى أنّ "كافة التحركات التي يجريها التنظيم، توحي بأنّه لا يخشى على مركز محافظة الموصل من أيّة معركة، فهو لم يتّخذ أية إجراءات تحصينية، ولم يركّز أي وجود لقواته فيها، بل على العكس تماماً، فقد سحب معظم قطعاته منها، وأبقى على أعداد بسيطة تتحرّك داخل المدينة". ويؤكد أنّه "على الرغم من محاولة التنظيم الحفاظ على سرّية تحركاته الميدانيّة، إلّا أنّ تنقلاته الكبيرة لا يمكن له إخفاؤها. فقد نقل التنظيم قطعات عسكرية كبيرة إلى بيجي، بالإضافة إلى معدات ثقيلة ومتوسطة"، مبيناً أنّ "داعش يسعى إلى نقل المعركة خارج حدود الموصل".

اقرأ أيضاً: "الأباتشي" الأميركية تحسم معارك في الأنبار لصالح العشائر

من جهته، يوضح عضو مجلس بيجي المحلي، غسان جبارة، أنّ "التنظيم أدخل قطعات كبيرة إلى البلدة خلال الأيام القليلة الماضية"، مشيراً إلى أنّ "بلدة بيجي لم تصمد بيد القوات الأمنية والحشد الشعبي، بسبب سوء إدارة المعركة، الأمر الذي دفع الحشد إلى الانسحاب بعدما عجز عن إحراز تقدّم فيها"، مبيّناً أنّ "داعش بدأ أخيراً بإجراء تحصينات كبيرة داخل البلدة، للحفاظ على المناطق الخاضعة لسيطرته، ومن ثم السيطرة على المناطق الأخرى". ويؤكد جبارة في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "داعش يقيم السواتر الترابية يومياً، وينشر قطعاته بأماكن شبه ثابتة في أطراف المناطق التي يسيطر عليها، فضلاً عن وجود قواته القتالية المتحركة التي تنفّذ هجمات بين الحين والآخر".

ويلفت إلى أنّ "هذه التحصينات تشير إلى تغيّر كبير في استراتيجية داعش القتاليّة، إذ إنّ التنظيم كان يعتمد على أسلوب الكر والفر في معاركه، ولا يتحصّن بهذا الشكل في مواقعه. وطوال الفترة السابقة، لم يكن له قطعات ثابتة في ساحة المعركة، بل كلّها متحرّكة، وكانت تقوم بهجمات في بعض الأماكن وتنسحب من أخرى، حتى أنهكت قوى القطعات الأمنيّة والحشد". ويعرب جبارة عن قلقه من تقدّم "داعش" خلال هذه الفترة، وسيطرته على مناطق أخرى من بيجي، "فهو يحاول إحكام سيطرته على البلدة بشكل كامل".

من جهته، يرى اللواء في الجيش العراقي السابق، الخبير العسكري سعد ناجي، أنّ "داعش لديه رؤية، واستراتيجية ميدانية لا يستهان بها". ويقول ناجي لـ"العربي الجديد"، إنّ "داعش، من خلال نقل قطعاته إلى بيجي وعدم تكثيف وجوده داخل الموصل، يسعى إلى تحقيق هدفين: الأول هو عدم تأليب الشارع ضدّه في الموصل من خلال نقل المعركة خارج المدينة". أمّا الهدف الثاني، فهو عسكري، إذ إنّ "داعش سيحافظ على مركز وجوده في العراق بعيداً عن أيّ خطر، كما أنّ المعركة في بيجي ستكون أيسر عليه من الموصل"، مبيّناً أنّ "بيجي تضم بنى تحتية كبيرة للعراق، ومنها مصفاة النفط ومحطّة توليد الكهرباء، ولا يمكن للطيران الأميركي تكثيف ضرباته عليها، لما لها من تأثيرات اقتصادية كبيرة على البلاد".

ويتابع، أنّه "فضلاً عن ذلك، فإنّ التنظيم، ومن خلال تأمينه الموصل، سيؤمّن خطوط إمداده من سورية إلى بيجي، الأمر الذي سيطيل زخم المعركة"، مرجّحاً أن "يستغل داعش الوقت، وبعد أن ينهي تحصيناته، سيتحرك للسيطرة على مصفاة بيجي بشكل كامل، وعلى أحياء البلدة الأخرى". وينتقد الخبير العسكري، "عجز القوات العراقيّة عن التحرّك في جبهات عدّة، وأنّها لا تستطيع سوى الاستعدادات لمعركة الأنبار"، مشيراً إلى أهميّة "تحريك قطعات عسكرية إلى بيجي لإشغال التنظيم ووقف تحركاته ومخططاته".

اقرأ أيضاً: مطالبات كردية بتدخّل أميركي لتحرير الموصل

المساهمون