السيسي يورّط العمالة المصريّة في ليبيا

السيسي يورّط العمالة المصريّة في ليبيا

26 مارس 2015
عمالة مصرية عائدة من ليبيا عبر تونس (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -

لا يزال النظام المصري غير قادر على حل أزمات العمالة المصرية في ليبيا، أو حتى العمالة التي تمكنت من العودة إلى مصر من خلال توفير فرص عمل لهم، وخاصة أن سياساته تجاه الفصائل المتحاربة هناك ورّطت العمالة في صراع لا يخصها.

ويظل ملف العمالة المصرية في ليبيا صداعاً في رأس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،

خاصة عقب ما تعرضت له تلك العمالة بفعل الأحداث المضطربة داخلياً هناك، على خلفية مواجهات مسلحة بين أطراف عدة.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، وتحديداً منذ بداية ظهور اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المشهد الليبي، وقرار السيسي بدعمه بشكل كبير في مواجهته لجماعات مسلحة شاركت في الثورة على نظام القذافي.

وبلغت ذروة الاعتداءات التي وقعت على العمالة المصرية، في فبراير/ شباط الماضي، حيث نحر تنظيم "الدولة الإسلامية" في طرابلس، ويعرف بـ"ولاية طرابلس"، 21 مصرياً اختفوا داخل ليبيا في أوقات سابقة.

واستدعت عملية نحر المصريين ـ معظمهم مسيحيون ـ رداً مصرياً من خلال ضربة جوية على معاقل تنظيم الدولة في درنة، والتي تبعد كثيراً عن مكان تنفيذ عملية نحر المصريين.

وقبل بضعة أيام، فوجئت وزارة الخارجية المصرية باختفاء عمالة في ليبيا، يعتقد بأنهم كانوا في الطريق إلى إيطاليا عبر الأراضي الليبية، بطريقة غير شرعية، واختلفت التقديرات حول عدد المفقودين الذي يراوح بين 26 إلى 46 شخصاً.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير بدر عبد العاطي: إن الوزارة تبذل جهوداً متواصلة لحل أزمة المصريين المفقودين في ليبيا، مشيراً إلى أن مشكلة المفقودين أنهم خرجوا في إطار هجرة غير شرعية.

وتعود تفاصيل عملية الاختفاء، التي لا تعرفها وزارة الخارجية، حتى قبل أيام قليلة، إلى انقطاع الاتصال بين المفقودين وذويهم منذ بداية سبتمبر/ أيلول.

اقرأ أيضاً:
عمال مصر: الهروب من "داعش ليبيا" إلى معاناة البطالة

وقال رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، نجيب جبرائيل: إن الخارجية المصرية لم تكن لديها أي معلومات حول فقدان هذا العدد من المصريين في ليبيا حتى السبت، في المقابل، قال دبلوماسي مصري: إن أزمات العمالة المصرية لن تحل بين يوم وليلة، مشيراً إلى أن عملية حصر العمالة في ليبيا معقدة وتحتاج وقتاً طويلاً وتعاوناً بنّاءً مع أجهزة الدولة كافة، فضلاً عن تعاون مع أجهزة ليبية.

وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة الكبرى هي عدم وجود دولة بشكل محدد في ليبيا، وهو ما يصعّب إمكانية معرفة عدد العمالة المصرية هناك، فضلاً عن عدم القدرة على إخلاء المصريين بسهولة، لأن الطرق بين المدن طويلة جداً وتسيطر عليها جماعات كثيرة.

وتابع: "الضربة الجوية على معاقل داعش، كان لها مردود سيئ على العمالة المصرية هناك،

من حيث التضييقات عليهم في التنقل، أو حتى في العمل، وباتت، ربما، هناك حالة من الغضب الشعبي ضد النظام الحالي".

وأكد أنه مع إخلاء العمالة من ليبيا، فكيف ستوفر لهم الدولة مأوى وعملاً وأموالاً حتى يجدوا عملاً مناسباً، لافتاً إلى أن معظم من سافر كان بطريقة غير شرعية، وهو ما يصعّب عملية الحصر بشكل دقيق.

ومنذ قرار النظام المصري إخلاء العمالة المصرية في ليبيا عبر جسر جوي في تونس ومنفذ

السلوم الحدودي بين مصر وليبيا، تشير التقديرات الرسمية إلى وصول نحو 40 إلى 45 ألف مصري من ليبيا عقب نحر "داعش" 21 مصرياً.

بيد أن العدد الذي وصل إلى مصر لا يعد قليلاً جداً مقارنة بالتقديرات شبه المؤكدة الرسمية من قبل الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، والذي قدّر عدد المصريين العاملين في ليبيا بنحو مليون شخص. لكن تقديرات أخرى غير رسمية تقدّر العدد بنحو 1.5 مليون شخص مع تزايد ظاهرة دخول المصريين إلى ليبيا بطريقة غير شرعية.

وفي حين أعلنت الحكومة المصرية عن تشكيل مجموعة عمل لحل أزمة العمالة المصرية الوافدة من ليبيا وتوفير فرص عمل لهم، لم تتمكن حتى الآن، على الرغم من مرور ما يزيد عن شهر تقريباً من بدء وصول وفود العمالة من هناك، من توفير فرص عمل بديلة.

وكانت وزيرة القوى العاملة قد أكدت أن الوزارة اتخذت العديد من الإجراءات الفورية في هذا الخصوص، فضلاً عن تشكيل غرفة عمليات لمتابعة جميع الإجراءات التي اتخذتها الوزارة وحصر أعداد العمالة العائدة أولاً بأول.

واكتفت الوزارة فقط بتوفير استمارات الحصر المجانية التي وفرتها للعائدين، ويتم ملء بياناتها من قبل العامل أو صاحب العمل، وتاريخ دخوله مصر، ومغادرة ليبيا، فضلاً عن مهنته واسم المنشأة، ونوع الضرر الذي أصابه من ممتلكات أو فقدان للدخل، والحسابات المصرفية، ويحدد فيها قيمة الضرر الذي وقع عليه من جراء المغادرة الاضطرارية بالمستندات الدالة على ذلك، للمطالبة بالتعويضات الخاصة بهم عندما تتاح الظروف بذلك وتستقر الأوضاع في ليبيا.

ويوفر العمال المصريون في الخارج ثاني أكبر مصدر للنقد الأجنبي، ووصلت تحويلاتهم العام

الماضي لحدود 20 مليار دولار.

وعن مشاكل العمالة المصرية فقط دون غيرها في ليبيا، أكد الخبير الاستراتيجي والعسكري، عبد الحميد عمران، أن السبب في استهداف هذه العمالة هو وقوف النظام المصري في صف طرف ليبي دون باقي الأطراف.

وقال عمران، لـ"العربي الجديد": إن النظام الحالي يدعم حكومة طبرق فقط ومليشيات حفتر، الذي بات وزيراً للدفاع، دون باقي الفصائل، وهو ما تسبب في استهداف باقي الفصائل المتناحرة للعمالة المصرية هناك.

وأضاف أن النظام المصري الحالي كان عليه حساب المخاطر التي تعود على المصريين في ليبيا قبل اتخاذ خطوات على الأرض أو توجيه ضربة عسكرية.

ولفت إلى أن مصر قلقة من انتشار وتمدد جماعات تكفيرية على الحدود معها، وبالفعل كانت تدعم تدخلاً عسكرياً، ولكن تراجعت عنه. كل هذه الأمور صعّبت وجود العمالة المصرية في ليبيا.


اقرأ أيضاً:
توفير عمل للعائدين من ليبيا: استهلاك إعلامي

دلالات

المساهمون