السيسي باكياً

السيسي باكياً

29 أكتوبر 2015
الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي (أرشيف/Getty)
+ الخط -
في سيارة أبسط ما يميّزها أنها مملوكة لرجل بثراء وسلطة حاكم دبي محمد بن راشد، جال السيسي في مدينة دبي المتحضرة، وبينما انشغل بعض الجالسين في ضيافة أحد الزملاء، خلال مشاهدة اللقطات التي أذاعتها وسائل الإعلام، بدلالات هذه الضيافة الاستثنائية، كنت أترقب في صمت ملامح وجه السيسي، على أمل أن تخدعه دموعه هذه المرة فنراها، كما يراها مريدوه.
توقعت أن يتأثر الرجل بروعة شوارع مدينة أسستها عائلة، حرفيا، قبل 130 عاماً على الأكثر، بمساعدة أشخاص لا تتجاوز أعدادهم المئات، فيما تغرق مدينة يرجع تاريخها للقرن الرابع قبل الميلاد، في وحل الفشل الإداري لفتيانه المدللين، ومساعديه الجنرالات من القائمين على شؤون الإسكندرية. لعل الإسكندر الأكبر بكى في قبره على حال المدينة الشامخة.
على العكس، بدا السيسي مندهشا بجمال ما رأى، دون أن يعقد عقله أية مقارنات بين ما حل إليه وما تركه وراءه من خراب.
والسؤال، إن كان السيسي لا يبكي على أحوال عشرات آلاف الأشخاص تضرروا جراء السيول التي ضربت الإسكندرية، منهم من فارق الحياة، ومنهم من تضرر منزله الذي يؤويه وتجارته التي يتكسب منها قوت يومه، فمتى يبكي؟
إن رجلا قتل في سبيل اعتلاء كرسي السلطة، الآلاف من خيرة شباب مصر، وزجّ بما يربو على خمسين ألف شخص إلى غياهب السجون، لا يمكن بأي حال أن تأخذه شفقة بموت أشخاص أو خراب ديار، لأسباب يعتقد في ذاته أنها "إلهية" أو قدرية بحتة.
لا يرى السيسي أن قرابة الـ 35 مليون مصري دون خط الفقر، يستحقون بذل العناء لسد جوعهم، فهذا الشعب "اتدلّع كتير"، وفق تعبيره في أحد اجتماعات مجلس الوزراء وقت أن كان وزيرا للدفاع في حكومة الدكتور هشام قنديل.
أما صفوف البطالة التي تستوعب بين خطّيها الغليظين ما يقرب من سبعة ملايين مصري أكثرهم من الشباب، فهؤلاء غير مرحّب بهم في المجتمع، إذ لا فرص عمل ولا دعم مالي لإعانتهم على تسيير حياتهم لحين تحصيل وظيفة، كما هو الحال في أغلب دول العالم، ولا مناخ استثماري يشجّع على جذب رؤوس الأموال الأجنبية التي توفّر بدورها وظائف للعاطلين.
حتى الفرص التي طرحها السيسي ونظامه للعاطلين، تبدو رغم منافاتها للمنطق، غير متاحة، إذ لم يوفر الجنرال، إلى الآن الألف سيارة خضار التي وعد بأنها ستحل أزمة البطالة لملايين الشباب، حتى التكاتك التي شجعت الحكومة الشباب الجامعي على استغلالها في كسب الرزق، تلاحقها الحكومة حيثما وجدتها.

اقرأ أيضا: بالفيديو.. توك توك بشري في مصر مقابل جنيه للفرد