السياحة الطبية... ثروة تركيا التي عطّلها كورونا

السياحة الطبية... ثروة تركيا التي عطّلها كورونا

23 يوليو 2020
إجراءات أساسية للوقاية من كورونا (مصطفى شفتجي/ الأناضول)
+ الخط -

عطّل كورونا حلم تركيا بإيصال واردات السياحة الطبية إلى 20 مليار دولار بحلول عام 2023، فبعد استقبالها نحو مليون سائح للعلاج العام الماضي، أرجأ كورونا الحلم، فردّت بمستشفيات جديدة وإغراءات

يتوقع مدير شركة "أونجو أنقا" المتخصصة بحجوزات السياحة الطبية في تركيا، إياد الأسود، أن يعود توافد السائحين من أجل العلاج بدءاً من أغسطس/ آب المقبل، لكن من دون أن يكون الزخم كالسابق، خصوصاً العام الماضي، الذي استقبلت فيه البلاد نحو مليون سائح للعلاج، وكانت تعوّل على وصول الواردات من هذا القطاع إلى 20 مليار دولار أميركي، في مئوية الجمهورية عام 2023. يربط الأسود، في حديثه إلى "العربي الجديد"، نشاط هذا القطاع بعودة الطيران ومدى الطمأنينة والتسهيلات التي ستقدمها تركيا. وبحسب الأسود، اللافت هو أنّ الحجز بدأ من الدول الأوروبية والولايات المتحدة قبل الدول العربية، مبرراً الأسباب برخص تكاليف عمليات التجميل في تركيا وجمال طبيعتها، ويقول: "يأتي السائح فيجري عملية التجميل ويزور المواقع السياحية، ولا يكلفه ذلك نصف ما سيدفعه في أوروبا أو الولايات المتحدة، فهنا زراعة الشعر في مركز مرخص وموثوق لا تزيد عن 2500 دولار في حين تتجاوز 10 آلاف دولار بالدول الأوروبية وأكثر من ذلك في الولايات المتحدة".

وبدأت تركيا تعمل على تعزيز قطاع السياحة الطبية بالتزامن مع إعادة الفتح التدريجية وعودة الحياة إلى طبيعتها، فافتتحت مستشفيات عدة خلال تفشي فيروس كورونا، وأعدت، بحسب مراقبين، كلّ ما يلزم لتستمر بحملتها للوصول إلى الصدارة في هذا القطاع، إذ توقع وزير الصحة التركي، فخر الدين قوجا، أن تشهد بلاده قفزات حقيقية في مجال السياحة الطبية من خلال إنشاء المدن الطبية. وأشار وزير الصحة إلى أنّ بلاده حققت تقدماً كبيراً في مجال السياحة الطبية خلال السنوات العشر الأخيرة، بعدما باتت تركيا مقصد الأوروبيين وحتى الأميركيين، فضلاً عن الدول العربية وأذربيجان وجورجيا وروسيا، معتبراً أنّ أسعار الخدمات الطبية المقدمة في تركيا مناسبة وذات جودة عالية.
وأعطت تركيا الأولوية للقطاع السياحي الطبي، فأعلنت عن استقبال طالبي العلاج، قبل افتتاح كامل المرافق السياحية، التي أعلن وزير السياحة والثقافة، محمد نوري إرسوي، أنّها ستكتمل هذا الشهر، وذلك بعدما بدأت البلاد فتحاً تدريجياً للسوق المسقوف وجزر الأميرات وشواطئ أنطاليا وإسطنبول، ووعدت ببرنامج لاستقبال السائحين وسلامتهم وأمنهم غير المتوفر في أوروبا، وقد عممته أنقرة عبر رسائل إلى 60 دولة على الأقل يأتي منها أكبر عدد من السائحين إلى تركيا، وأبلغتهم بالبرنامج وبالبنية التحتية المعززة للمستشفيات. والهدف، كما تصرّ تركيا على الإعلان دائماً، المحافظة على مستوى 35 مليار دولار من عائدات السياحة التي حققتها خلال العام الماضي، والارتقاء بالتصنيف، بعدما وصلت إلى المرتبة الرابعة أوروبياً والسادسة عالمياً في استقبال السائحين، والتقدم، بعد تهيئة المستشفيات، إلى مراكز أولى على صعيد السياحة الطبية، بعدما أعلنت وزارة الصحة عن استقبال المرضى الأجانب من 31 دولة وفق شروط أمنية وقواعد عزل محددة.
ويشير الطبيب التركي محمت جزار، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "من الأخطاء المتداولة حصر العلاج بتركيا بزرع الشعر أو التجميل فقط، لأنّ البرنامج المبكر الذي أعلنته الوزراة لهذا العام، يتعلق باستقبال مرضى جراحة العظام والكسور، والجراحة العامة، وجراحة الأطفال، وجراحة المسالك البولية، وأمراض العيون، وأمراض القلب، وجراحة القلب والأوعية الدموية، والأورام الجراحية، وجراحة الأورام النسائية، والأورام الطبية، والأورام الإشعاعية، وجراحة الدماغ والأعصاب، وأمراض الدم، والعناية المركزة، والمساعدة على الإنجاب. وسيجري قبول طلبات زرع الأعضاء وزرع نخاع العظام في البلاد". وهو ما يعني، كما يقول، أنّ شهرة السياحة الطبية بتركيا جاءت من جراء التقدم العلمي والعملي والخدمات والبنى التحتية، بمعالجة معظم الأمراض وليس على صعيد التجميل فقط. ويشير الطبيب التركي إلى أنّ تقدم تركيا باستخدامها تقنية الروبوت في الجراحة الخطيرة، وتقديمها خدمات وأسعار منافسة لعلاج العقم والجراحة التجميلية، فضلاً عن اعتماد أحدث المعايير، جعلها مقصداً للسياحة الطبية حول العالم، لتأتي مرحلة الاستشفاء بعد العلاج، كمتمم لخصوصية تركيا. 
وتقول مصادر إنّ في تركيا 1500 ينبوع مخصص للاستشفاء، منها مياه معدنية وكبريتية وحارة. وتحتل تركيا المركز الثالث أوروبياً على مستوى المنشآت التي تعتمد على المياه المعدنية، بعد إيطاليا، ولديها 300 منشأة، وألمانيا، ولديها 260 منشأة، إذ إنّ في تركيا 240 منشأة.
وتطمح تركيا لتبوّء المركز الأول عالمياً في السياحة الطبية، بعدما أنجزت نشاطات تعريفية في مجال السياحة الطبية حول العالم، لتستقطب مليوني سائح، بحجم إيرادات يهدف للوصول إلى 20 مليار دولار من أصل أكثر من 70 مليون سائح، بعائد 65 مليار دولار، ضمن خطة وضعتها تركيا لاستراتيجية السياحة عام 2023. ولتحقيق ذلك الطموح الكبير، دشنت تركيا أخيراً، ثلاث مستشفيات ضمن ما وصفها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نهضة السياحة الطبية، بعد افتتاح مستشفيي "مطار أتاتورك" و"سنجق تبه" أمام السياحة الطبية. وأضاف الرئيس التركي، بعد افتتاح المدينة الطبية بمنطقة باشاك شهير، أنّ هذه المستشفيات ستساهم في إنعاش السياحة الطبية، إذ سيأتي المرضى الأجانب بالطائرات إلى مطار إسطنبول وسينتقلون إلى المستشفى مباشرة.
وكانت تركيا قد افتتحت أخيراً مستشفى المدينة الطبية بباشاك شهير، بحضور أردوغان ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، عبر الفيديو كونفرنس، ووضع المستشفى بالخدمة منذ نهاية مايو/ أيار الماضي. ويبلغ عدد الأسرّة الإجمالي في المستشفى 2682، بينما يبلغ عدد وحدات العناية المشددة 456، وعدد العيادات التخصصية 725، وعدد غرف العمليات 90، وعدد وحدات الطوارئ والإسعاف 4 (للبالغين، والأطفال، والحوادث، والتوليد)، وعدد التخصصات الطبية 107، مع أحدث الأجهزة الطبية. كذلك، يضمّ المستشفى 226 ساحة مراقبة طبية يمكن تحويلها إلى وحدات عناية مشددة عند الضرورة، تضم قاعتين للمؤتمرات تتسعان لـ654 شخصاً، وفي المستشفى أيضاً 3 مهابط لمروحيات الإسعاف ونقل المرضى.

صحة
التحديثات الحية

ويتألف المستشفى من 10 كتل بنائية مبنية على مساحة 789 ألف متر مربع، وبلغت المساحات الطابقية المغلقة مليوناً و21 ألف متر مربع، وجرى استخدام مواد عازلة مقاومة لامتصاص الهزات الأرضية، وصُمم البناء بمواصفات ومعايير صديقة للبيئة والطاقة، وسيتم تقديم خدمات لـ35 ألف مريض يومياً، مع إجراء 500 عملية جراحية يومياً.

المساهمون