السوريون "جاحدون"

السوريون "جاحدون"

02 نوفمبر 2015
السوريون يكتوون أيضاً بنيران الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -
بتحريف بسيط على مقولة الرئيس بوش الابن "اكذب واكذب حتى يصدقوك" عرفت حكومة الممانعة بدمشق طريقها للاستمرار، عبر "مانعْ وخوّن حتى يهجروك"، فمع تثبيت الأجور على نحو 30 ألف ليرة "أي نحو 100 دولار" ورفع الأسعار بنحو 12 ضعفاً، مضافاً، هاجر زهاء 4 ملايين سوري ونزح ضعفهم ليصل من هم بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، وفق آخر نداء للأمم المتحدة، إلى نحو 13.5 مليون سوري، أي أكثر من نصف عدد السكان بقليل.

بيد أن شيئاً في ذهنية "الممانعة" لم يتغيّر، فالاستمرار بنهج الخطابات، ورمي المسؤولية على المؤامرات والمتآمرين، جاهز ليصفع به أي محاجج، فتهديم البنى الزراعية والصناعية سببه المؤامرة، وقتل السياحة وسرقة اللقى والكنوز وراءه الحرب الكونية، طبعاً، ووصول التضخم والبطالة والفقر إلى الأعلى عالمياً، جاء بسبب خيانة السوريين لقائدهم وارث الحكم والبلاد.

وما تسليم آبار النفط ومواقع إنتاج الغاز والزراعة للأحزاب الكردية و"داعش" إلا لضرورات سياسية أكبر من قدرة الشعب على فهمها واستيعابها.

ولعل للإنكار نصيباً من أدوات المقاومة، فما يقال عن رمي السوريين المدنيين ببراميل متفجرة، كذبة إقليمية، يمكن سحبه على ادعاءات الفقر والتهجير وحتى ما أصاب السوريين من أمراض لم تظهر منذ أكثر من 50 سنة.

بالأمس، وعلى الرغم من توثيق إصابات الكوليرا وانتشار حمى التيفوئيد وتفشي اللشمانيا "حبة حلب" نتيجة شرب المياه الملوثة وأكل الأطعمة الفاسدة، بعد حصار لبعض المناطق فاق العامين، يخرج وزير الصحة بحكومة الأسد ليقول: "الوضع الصحي في سورية مستقر بشكل تام ولم تسجل أي حالات مرضية غير اعتيادية".

ولا نعرف بدقة مقصد المسؤول، إن كان الموت جراء الأوبئة هو أمر عادي في نظر السيد الوزير، بواقع الموت تحت الركام أو بأعتى الأسلحة الروسية، أم قصد سيادته دحض كلام المتآمرين من منظمات دولية، بل وتقارير وزارته التي دقت نواقيس الخطر مراراً واعترفت بنسب الإصابة حتى بين تلاميذ المدارس.

ونهج الإنكار لا يقتصر على مسؤول بعينه، بل هي ذهنية متوارثة أيضاً، ففي الوقت الذي يرفع خلاله مصرف سورية المركزي سعر الدولار الرسمي إلى 329 ليرة، مستجيباً لسعر السوق الذي بلغ 350 ليرة، يردف "الحاكم" أن أسعار السوق وهمية هدفها النيل من صمود الليرة السورية.

نهاية القول: ثمة ركن ثالث في نهج الممانعة الذي ورثه الرئيس بشار عن أبيه، يتلخص بالمنّة، فعلى الرغم من التجويع والتفقير والتهجير، لزم على السوريين الشكر للقيادة الحكيمة التي تتيح الهواء بالمجان لمن يريد التنفس، وتزيد الأجور بعد التضخم ورفع الأسعار 7 دولارات، فما التهجير والتجويع وحتى الموت بالأمراض السارية سوى أقدار أو أثمان متوقعة للممانعة..

غريب جحود السوريين، أفلا يكفيهم أن أسدهم صامد بوجه الحرب الكونية، وإن بقي وعصابته وحيدين في الميدان.

اقرأ أيضاً: سورية: النظام يسمح للقطاع الخاص بالاستيراد من تركيا

المساهمون