الدب الروسي

الدب الروسي

04 أكتوبر 2015
التدخّل الروسي لم يأتِ حبّاً بالأسد (محمد بدرة/الأناضول)
+ الخط -
دخلت روسيا إلى الميدان السوري كقوة احتلال خارجي بناء على طلب رسمي من نظام بشار الأسد، الذي يبدو أنه وجد في هذا التدخل ملاذاً أخيراً للمحافظة على بقائه، بعد أن خرج أكثر من ثلاثة أرباع مساحة البلاد عن سيطرته.
النظام السوري، الذي استعان بحزب الله وإيران مقابل تنازلات عن سيادته على ما تبقى تحت سيطرته من سورية، يبدو أنه لم ينجح في المحافظة على بقائه، على الرغم من كل الدعم الذي تلقاه من الإيرانيين والمليشيات، التي استقدمها من كل من لبنان والعراق. واضطر أخيراً لاستقدام الروس كقوة عظمى، يُمكن أن تساعده في تحقيق انتصار على خصومه وتمنع انهياره، إلا أنه من المؤكد أن تدخل الدب الروسي لم يأتِ حبّاً "بسيادة الرئيس"، والتمسك "بقيادته الحكيمة"، ولا من باب أداء واجب الصداقة، كما تحاول وسائل إعلام النظام أن تظهره.
يبدو أن حاجة الروس للتدخل في سورية توازي حاجة النظام لهذا التدخل، ولكن بمعايير تتعلق بالمصلحة الروسية، ومن أهمها تثبيت التواجد الروسي على الأرض السورية، وضمان مصالح موسكو، سواء بوجود النظام أو عدمه، بالإضافة إلى تحقيق توازن مع التغلغل الإيراني، الذي بلغ حدوداً يبدو أن روسيا لم تعد تحتملها.
إلا أن الأهم على ما يبدو، هو عدم إدراك نظام بشار الأسد أن التدخل الروسي من وجهة المصالح الروسية، يهدف للتحكم بنظامه من خلال التواجد على الأرض، أكثر منه لحمايته. وبما أن الروس يتعاملون بمبدأ التجارة والصفقات، فالموضوع يصبح هنا تحويل النظام إلى صفقة بيد الروس قابلة للبيع والشراء. بالتالي سيسعى الروس من خلال هذا التدخل، إلى تحويل النظام ومؤسساته العسكرية والأمنية، إلى نظام، ولاؤه روسي بالمطلق، والمراهنة على المحافظة عليه ضمن تسوية سياسية، وهو أمر من الصعب تحقيقه، لأنه من المستحيل للقسم الأكبر من السوريين، أن يقبلوا ببقاء نظام قتل أبنائهم، حتى لو فرض عليهم الأمر ضمن تسوية دولية. كما قد يبيع الدب الروسي النظام، ضمن تسوية سياسية تضمن مصالحه في سورية، ويكون النظام حينها قد تصرّف كمن جاء فعلياً بالدب إلى كرمه.