الحريري في لبنان لـ"مواجهة الإرهاب" وترتيب "البيت السنّي"

الحريري في لبنان لـ"مواجهة الإرهاب" وترتيب "البيت السنّي"

09 اغسطس 2014
سلام مستقبلاً الحريري في السرايا (أنور عمرو/فرانس برس/ Getty)
+ الخط -
كان يوم الجمعة "حريرياً" بامتياز في لبنان. من دون أي إشارات مسبقة، عدا الإجراءات الأمنية الاستثنائية فجر الجمعة، عاد رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى لبنان، الذي غادره عام 2011 بعد استقالة وزراء 8 آذار من حكومته خلال لقائه الرئيس الأميركي، باراك أوباما. في ذلك الوقت، قيل إن الأسباب الأمنية هي التي دفعت الحريري إلى مغادرة لبنان. لكن هل تغيّرت الأحوال؟ ينفي أحد المقرّبين من الحريري حصوله على وعود أمنية مباشرة، "فالحامي هو الله"، لكنه لا ينفي أن هناك غطاءً إقليمياً لعودة الحريري.

عقد الحريري، خلال يومٍ واحد، سلسلة من اللقاءات بدأت مع رئيس الحكومة، تمام سلام، ثم مع سفراء أجانب ومع فريق عمله ووزراء المستقبل، ثم اجتماعاً أمنياً، فآخر مع كتلة المستقبل والمكتب السياسي للتيار ومع فريق 14 آذار. الخلاصات التي خرجت بها هذه اللقاءات هي الشكل التالي:

1 ــ العنوان الأول الذي سيعمل عليه الحريري، هو كيفية تأمين مساعدات للجيش اللبناني والقوى الأمنية بقيمة الهبة التي قدمها الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، للبنان، وهي مليار دولار أميركي. ويؤكّد المقربون من الحريري أن أولوية الرجل تقديم كل دعم ممكن للجيش وتوحيد الصف في مواجهة "الإرهاب".

2 ــ سيعمل الحريري على إعادة شدّ عصب تيار المستقبل، وضبط واقعه التنظيمي، وخصوصاً أن التيار يُعاني من عدد من الاعتراضات الداخلية، لكن الأبرز هو استعادة الجمهور السني العام.

الأشهُر الماضية أشارت إلى أن هذا الجمهور بدأ يبتعد تدريجياً عن المستقبل. وما خطوة أهالي عرسال برفض مساعدات الحريري وقبول تلك المقدمة من الإسلاميين، سوى مؤشر واضح. وقد بدأ الحريري هذه العمليّة بإعادة العمل بالمساعدات الاجتماعية والمالية شمالاً وبقاعاً قبل عودته بأيام.

3 ــ العمل على إنجاز تسوية سياسية مع القوى اللبنانية محورها انتخاب رئيس جمهوريّة جديد، إذ ارتفعت جداً حظوظ قائد الجيش، جان قهوجي، لكنه ليس الوحيد على الساحة. هذه التسوية يُفترض أن تُعيد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وقد توصل قائد فوج المغاوير في الجيش اللبناني، العميد شامل روكز، إلى قيادة الجيش، وهو صهر رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون.

وإذا كانت هذه هي الأهداف التي تسعى عودة الحريري إلى تحقيقها، فإن هناك أسباباً دفعت رئيس الوزراء الأسبق للعودة، وهي، بحسب مقرّبين منه، على الشكل التالي:

1 ــ قرار الولايات المتحدة القاضي بالحفاظ على الاستقرار في لبنان.

2 ــ شعور السعودية العميق بإمكان انزلاق الجمهور السني في لبنان إلى خيارات أكثر تشدداً، وبالتالي ضرورة مواجهة هذا الأمر. وفي السياق، ترى المملكة أن ما جرى في عرسال كاد يُعيد لبنان إلى الحرب الأهلية.

3 ــ توافق إقليمي في المنطقة على مواجهة "الإرهاب"، وهو ما أمّن الغطاء لعودة الحريري من دون أن يُقدم تنازلات كان الفريق الآخر يُريدها، وخصوصاً تلك المتعلقة بتغيير الموقف من الثورة السورية.

خلال لقائه بكتلة المستقبل والمكتب السياسي للتيار، قال الحريري في كلمة له، بحسب ما علم "العربي الجديد"، إنه لا شيء اليوم أهمّ "من دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الأمنية كي تقوم بالواجبات المُلقاة على عاتقها في حفظ الأمن والاستقرار في كل لبنان". وأشار إلى أن لا علاقة لعودته بانتخاب رئيس الجمهورية، وأن هذا الأمر مسؤولية الجميع، و"الكل يعلم أننا ضد الفراغ في سدة الرئاسة، وأن وجود رئيس للجمهورية في السلطة الآن حاجة وضرورة للبلد ولاستقرار الأوضاع وتجديد الحوار بين اللبنانيين".

وحدّد الحريري دور تيار المستقبل بحماية "الاعتدال ومنع التطرّف من التمدّد والانتشار، وما يهمّني التركيز عليه هو دور تيار المستقبل ومنع كل محاولة لإشعال الفتنة، ولا سيما أن تأجيج التعصب لا يؤدي إلى أي نتيجة".
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فقد شدد الحريري على أنه "ليس لدينا خيار لتشكيل ميليشيا، أو حمل السلاح بوجه سلاح أحد. خيارنا هو دعم الدولة ومساعدة الجيش والقوى الأمنية بمعزل عن بعض الأخطاء التي ارتُكبت من هنا أو من هناك. فإذا كان حزب الله يرتكب أخطاءً بحق لبنان، فهذا لا يعني أن نرد عليه بأخطاء مماثلة، أو أن نلجأ إلى كسر شوكة الدولة وهيبتها".

وكرّر الرئيس الحريري بأن تدخل حزب الله في سورية لم يجلب للبنان سوى الأذى، "وأكبر الأذى وقع على الطائفة الشيعية من خلال موجة التفجيرات التي ضربت الضاحية والجنوب والبقاع، وكانت بمثابة ردة فعل على تدخل الحزب في سورية. كذلك فإن حزب الله ألحق الأذى الشديد في العلاقات بين المسلمين من خلال تدخله في سورية، وعرّض الجيش والقوى الأمنية لاعتداءات من قبل المجموعات الارهابية. وقد رأينا كيف يدفع الجيش ضريبة غالية من دماء شبابه بسبب إصرار حزب الله على فرض أمر واقع لم يوافق عليه أحد من اللبنانيين"، على حد تعبيره، وفق ما نقله عنه مشاركون في اللقاء لـ"العربي الجديد".

ورأى الحريري أن خطر "الارهاب جدي ومصيري، وأي تهاون في مواجهة هذا الخطر يعني فتح الباب أمام الفتنة وأمام نهاية لبنان. فما يحصل في العراق أخطر من خطير، وعملية تهجير المسيحيين العراقيين رسالة لنا في لبنان وتهديد مباشر لصيغة العيش المشترك في بلدنا".

المساهمون