الجزائر..آمال معلقة بالسياحة لتجاوزالأزمة الاقتصادية

الجزائر..آمال معلقة بالسياحة لتجاوزالأزمة الاقتصادية

21 مايو 2016
سياح في منطقة تضم آثاراً رومانية في الجزائر (Getty)
+ الخط -



لم تستطع الجبال ولا الشريط الساحلي الممتد على طول 1200 كيلومتر، وحتى الصحراء الكبرى، تحريك عجلة السياحة في الجزائر، التي فشلت حتى في إغراء الجزائريين أنفسهم على السفر داخل البلاد، التي يصفها الكثيرون بـ"الدولة القارة"، المتربعة على مساحة أكثر من مليوني كيلومتر.

ففي وقت تحاول فيه الحكومة الجزائرية رفع نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 10%، بدلاً من نحو 4% بنهاية العام الماضي 2015، حيت تدر 400 مليار دينار جزائري (4 مليارات دولار)، حسب تصريحات وزير السياحة والتهيئة العمرانية والصناعة التقليدية عمار غول، في وقت سجلت فيه الجمارك الجزائرية خروج أكثر من مليوني جزائري نحو تونس صيف العام الماضي، بالإضافة إلى الوجهات الأخرى.

ويرى ناشطون في مجال السياحة في الجزائر، أن أهم العقبات التي باتت تواجه القطاع تتركز في نقص الترويج في الخارج والداخل على حد سواء، بالإضافة إلى اختلال العلاقة بين الخدمات والأسعار، وهي أمور باتت تنفر السياح الأجانب وكذلك الجزائريين.
تقول أمينة جيلاني، مسؤولة إحدى الوكالات السياحية في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الأسعار التي تقدمها الفنادق والمركبات السياحية لا تساعدهم كوكالات سياحية على إغراء الأجانب والجزائريين على الاستمتاع بجغرافيا الجزائر".



وتوضح جيلاني: "بمبلغ 100 ألف دينار جزائري (990 دولاراً) يُمكن للسائح أن يقضي 10 أيام في فندق خمس نجوم في تونس، في حين لا يمكنه بنفس المبلغ قضاء حتى أسبوع واحد في فندق من فئة نجمتين أو ثلاث في الجزائر".

وتضيف: "للأسف الحكومة تبقى تتفرج على هذه الوضعية، فحتى الخطوط الجوية الجزائرية تساهم في تنفير الأجانب من القدوم إلى البلاد، إذ تعتبر الرحلات على متنها من بين الأغلى في العالم، فالرحلة بين العاصمة الفرنسية باريس والجزائر تصل في فصل الصيف إلى 500 دولار وهذا شيء لا يعقل".
وتضاف إلى هذه المشاكل، عقبات أخرى زادت من حدة جمود السياحة الجزائرية خلال السنوات الماضية، ومنها منح تأشيرة الدخول للأجانب، خاصة الأوروبيين، الذين يضعون الصحراء الجزائرية في مقدمة خياراتهم، فالقنصليات الجزائرية تضع عراقيل حسب ناشطين في قطاع السياحة بالجزائر.
ويقول محمد صالح، نائب رئيس جمعية الوكالات السياحية في الجنوب الجزائري لـ"العربي الجديد"، إن "استقبال الأجانب في الجنوب تقلص أضعاف المرات في السنوات الأخيرة، وذلك بفعل الإجراءات التي تفرضها القنصليات الجزائرية في الخارج في عملية منح التأشيرات، ويضاف إلى ذلك الأوضاع الأمنية التي تعيشها منطقة الساحل، والتي قضت على السياحة الصحراوية في البلاد".
لكن المأزق الاقتصادي الحالي الذي تشهده الجزائر بسبب تهاوي أسعار النفط عالمياً وتقلص إيرادات الدولة، ربما يدفع إلى الاعتماد بشكل أكبر على السياحة كمورد للدخل خلال الفترة المقبلة.

وهوت إيرادات الجزائر من الطاقة خلال العام الماضي بنحو 41%، لتصل إلى 35.72 مليار دولار، وسط توقعات بهبوطها إلى 26.4 مليار دولار في 2016.
وأظهرت بيانات لوزارة المالية في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، تسجيل الخزينة العمومية الجزائرية عجزاً قياسياً غير مسبوق بنهاية فبراير/شباط الماضي، ليصل إلى نحو 1.4 تريليون دينار (14 مليار دولار)، مقابل 413 مليار دينار (4.5 مليارات دولار) بنهاية نفس الشهر من العام الماضي 2015، بزيادة بلغت نسبتها 240%.
وفي ظل هذه المؤشرات، بات لزاماً على الحكومة الجزائرية التوجه لقطاعات أخرى منها السياحة. ووضعت حكومة عبد المالك سلال من السياحة أولوية لها إلى جانب الفلاحة والصناعة. وتسعى الحكومة إلى تحريك القطاع السياحي من خلال ثلاثة محاور، تتمثل في تطوير السياحة الداخلية، واستقطاب الجالية الجزائرية بالخارج، ثم استمالة السياح الأجانب.

ومن أجل ترجمة هذه الأهداف اليوم، أطلقت وزارة السياحة 1400 مشروع سياحي، بالإضافة إلى إنجاز 100 قرية سياحية في الصحراء في عدة محافظات.
إلا أن هذه المؤهلات لن تكفي وحدها في تحرير السياحة من الجمود، حسب المرشد السياحي، عبد الخالق عباد، الذي يشير في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أنه "ينبغي التركيز على العنصر البشري لتطوير السياحة، التي تعد من بدائل إنعاش الاقتصاد".
ويضيف عباد: "لا يكفي التفاخر بما تحتويه الجزائر من مناظر وحضارة، فهذه المؤهلات لابد لها من إنسان يحولها إلى طاقة استثمارية، وهو ما عكفت عليه الدول التي أدركت مبكراً أهمية تحرك الفرد لاستقطاب الغير".



المساهمون