التمييز يقوّض فرص النمو

التمييز يقوّض فرص النمو

30 نوفمبر 2015
التنمية مفتاح النمو الاقتصادي (Getty)
+ الخط -
شكل التمييز عائقاً رئيساً وحجر عثرة أمام عملية التنمية في كثير من البلدان. فليس من قبيل الصدفة أن الدول الأكثر تقدماً هي تلك التي تتمتع شعوبها ولو بالحد الأدنى من المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان، والذي يقتضي بالضرورة تكافؤ الفرص أمام كل المواطنين في كافة المجالات. فنجاح أية دولة متقدمة بتحقيق معدلات نمو عالية يُعد بكل بساطة محصلة جهود كل المواطنين والمواطنات.

اقرأ أيضاً: بيار ماسيس:غياب الأرقام الدقيقة تصعّب عملية التنمية

ولتقريب الموضوع نتخيل أن المرأة في بريطانيا قررت التوقف عن المشاركة في الإنتاج. النتيجة بكل بساطة أن متوسط دخل الفرد في بريطانيا سينخفض بمعدل ﻻ يقل عن 40% إن لم يكن أكثر في السنة الأولى، ولن يقف الأمر عند هذا الحد بل ستتفاقم المشكلة مع الزمن، فمع انعدام الدخل لهذه الفئة سينخفض استهلاكها وسينعكس هذا الأثر السلبي على كل القطاعات الاقتصادية، وهو ما يعني انخفاض أكبر في الناتج المحلي، وكلما استثنينا فئة أخرى سيترتب عن ذلك انخفاض أكثر.
ليس هذا فحسب بل إن الآثار الاقتصادية السلبية تتعدى ما ذكرنا لتشمل آثاراً أخرى مباشرة وغير مباشرة، وللدلالة على ذلك نفترض أننا تمكنّا من إزالة العوائق أمام فئة معينة في مجتمع ما وتمكنت هذه الفئة من العمل، في هذه الحالة سيجني المجتمع فوائد عديدة منها:
أولاً: سيزداد الناتج المحلي الإجمالي بمقدار ما تنتجه هذه الفئة مباشرة.
ثانياً: الدخل الذي سيتقاضونه عمال هذه الفئة سيقومون بصرف جزء منه على السكن فينتعش معه قطاع العقارات وسيتم إنفاق بقية الدخل على الغذاء والملبس والدواء والمواصلات والتعليم وغيره، ومع الزمن ستتزايد فرص النمو.

الوظائف العمومية
الشيء ذاته يمكن قوله على قضية التمييز في الوظيفة العمومية، فبالإضافة إلى ما ذكرنا من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني فإننا في الحالة الأخيرة أمام قضية أدهى وأمر، تظهر في أشكال عده تهز كيان الاقتصاد الوطني، أقله تفشي المحسوبية والفساد وتنامي الشعور بالظلم والاضطهاد وإهدار الحقوق وحرمان الدولة من خيرة الكوادر الوطنية من الأكفاء، وتتزايد الأحقاد المناطقية التي قد تصل حد تفتيت الدولة. كما سيؤدي ذلك إلى تشويه أو إعاقة الإدارة الحكومية، وهو أمر ينعكس بشكل كارثي على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى أنه ينعكس سلباً على من يعتبرون أنفسهم مستفيدين من هكذا قرارات.
أما عن احتقار المهن، فأينما وجدت هذه الصفة عشش التخلف. في الماضي كانت معظم المهن مستهجنة عدا العمل في الجيش والزراعة، وليس من قبيل الصدفة أن تكون الدول الأكثر تقدماً هي تلك التي تخلصت من هذه العادة.
(خبير اقتصادي يمني)

اقرأ أيضاً:الوظائف ذات الجودة:الأجور والتقديمات الاجتماعية شرط نمو الاقتصاد