التعديل الحكومي المرتقب في المغرب: أربعة سيناريوهات

التعديل الحكومي المرتقب في المغرب: أربعة سيناريوهات

03 نوفمبر 2017
علاقة متشنّجة بين بنعبد الله وصنّاع القرار (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -
يرتقب أن يعلن رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، خلال الأسبوع المقبل عن التعديل الحكومي الذي كُلف به من قِبل الملك محمد السادس، بعد أن قرر الأخير إعفاء ثلاثة وزراء وكاتب دولة، وهم محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة، ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والحسين الوردي، وزير الصحة، والعربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
ويُعزى تأخر الإعلان عن التعديل الحكومي إلى انتظار العثماني موقف حزبين في الحكومة معنيين بقرارات الإعفاء، هما "الحركة الشعبية" و"التقدم والاشتراكية"، إذ تم إعفاء وزيرين من كل حزب، فضلاً عن قرار العاهل المغربي عدم إسناد أي منصب رسمي لوزراء سابقين آخرين من الحزبين معاً.

ويتوقف التعديل الحكومي الذي سيشمل القطاعات الوزارية التي أعفى الملك مسؤوليها، فضلاً عن استحداث وزارة للشؤون الأفريقية، على ما سيخرج به الاجتماع الطارئ للجنة المركزية لحزب "التقدم والاشتراكية"، يوم السبت المقبل، من قرار بشأن الاستمرار في الحكومة أو الخروج إلى المعارضة، كما موقف حزب "الحركة الشعبية" من الموضوع نفسه.

وتتضارب داخل صفوف حزب "التقدم والاشتراكية" الذي كان يساند بقوة رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، أصوات تؤيد التمسك بالحكومة وعدم الخروج منها على الرغم من إعفاء أمينه العام محمد نبيل بنعبد الله كوزير للسكنى من مهامه، وأخرى تدعو إلى الخروج إلى المعارضة لحفظ ماء وجه الحزب، بعد أن أعفى العاهل المغربي وزيرين حاليين من الحزب، وعاقب آخرين بمنعهم من تقلّد مناصب حكومية مستقبلاً.

أما حزب "الحركة الشعبية" المشارك في الحكومة، فقد أبدى أكثر من "التقدّم والاشتراكية" رغبته في الاستمرار في الحكومة من خلال بيان سابق، أكد فيه انخراطه المطلق في مبادرات الملك الرامية إلى ترسيخ دولة الحق والقانون، وتدعيم الخيار الديمقراطي، معلناً انخراطه في "المشروع المجتمعي التنموي الذي وضع الملك لبناته".

وتتعدد سيناريوهات التعديل الحكومي الذي من المرتقب أن يشمل 5 حقائب باحتساب إحداث وزارة الشؤون الأفريقية، أولها الإبقاء على هيكلية الحكومة نفسها من خلال تعويض أسماء من حزبي "التقدم والاشتراكية" و"الحركة الشعبية" لشغل الحقائب الشاغرة، وهي الصحة والسكنى والتربية الوطنية، وكتابة الدولة في التشغيل والتكوين المهني.


والسيناريو الثاني هو خروج حزبي "التقدم والاشتراكية" و"الحركة الشعبية" إلى المعارضة، باعتبار أن الإعفاءات تشير إلى "عقاب" من أعلى سلطة في البلاد لعدم تنفيذ مشروع ملكي حيوي (مشروع الحسيمة منارة المتوسط)، كان سيفضي بالبلاد إلى أتون احتقان اجتماعي لم ينطفئ بعد، وفي هذه الحالة يكون حزب "الاستقلال" الأقرب إلى ولوج الحكومة بخمس حقائب.

والسيناريو الثالث أمام إجراء التعديل الحكومي يتمثّل في مغادرة "التقدم والاشتراكية" الحكومة، وبقاء "الحركة الشعبية"، وفي هذه الحالة قد لا يتطلب الأمر دخول "الاستقلال"، باعتبار أن حقيبتي "التقدم والاشتراكية" يمكن أن يشغلهما أحد الأحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة مثل "الأحرار" أو "الاتحاد الاشتراكي" أو "الاتحاد الدستوري" أو "العدالة والتنمية"، وهي الوضعية نفسها المترتبة على قرار "الحركة الشعبية" مثلاً الخروج إلى المعارضة بمفرده، على الرغم من أنه احتمال مستبعد.

ويستند المتوقعون لخروج حزب "التقدم والاشتراكية" من الحكومة، إلى العلاقة التي تبدو "متشنجة" بين زعيمه محمد نبيل بنعبد الله وصنّاع القرار في البلاد، وهو ما ظهر بوضوح في بيان للديوان الملكي في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، انتقد فيه بشدة غير مسبوقة تصريحات منسوبة إلى بنعبد الله حول مؤسس حركة "كل الديمقراطيين" التي تحولت إلى حزب "الأصالة والمعاصرة"، فؤاد عالي الهمة، الذي صار مستشاراً للملك وصديقه المقرب.
وكان الديوان الملكي قد وصف تصريحات زعيم "التقدم والاشتراكية" تلك بأنها "وسيلة للتضليل السياسي"، متهماً إياه "باستعمال مفاهيم تسيء لسمعة الوطن وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات". وهو ما رد عليه الحزب ببلاغ وُصف بالجريء، إذ قال إن تصريحات زعيمه تُعتبر عادية في المجتمعات الديمقراطية.

تصريحات بنعبد الله التي يبدو أنها أغضبت مقربين من الملك المغربي، فضلاً عن رد حزبه "التقدم والاشتراكية" على بيان الديوان الملكي، ثم وقوفه إلى جانب "العدالة والتنمية" في وجه "الأصالة والمعاصرة"، كلها عوامل جعلت منذ تلك الفترة بنعبد الله "سياسياً غير مرغوب فيه" من قِبل دوائر القرار، إلى أن جاءت الفرصة ليتم إعفاء الرجل بسبب ثبوت مسؤوليته في تأخر مشروع "الحسيمة منارة المتوسط" وفق نتائج تقرير المجلس الأعلى للسحابات.

وقد يُطرح سيناريو آخر للحكومة "أكثر قتامة" لكنه مستبعد جداً في خضم الظروف السياسية المحلية، وهو خروج حزبي "الحركة الشعبية" و"التقدم والاشتراكية" إلى صفوف المعارضة، مقابل رفض حزب "الاستقلال" الدخول إلى الحكومة بسبب "مفاوضات الحقائب"، ما قد يدفع الملك إلى التدخّل لضمان سير المؤسسات وفق الفصل 42 من الدستور، إذ يتيح له الدستور تعيين شخصية أخرى لرئاسة الحكومة.