البرلمان الإيراني يشهر البطاقة الحمراء في وجه روحاني

البرلمان الإيراني يشهر البطاقة الحمراء في وجه روحاني

12 اغسطس 2020
أول اختبار عملي للعلاقة بين روحاني والبرلمان (الأناضول)
+ الخط -

في أول اختبار عملي للعلاقة بين البرلمان الإيراني الجديد الذي يسيطر عليه المحافظون وحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، التي لم تبق من ولايته الثانية والأخيرة إلا 10 أشهر، رفع البرلمان، اليوم الأربعاء، البطاقة الحمراء في وجه روحاني، من خلال رفض مرشحه حسين مدرس خياباني لتولي وزارة الصناعة والمناجم والتجارة، بعد إقالة الرئيس الإيراني الوزير السابق، رضا رحماني، خلال مايو/أيار الماضي.

وخلال جلسة التصويت، بحسب التلفزيون الإيراني، رفض 140 مشرعا منح الثقة للمرشح المقترح، و104 نائبين صوتوا لصالحه، وامتنع 10 نواب عن التصويت، وذلك من 254 مشرعا شاركوا في الجلسة من أصل 290، عدد نواب البرلمان الإيراني.

وقدم المعارضون جملة أسباب لرفضهم خياباني لتولي وزارة الصناعات، الذي يقوم منذ ثلاثة أشهر بتصريف أعمال الوزارة في غياب وجود وزير، من بينها، بحسب وكالة "إرنا"، غموض برنامجه، وعدم إبدائه الجدية في مكافحة تهريب السلع خلال تولي منصب القائم بأعمال الوزارة، وعدم اهتمامه المطلوب بقطاع الإنتاج على حساب الاستيراد.

لكن لا يخفى أن رفض منح الثقة لخياباني من قبل المشرعين المنتقدين لسياسات الحكومة، وتحديدا في المجال الاقتصادي، له أسباب أخرى غير فنية، منها ما يرتبط بالخلافات مع الحكومة على إدارة البلاد في هذه الظروف الحساسة، على خلفية التوتر مع واشنطن وتداعيات العقوبات الأميركية، التي تُتهم الحكومة بأنها اتبعت سياسات جعلت هذه العقوبات مؤثرة وفاعلة، ومنها ما يتعلق بعوامل مستحدثة وعاجلة، مثل عدم حضور روحاني جلسة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) اليوم لتقديم مرشحه وحضور نائبه الأول إسحاق جهانغيري، والتأخر في تقديم المرشح المقترح للوزارة للبرلمان.

وأثار عدم حضور روحاني انتقادات نواب برلمانيين، اتهموا الرئيس الإيراني بعدم احترام مكانة البرلمان من خلال عدم مشاركته في الجلسة، وهو ما دفع رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إلى القول إنه تلقى رسالتين من الرئاسة الإيرانية، عزتا عدم حضور روحاني إلى توصية قدمتها اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا له بعدم المشاركة، وذلك بعد استفساره من اللجنة بشأن ذلك.

كما أن تأخر الحكومة في تقديم مرشحها لوزارة الصناعات والمناجم والتجارة، أيضا، كان من ضمن أسباب رفضه، إذ إن مشرعين إيرانيين اعتبروا أن ذلك كان مقصودا بهدف وضع البرلمان أمام الأمر الواقع وإجباره على منح الثقة للمرشح خياباني، حيث إن عرضه على البرلمان جاء في "الدقيقة التسعين"، فيما شارف توليه منصب القائم بأعمال وزارة الصناعات على الانتهاء، وانعقدت جلسة التصويت في آخر يوم من المهلة القانونية. وهو ما يدفع روحاني بعد رفض منح الثقة لمرشحه إلى الحصول على موافقة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي على تعيين شخص جديد لتصريف أعمال الوزارة خلال الشهور الثلاثة المقبلة، حتى تسمي الحكومة مرشحا جديدا خلال هذه الفترة وتعرضه على البرلمانيين.

خطة مثيرة للجدل

وثمة خلافات أخرى بين الحكومة والسلطة التشريعية، بشأن مشروع "الانفراجة الاقتصادية" الذي وعد به روحاني، الأسبوع الماضي، المواطنين الإيرانيين، فرغم إعلان الرئيس المحافظ للبرلمان، موافقته المبدئية على المشروع، لكنه سجل تحفظات حول تفاصيله، داعيا إلى إخضاعه لمزيد من النقاش الفني المهني.

كما أن مشرعين إيرانيين هاجموا المشروع خلال الأيام الماضية، معتبرين أنه جاء لتحقيق انفراجة للحكومة وليس للمواطنين.

وبغية تعويض عجز الموازنة، المقدر بنحو الثلث، بحسب مراقبين، وتوفير السيولة التي تحتاجها لإدارة البلاد على خلفية العقوبات الأميركية، تقوم الحكومة، وفق المشروع، ببيع مسبق للنفط في بورصة الطاقة، بمقدار 200 مليون برميل، فی عقود آجلة مع آجال استحقاقها من سنتين إلى ثلاث سنوات.

وكان من المقرر أن يتم إقرار المشروع نهائيا خلال اجتماع المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي، المكون من رؤساء السلطات الثلاث، والذي انعقد قبل أمس الإثنين، لكن رغم إقرار المشروع مبدئيا، لم يتم تبنّيه نهائيا بسبب تحفظات رئيسي السلطتين التشريعية والقضائية، على ما يبدو.

وبعدما اتهم منتقدو المشروع، من البرلمانيين وغيرهم، روحاني، بالسعي إلى تحميل الحكومة القادمة أعباء مالية من خلال تنفيذ هذا المشروع، في خلال الشهور المتبقية من ولايته، رد عليهم الرئيس الإيراني، اليوم الأربعاء، متهما إياهم بأنهم بصدد "إحباط الشارع، حيث يروجون للناس أن الحكومة لديها خطة يمكن أن تخلق مشاكل للحكومة القادمة"، معتبرا أن هذا الحديث "كذب وعار عن الصحة تماما".

واعتبر روحاني أن هذه التصريحات "صبيانية"، متسائلا: "ماذا تعني هذه الحكومة أو تلك؟ والحكومة المقبلة أيضا ستكون منتخبة.... علينا أن ندير البلاد في الظروف الصعبة"، وداعيا معارضي الخطة إلى طرح حلولهم بالقول: "لا تحل مشاكل البلاد من خلال الشتائم". ​

المساهمون