الاقتصاديات العربية ضحية غياب المساءلة

الاقتصاديات العربية ضحية غياب المساءلة

03 يونيو 2015
أعفت الحكومات نفسها من قضايا الفقر والبطالة والفساد(فرانس برس)
+ الخط -
تعيش المنطقة العربية، منذ فترة طويلة، حالة غريبة، وهي غياب المسؤولية لمن يتولى سلطة الإدارة الاقتصادية، فتأتي الحكومات وتذهب، ولا يحاسبها أحد عن برامجها التي أعلنتها أمام البرلمانات والشعوب.
لقد عاشت معظم الدول العربية غير النفطية أزمة المديونية الخارجية في ثمانينيات القرن العشرين، ولا تزال بعضها تعاني من هذه الأزمة، ولا يعرف من كان سبب هذه المديونية، ولا كيفية الخروج منها في بعض الدول، ولم يُكشف عن الثمن الذي دُفع للخروج المؤقت من الأزمة.
لقد أعفت الحكومات نفسها من قضايا زيادة الفقر والبطالة والفساد وغيرها من الموضوعات الشائكة على أجندة التنمية، فلم تشهد الدول العربية التي تعيش تجارب برلمانية، أن خرجت حكومة وأتت أخرى لفشل برنامجها الاقتصادي.
قد تتم التضحية بوزير ما لفشله في إدارة ملف اقتصادي معين، وعادة ما يكون هذا الوزير "كبش فداء"، ليظهر الحاكم وكأنه الحريص الوحيد على مصالح الشعوب، في حين أن مسؤولية الحكومات أمام القضايا الاقتصادية، تضامنية، تبقى الحكومات بالكلية أو تذهب، لنجاحها أو فشلها.
لقد احتفظت الحكومات العربية بسلطة اتخاذ القرارات الاقتصادية، وتحديد السياسات الاقتصادية، دون الرجوع للشعوب، أو البرلمان، ولكن الحكومات لم تقبل الجزء الثاني من معادلة الإدارة، وهي المسؤولية عن قراراتها وسياساتها الاقتصادية.
لقد روجت الحكومات العربية لمواجهة عجزها في إدارة القضايا الاقتصادية برايات عدة، منها الاستقرار السياسي، الإصلاح السياسي، مواجهة الإرهاب، الإعلان عن برامج ورؤى تمتد لعقدين من الزمان.
حتى في دول الربيع العربي، لم تنجح الثورات في إدارة ملفات مهمة، مثل أموال الحكام المخلوعين والهاربين، حتى استطاع هؤلاء الهروب بثرواتهم وحرمان الشعوب من حقهم بها.
لابد للشعوب العربية أن تتطلع إلى مرحلة تحاسب فيها حكامها ومسؤوليها، فشيوع البطالة والفقر، ليس بالأمر الهين، ولا اتساع رقعة الفساد لنهب ثروات البلاد بالشيء المقبول، فمرد ذلك ما نراه من هجرة الشباب إلى الخارج، ولو كان ثمن ذلك أن يفقد الشباب حياتهم في عرض البحر، أو ارتفاع وتيرة العنف في الداخل، فضلاً عن اتساع رقعة الاقتصاد الأسود، من تناول المخدرات أو الكسب غير الشريف من الدعارة أو السلاح، أو الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة.
لم تعد البرلمانات الديكورية تناسب الشعوب العربية، فإما تمارس دورها في الرقابة ومساءلة الحكومات، أو ثورات جديدة لا تبقي ولا تذر.

اقرأ أيضا: جولات للفسدة في السجون

المساهمون