الاستيطان والهروب من المسؤولية

08 أكتوبر 2014
+ الخط -

قررت إسرائيل، وفق عادتها في التهام الأرض الفلسطينية، بناء 2610 وحدات سكنية في جنوب شرق القدس المحتلة، بعدما صادرت هذه الأراضي من الفلسطينيين، وهدمت ما عليها من منازل، وبقرار من محاكم إسرائيلية، ليصبح الاستيطان هو الأمر الواقع أمام أي تسوية مقبلة.

هذه هي سياسة بنيامين نتنياهو التوسعية، التي يهدف عبرها إلى القضاء على أي فرص لحل عادل للقضية الفلسطينية، ولتحسين صورته بعد فشله في الحرب على غزة، ولاسترضاء المواطن الإسرائيلي والأحزاب المتشددة على حساب الحق الفلسطيني. ففي زيارته إلى واشنطن، أراد أن يحصل على تأييد هذه الخطوة التي لاقت اعتراضا من الاتحاد الأوروبي ومنظمة هيومن رايتس ووتش، لكن اللوبي الصهيوني الذي يدافع دائماً عن مصالح إسرائيل في أي مكان، كان داعما قويا، فخرج البيت الأبيض ببيانٍ باهتٍ، يحذر من هذه الخطوة على مصير فرص السلام.

إلا أن الواقع الذي تشهده المنطقة، من حرب على الإرهاب الذي تمثله "داعش"، جعل كل وسائل الإعلام لا تعير اهتماما للاستيطان الذي تمارسه إسرائيل في غفلة من المجتمع الدولي، والذي يلتهم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، التي قطعت أوصالها بالجدار العازل والمستوطنات.

كان وما يزال للفلسطينيين الحق في استخدام ورقة الضغط التي بأيديهم، والتي تجعل نتنياهو يتراجع عن مواقفه المتشددة من الاستيطان، وهي الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، والتي من خلالها يتم تقديم القادة والمسؤولين الإسرائيليين عن المجازر التي وقعت في الحرب على قطاع غرة للمحاكمة، وهي موثقة بالصوت والصورة، لكن المقربين من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، يقولون إن ضغوطا مورست عليه من دول إقليمية ودولية، لعدم تقديم الطلب، وإن الفصائل الفلسطينية لم تفوضه في تقديم هذا الطلب.

هذه حجج واهية، ولا يمكن للمواطن الذي يعاني من الاحتلال البغيض أن يقبلها بأي حال، وكان على القيادة الفلسطينية أن تستثمر الانتصار الذي حققته فصائل المقاومة في غزة، لصالح الشعب الفلسطيني، وفق ما تستطيع القيام به.