عن ثورة الياسمين
في ديسمبر/كانون الأول عام 2010، قام الشعب التونسي بأعظم ثورة، ألهبت مشاعر العالم العربي بقدوم التغيير وبداية الربيع العربي الذي طال انتظاره. ولكن، بعد أربعة أعوام، شعرت اليوم بأن نهاية الربيع العربي اقتربت من الجولة الأخيرة للانتخابات التونسية، ومن دون أن أنتقص من حق الأخوة التونسيين في اختيارهم، كانت هناك مقدمات تشير إلى فوز الباجي قائد السبسي بالرئاسة، فبعد أن فشلت النهضة في الفوز بالمرتبة الأولى في الانتخابات النيابية، وما ترتب على ذلك بإقصائها من تشكيل الحكومة، أصبحت الساحة مفتوحة أمام المرشح الأوفر حظا بتحالفات مع عدد من الأحزاب، وبدعم من دول إقليمية. فماذا كان ينتظر الشعب التونسي؟ ولماذا غاب التوفيق في اختياره؟ الإعلام والدولة العميقة دفعا الشعب إلى هذا الاختيار، فبين نداءات وتحذيرات من اختيار النهضة، وما تمثله كتيار إسلامي من السيطرة على البرلمان، وإن هذا التيار سيضر بالحريات العامة في تونس، ومكتسبات المرأة خصوصاً، واتهامه بمساندة بعض المتطرفين أعطى فرصة للأحزاب العلمانية للانقضاض على حركة النهضة، وتكوين جبهة قوية، وظهر هذا في البرامج التلفزيونية، بالإضافة إلى أخطاء وقعت فيها "النهضة"، سحبت من رصيدها لدى الشعب التونسي، وعدم وقوف الحركة بجوار المنصف المرزوقي، وتصريحات رئيسها إنها تدعو منتسبيها إلى اختيار ما يرغبون به، في وقت أعلنت فيه أحزاب عديدة وقوفها إلى جانب الباجي السبسي، وكان المشهد الختامي يعود بنا إلى الوراء، رئيس البرلمان في عهد بن علي أصبح رئيساً اليوم! فلماذا قام التونسيون بالثورة؟ ليعيدوا لنا المشهد، مرة أخرى، أم ليثبتوا أن الانقلاب العسكري ليس من طبيعتهم، فأرادوها خريفا بلا دماء. أخشى ما أخشاه أن يتقاتل التونسيون بين مؤيد ومعارض، وتعود تونس إلى المربع الأول.