الاحتلال يشتت شمل عائلة الأسير بسام حماد في رمضان

الاحتلال الإسرائيلي يشتت شمل عائلة الأسير الفلسطيني بسام حماد في رمضان

01 يونيو 2017
استشهاد الابن واعتقال الأب (فيسبوك)
+ الخط -



يبتهج الفلسطينيون بالأجواء الرمضانية كل عام، لكن عائلة الأسير الفلسطيني الشيخ بسام عبد الرحيم حماد – "أبو أنس" (46 عاما)، من سكان بلدة سلواد شرق رام الله وسط الضفة الغربية، حزينة لا تجد طعما لتلك الأجواء المبهجة، مع اعتقال 3 من أفرادها واستشهاد ابنهم البكر أنس قبل نحو عام ونصف العام.

قبل يوم من بدء شهر رمضان، اعتقلت قوات الاحتلال بسام حماد، يوم 26 من مايو/ أيار الماضي، من منزله في سلواد، لتُضاف للعائلة معاناة أخرى بعد ثلاثة أيام على اعتقال ابنته تقوى (18 عاما) وهي جريحة برصاص الاحتلال الإسرائيلي.

أصيبت تقوى طالبة الثانوية العامة "التوجيهي"، في قدميها، حينما كانت تدرس قرب منزلها الذي لا يبعد كثيرا عن برج عسكري إسرائيلي وشارع استيطاني مقامين قرب سلواد، لتفاجأ تقوى بوجود جنود جيش الاحتلال قرب أشجار الأحراج الموجودة هناك، والذين لم يمهلوها وأطلقوا النار عليها، وأصابوها بالرصاص الحي، ورغم محاولة شبان إفلاتها من الجنود ونقلها عبر سيارة الإسعاف الفلسطينية للمستشفى إلا أن قوات الاحتلال اعترضت السيارة واعتقلت تقوى من داخلها، ومن ثم نقلوها لمستشفى إسرائيلي في القدس، وبعد يومين من وجودها في المستشفى أصدرت سلطات الاحتلال أمرا باعتقالها، كما توضح والدتها، هلا حماد، في حديث لـ"العربي الجديد".

نقلت تقوى بعد إجراء عملية جراحية في 30 من مايو/أيار، إلى سجن خاص بالأسيرات الفلسطينيات، وحرمت من تقديم امتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، لهذا العام، الذي من المفترض أن يبدأ في 3 من يوليو/حزيران الجاري، إذ كانت تقوى تطمح لدراسة الصحافة والإعلام لموهبتها في التصوير، ولم تسمع العائلة صوت تقوى إلا مرة واحدة بعد إجراء عملية جراحية لها، من خلال اتصال هاتفي لعدة دقائق، ومنعت العائلة من زيارتها والاطمئنان عليها.



سبق هذه المعاناة اعتقال بسام حماد، وهو أسير محرر أمضى عدة سنوات داخل سجون الاحتلال، منها اعتقالات إدارية، وكذلك اعتقال ابنته تقوى، معاناة تكبدتها العائلة باعتقال ابنها عبد الرحيم (22 عاما) قبل 10 أشهر وحولته عدة مرات للاعتقال الإداري.

لم تبرأ العائلة مما كُلِمَتْ به باستشهاد فلذة كبدها أنس (20 عاما) قبل نحو عام ونصف العام، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، على المدخل الغربي لبلدة سلواد، بتهمة تنفيذه عملية دهس لجنود إسرائيليين، واحتجاز جثمانه لعدة أشهر، تخللها اعتقال شقيقه عبد الرحيم حينها لمدة شهرين، واعتقال "أبو أنس"، وحرمانه من وداع ابنه وتشييعه، وبقي في الاعتقال مدة 10 أشهر.

غابت بسمة مدللة العائلة تقوى (فيسبوك) 


أنس، الابن البكر لبسام حماد هو "ذراعه اليمين"، وحامل هم وطنه وعائلته يساعد والده دوما في أعباء المنزل والعمل، رجل البيت، وصاحب الذوق في ملبسه، والمحبوب من الجميع، فمنذ الصغر كان أنس يحمل صفات الرجولة والصوابية باتخاذ الرأي، متزنًا في التصرفات، ولم يسلم من الاعتقال وهو طفل، حيث اعتقل حينما كان في عمر الرابعة عشرة.

ولا تزال كلمات الشهيد أنس في وصيته التي تركها قبل استشهاده، تطرب آذان والديه وعائلته، وتزيدهم صبرًا ودهشة في آن واحد، حيث يقول أنس في وصيته: "أمي الحنونة والدي الغالي: لم يحتمل قلبي أن أرى تدنيس المسجد الأقصى، لم يحتمل قلبي أن أرى أخت المرجلة تستشهد وتقتل على حواجز الاحتلال، لم أحتمل أن أرى قوافل الشهداء، فأردت يا والدي أن أقدم روحي شهيدًا في سبيل الله، ثأراً لتدنيس المسجد الأقصى، وثأراً لأخت المرجلة، وثأراً لشعب فلسطين، سامحني يا والدي سامحيني يا أمي".

الأب في السجن والابن تحت التراب (فيسبوك)


في الشهر الأخير قبل اعتقال تقوى ووالدها، تعمدت قوات الاحتلال التنغيص على العائلة باقتحام منزلها لمرات متكررة، والعبث بمحتوياته وتخريبه، ومصادرة أموال لـ"أبو أنس" وحافلة يعمل عليها سائقا لنقل طلاب إحدى مدارس البلدة.

بسام حماد الأسير المحرر الذي عانى من الاعتقال في سجون الاحتلال لعدة سنوات، كان يعمل حلاقا، وهي مهنة كان يساعده بها ابنه الشهيد أنس كذلك، فيما كان يعمل بسام كذلك إماما وخطيبا لأحد مساجد سلواد.

مع قدوم رمضان لهذا العام، تشتت شمل عائلة الشيخ بسام حماد، المكونة من 8 أفراد، اعتقل ثلاثة منهم واستشهد أنس، ولم تشعر العائلة بجو رمضان لهذا العام، فهو جو قاسٍ عليها، إذ تقول السيدة هلا حماد: "رغم أنني اعتدت على اعتقال زوجي عدة مرات ولسنوات، إلا أن هذا العام كان قاسيا باعتقال 3 من أفراد عائلتي، وخاصة تقوى الابنة المدللة والبكر والقريبة مني".

منذ أول يوم في شهر رمضان، وأبناء بسام حماد لا يفطرون في منزلهم، بل في منزل أجدادهم لأبيهم أو لأمهم، تقول السيدة هلال، إنهم لا يستطيعون التواجد في المنزل، لغياب أبيهم وشقيقهم وشقيقتهم، بينما لا ينسى الشهيد أنس من الذاكرة، مستدركة بالقول: "حسبي الله ونعم الوكيل على الطاغين.. الله يفرجها على فلسطين والأسرى..الله يحسن الحال".