رمضان بالنكهة الفلسطينية

رمضان بالنكهة الفلسطينية

31 مايو 2017
فانوس رمضان أمام قبة الصخرة (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -
استقبل الفلسطينيون شهر رمضان المبارك بتجهيزات وترتيبات لافتة، سواء في منازلهم وشوارع قراهم وساحاتها أم في محالهم التجارية وحتى بسطاتهم. يزين الفلسطينيون منازلهم قبل بداية الشهر بأيام، بزينة أضواء تباع في المحال التجارية، وهي عبارة عن مجسمات أهلّة وفوانيس ترمز لشهر رمضان، وتضاء هذه الزينة طوال فترة الشهر الكريم.

في بلدة مادما، جنوب مدينة نابلس إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، اعتاد الشبان تزيين مسجد القرية بالأضواء المناسبة بالإضافة إلى الحبال الملونة التي يضعونها في محيط المسجد بشكل جميل ولافت. يقول الشاب مصطفى قط لـ"العربي الجديد": "نحاول أن نعطي بهجة إضافية للشهر الكريم، عدا عن بصمته الدينية والاجتماعية، فهذه المظاهر تحبب الأطفال به، وتضفي طابعاً مميزاً عليه. كذلك، نتولى تنظيف المسجد، ويتطوع الشبان للمساعدة في إنجاز مثل هذه المهام".

أيضاً، يعمل الشبان في غالبية قرى وبلدات فلسطين، على تنظيف الشوارع وغسلها، وتجميل مظهرها، وهي من الأنشطة الجماعية التي يساهم بها كبار وصغار القرية. ومع رؤية هلال شهر رمضان المبارك، يجري الإعلان عادة عبر المآذن في المساجد عن حلول الشهر، وهو ما حصل يوم الجمعة الماضي، إذ يجهز الأهالي لصوم أول أيام الشهر، فتكتظ المحال التجارية بالزبائن الذين يشترون وجبة السحور ومستلزمات المنزل.

ما زال العديد من الشبان المتطوعين في القرى والبلدات الفلسطينية يتولون دور المسحراتي، إذ يخرجون في وقت السحور لينبهوا الناس من أجل تناول هذه الوجبة الأساسية للصائمين. يستخدم هؤلاء الطبل وينادون على إيقاع الطبل مرددين عبارات شعبية ودينية، منها: "اصحَ يا نايم... وحّد الدايم.. قوموا على سحوركم قوموا" بالإضافة إلى التهليل والتسبيح وتراتيل دينية أخرى. ويرتدي المسحراتي زياً خاصاً خلال هذه المهمة.

ما بين أذان العصر والمغرب، تزداد حركة الصائمين، بعكس فترة الظهيرة. في هذه الفترة يخرجون إلى السوق ويتمشون لإضاعة الوقت، كما يخصصونها لشراء الحلويات والعصائر كالتمر الهندي والعرق سوس والخروب، وبعض الحاجيات التي تزين موائد الإفطار.

بدوره، يقول مازن العكر، وهو صاحب محل حلويات في بلدة حوارة، جنوب نابلس لـ"العربي الجديد": "عادة الناس في شهر رمضان أن يشتروا الحلويات قبيل أذان المغرب، حيث تكتظ محال الحلويات بالزبائن، كونهم يفضلون أن تكون ساخنة، مؤكداً أنه يجهز نفسه قبل الشهر عن طريق ترتيب محله، وتسهيل البيع من خلال زيادة العمال لديه، وزيادة كميات الحلويات أيضاً".



ولشهر رمضان خاصية تميزه عن باقي الشهور، ففيه يزداد التماسك الاجتماعي ما بين الأقارب والأهل والجيران والأصحاب، إذ يدعو الأقارب بعضهم بعضاً إلى الإفطار ويتبادلون ذلك، وهو ما يقوّي ترابط المجتمع. اعتاد مراد أحمد على دعوة إخوته وعائلاتهم إلى تناول طعام الإفطار في منزله، فيجهز لهذه المناسبة بإتقان.

يقول أحمد لـ"العربي الجديد": "خلال شهر رمضان نجتمع مع إخوتي وعائلاتهم أكثر من مرة، وتعطي هذه الدعوات طابعاً خاصاً يقربنا من بعضنا ويزيدنا تماسكاً، بالإضافة إلى القيمة الدينية للتقارب وصلة الأرحام".

يشير أحمد إلى أنّ هناك عادة لديهم في أول أيام رمضان وهي طبخ طعام لونه أبيض أو أخضر، أملاً بأن تكون السنة المقبلة بيضاء أو خضراء عليهم، إلا أنّ هذا الاعتقاد ليس سائداً بشكل كبير لدى الناس. لكنّ السائد هو الاجتماع على إفطار المنسف في أول أيام رمضان.
ومن مشاهد الشهر الكريم أيضاً الأطفال وهم يحملون أطباق الطعام والحلويات في طريقهم إلى منازل الجيران والأقارب. فالأمهات يتشاركن الأطباق الرئيسية التي يصنعنها والحلويات في ذلك اليوم.

وتكثر في شهر رمضان أعمال الخير وتفقّد العائلات المحتاجة في القرى والبلدات، فيقدم المقتدرون من أصحاب المصالح ما أمكنهم للمحتاجين. وهم الذين يبحثون أحياناً بطرقهم الخاصة عن هؤلاء المحتاجين، أو من خلال المؤسسات الخيرية في المدن. وفي القرى يستفسرون من خلال إمام المسجد الذي يكون على اطلاع واسع بحال بعض العائلات الفقيرة والمحتاجة. يقول الشيخ محمود صالح لـ"العربي الجديد": "أهل الخير في شهر رمضان يسعون إلى مساعدة المحتاجين، لما في ذلك من أجر وثواب، وعبر طرق عدة توزع المساعدات سواء كانت مالية أو عبر طرود تحتوي على مواد غذائية".

كذلك، فإنّ من عادات الفلسطينيين، أن يقوموا بالإعداد لإفطارات جماعية يدعون إليها الأهالي، والأطفال الأيتام، والعائلات البسيطة، لما في ذلك من أجر وتخفيف من أعباء توفير الإفطار اليومي، نظراً إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والغلاء المعيشي في الأراضي الفلسطينية.
بدورها، تكتظ المقاهي والساحات العامة في القرى والبلدات الفلسطينية بالشبان والأطفال والرجال عقب صلاة العشاء والتراويح. كذلك، يجري إحياء أمسيات رمضانية فيها تشمل نشاطات وطنية وثقافية تمنح الشهر الكريم نكهة فلسطينية مميزة.