الاحتلال يسرّع وتيرة التهويد والاستيطان... انتقاماً

الاحتلال يسرّع وتيرة التهويد والاستيطان... انتقاماً

03 ابريل 2014
الاحتلال يصعد عمليات استهداف القدس المحتلة(إليا يفيموفيتش/getty)
+ الخط -

كثّفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من عمليات الاستيطان في القدس المحتلة، رداً على خطوة السلطة الفلسطينية بالانضمام إلى معاهدات واتفاقيات دولية، وهي الخطوة التي استبقتها تل أبيب بنشر تراخيص جديدة لبناء 708 وحدات استيطانية جنوب القدس المحتلة، إضافة إلى استمرار أعمال التهويد للبلدة القديمة ومحيطها. كما واصلت عمليات اقتحام المسجد الأقصى والتي بلغت ذروتها خلال اليومين الماضيين، باقتحام أعداد من المستوطنين لباحاته، الأمر الذي حذر منه أمس الأربعاء، الخبير الفلسطيني في مجال القدس والاستيطان، جمال عمرو، الذي قال إن القدس وحدها ستدفع الثمن وستتلقى الضربات الانتقامية الإسرائيلية.

وشرع الاحتلال، صباح اليوم الخميس، بتنفيذ مرحلة جديدة من تهويد ما تبقى من بلدة سلوان المتاخمة للمسجد الأقصى من ناحيته الجنوبية، والتي بدا أنها تتلقى أولى الضربات الانتقامية الإسرائيلية، إذ شرعت جرافات الاحتلال بأعمال حفر أسفل منازل المواطنين هناك، مستبقة جلسة خاصة لبلدية الاحتلال، من المتوقع أن تعطي بعدها الضوء الأخضر لتنفيذ واحد من أكبر المخططات الاستيطانية جنوب المسجد.

وتقول مصادر إسرائيلية إن هذا المخطط عبارة عن تشييد مبنى ضخم تمتد مساحته على 16 ألف متر مربع بالتوازي مع المدخل الرئيس للبلدة، الذي يربط البؤر الاستيطانية فيها، والبالغ عددها نحو أربعين بؤرة بمثيلتها في القدس القديمة، وفي ساحة البراق أيضاً.

من جهته، أوضح مدير "مركز معلومات وادي حلوة" الفلسطيني، جواد صيام، أن المبنى المخطط إنشاؤه سيشتمل على مراكز ومتاحف، ومواقف للسيارات، ومن شأنه أن يطمس الوجود الفلسطيني العربي لبلدة سلوان.

وأشار صيام إلى أن جمعية "العاد" الاستيطانية المتطرفة تشرف مباشرة على أعمال تهويد سلوان بقرار ودعم حكوميين. وبالتوازي مع هجمة التهويد هذه، يتعرض مواطنو البلدة يومياً، لحملة استهداف تشمل الاعتقالات واقتحامات البيوت، وتسليم المزيد من أوامر الهدم.

وشهدت " قلعة سلوان" يوم أمس الأربعاء، افتتاح قوات الاحتلال نفقاً ضخماً أسفل منازل المواطنين في البلدة. ويمتد النفق، الذي استمر حفره طيلة 15 عاماً، على أكثر من 600 متر تقريباً، يتجه شمالاً نحو المسجد الأقصى، ويرتبط النفق بشبكة أخرى معقدة من الأنفاق تحيط بالمسجد وتقع أسفله وعلى مساحة كبيرة داخل البلدة القديمة.

وتدير جمعية "العاد" في سلوان مركزاً كبيراً للترويج لما يؤمن به اليهود حول "جبل الهيكل"، في إشارة إلى المسجد الأقصى، في حين باتوا يطلقون على سلوان اسماً عبرياً هو "عير ديفيد" أي مدينة داود.

ويرى الباحث المختص في شؤون الاستيطان والعقارات في البلدة القديمة ومحيطها، هايل صندوقة، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن ما تتعرض له سلوان حالياً هو امتداد لما كانت تتعرض له البلدة القديمة في القدس من عمليات تهويد واستيطان، الهدف منه طمس المعالم الفلسطينية والعربية.

ويؤكد صندوقة، أن الهدف في النهاية هو صبغ المدينة ومحيطها بالصبغة اليهودية، "من خلال السيطرة على العقارات هناك، وتحويل بعضها إلى كنس ومعابد". ويشير إلى أن "الجهود الإسرائيلية تتضافر لمضاعفة الوجود الاستيطاني اليهودي المتطرف حول المسجد الأقصى، إذ بات يقطن البلدة القديمة الآن، نحو خمسة آلاف مستوطن، بينهم تقريباً ألف مستوطن يتوزعون على أكثر من 70 عقاراً تم الاستيلاء عليها من سكانها الفلسطينيين".

ويؤكد أستاذ العمارة والهندسة المدنية في جامعة بير زيت جمال عمرو، كلام صندوقة، قائلاً "لقد نجح الاحتلال في تغيير المعالم العربية لكثير من أحياء سلوان".

وتوفر الحكومة الإسرائيلية دعماً لهذا الوجود الاستيطاني، من خلال شبكة حراسة وحماية أمنية تنفق عليها نحو 80 مليون شيكل سنوياً.

يعلق مسؤول ملف القدس في حركة "فتح"، وعضو مجلسها الثوري، حاتم عبد القادر، على نفقات الاحتلال بهدف الوجود الاستيطاني، قائلاً إن "المليونير الأميركي ــ الصهيوني إيرفينغ موسكوفيتش يمول هذا الوجود الاستيطاني بنحو 100 مليون دولار سنوياً، يخصص جزء مهم منه للسيطرة على المزيد من عقارات المقدسيين في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح، وجبل الزيتون.

ويوضح عبد القادر انه بهذه لأموال التي يضخها موسكوفيتش، شيدت سلطات الاحتلال قبل نحو خمس سنوات، مستوطنة يهودية في حي "رأس العمود" شرق المسجد الأقصى، وشملت المستوطنة نحو 132 وحدة استيطانية، وقد أطلق على هذه المستوطنة اسم "معاليه هزيتيم".

بيد أن التصعيد الإسرائيلي الأخير، امتدّ إلى خارج أسوار البلدة القديمة وسلوان، ليطاول مناطق أبعد تحيط بالمدينة المقدسة، إذ أعلن أمس الأربعاء أيضاً، عن افتتاح فندق ضخم على أنقاض المجلس الاسلامي الأعلى في القدس الغربية، بكلفة بناء وصلت إلى نحو 150 مليون دولار.

ووفقاً لـ"مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، وهي مؤسسة فلسطينية داخل فلسطين المحتلة وتنشط في رصد ومتابعة التعديات على أماكن العبادة، فقد بدأت أعمال هدم مبنى المجلس في العام 2007، فيما انتهت أعمال البناء في الفندق بعد ذلك واستمرت لنحو ست سنوات.

ويتاخم الفندق الجديد مقبرة مأمن الله الاسلامية التي تضم رفات كبار الصحابة من عهد صلاح الدين الأيوبي.

وكانت سلطات الاحتلال قد استولت على الجزء الأكبر من المقبرة، وشيدت عليها فندقاً، فيما جرفت خلال السنوات القليلة الماضية مئات القبور والأضرحة في المساحة المتبقية منها لتقيم على أنقاضها مركزاً أطلق عليه اسم "مركز التسامح".

ويتصدى الاحتلال لأي نشاط أو فعالية تحاول الوقوف أمام عمليات تهويد القدس، تحت ذريعة اتفاق أوسلو المبرم عام 1993، والذي يحظر على السلطة القيام بأي نشاط في القدس من دون موافقة السطات الإسرائيلية المحتلة.

المساهمون