الأمم المتحدة تحذر: غزة على بعد خطوة من الحرب

منسق الأمم المتحدة يحذر: غزة على بعد خطوة واحدة من حرب كبرى

15 يوليو 2018
ميلادينوف: قطاع غزة يشهد تدهوراً خطيراً (محمد البحيصي/العربي الجديد)
+ الخط -

حذّر منسق الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف، من أنّ "غزة كانت على وشك مواجهة جديدة" خلال التصعيد الإسرائيلي الأخير، أمس السبت، منبّهاً من أنّ القطاع على بعد "خطوة واحدة من حرب كبرى"، وداعياً الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والدولية إلى تدارك الأوضاع.

وقال ميلادينوف، في مؤتمر صحافي، اليوم الأحد، في مقر الأمم المتحدة بمدينة غزة، إنّ التصعيد بالأمس "جعل غزة على حافة حرب حقيقية، وهي مواجهة لا أحد يريدها وسيخسر فيها الجميع"، كاشفاً أنّه كانت "هناك جهود من أطراف عدة (لم يكشفها) كي نبتعد عن شبح الحرب".

وطالب "سكان غزة بالمحافظة على المسيرات والفعاليات السلمية والابتعاد عن المظاهر المسلحة، وكل الأطراف بالتمسك بالهدوء وضبط النفس، وإيقاف إطلاق النار".

وفي أسوأ تصعيد في غزة منذ عدوان 2014، شنّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الضربات الجوية على القطاع، أمس السبت، أسفرت عن استشهاد صبيين فلسطينيين، فيما أطلقت المقاومة الفلسطينية أكثر من مائة صاروخ، أدت إلى إصابة ثلاثة أشخاص في مستوطنة على الحدود.

ودخل وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ، في وقت متأخر من مساء أمس السبت، وهو ثاني وقف لإطلاق النار تتوسط فيه مصر هذا العام، بعد تصعيد استمر يوماً في مايو/ أيار الماضي.

ولفت ميلادينوف، في كلمته، إلى أنّ "قطاع غزة يشهد تدهوراً خطيراً، في الفترة الأخيرة، بسبب ثلاثة عوامل، أولها العامل الإنساني في غزة، إضافة إلى تدهور الوضع السياسي عبر توقف محادثات المصالحة الفلسطينية، فضلاً عن تدهور كبير في الجانب الأمني".

وقدّم ميلادينوف تعازيه إلى الفلسطينيين ممن فقدوا أبناءهم، خلال الأسابيع الماضية، بمن فيهم الأطقم الطبية والصحافية، مضيفاً "حتى لو قُتل طفل واحد، فهذا كثير جداً، الكثير من الأطفال قُتلوا خلال الأسابيع الماضية. نحن نقف أمام مشهد معقد جداً".

وقال إنّ "غزة والفلسطينيين، عاشوا ثلاث حروب، خلال العقد الماضي، والإسرائيليين إلى جانب الجدار الفاصل عاشوا تهديدات متواصلة بسبب الصواريخ المنطلقة من غزة"، مضيفاً أنّ "هذه الدائرة يجب أن تتوقف وتنتهي".


ومنذ بداية "مسيرة العودة" بذكرى "يوم الأرض"، في 30 مارس/ آذار الماضي، استُشهد أكثر من 140 فلسطينياً برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينهم صحافيون ومسعفون، فضلاً عن إصابة أكثر من 13 ألف آخرين، إذ يتجمهر آلاف الفلسطينيين في مواقع عدة قرب السياج الحدودي، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948.

ولم يُسجل خلال فعاليات "مسيرة العودة" أي قتيل إسرائيلي، بينما يرد الفلسطينيون بإطلاق بالونات وطائرات ورقية مشتعلة، أسفرت عن حرق أكثر من 2600 هكتار من الأراضي بالمستوطنات الإسرائيلية.

ورغم انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، بدأ ميلادينوف بتوجيه نداء إلى كل الفلسطينيين في قطاع غزة "بأن يبتعدوا عن السياج الفاصل وأن يحافظوا على المظاهرات سلمية"، متوجهاً للفصائل الفلسطينية بالقول "لا تحاولوا استفزاز أو إنشاء أحداث استفزازية هناك على السلك الفاصل، بالإضافة إلى وقف إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات الحارقة، وإعطاء السلام الفرصة".

ولقوات الاحتلال الإسرائيلي، قال ميلادينوف: "عليكم أن تكونوا أكثر انضباطاً في ردود الفعل تجاه الأحداث في غزة، وعلى القناصة ألا يطلقوا النار على الأطفال، وعلى كل الأطراف أن تتراجع عن حافة الهاوية"، مضيفاً أنّ "على المجتمع الدولي ألا ينسى الناس هنا في غزة والفلسطينيين الذين عاشوا أجيالاً بلا دولة".

ودعا ملادينوف إلى "استعادة الهدوء ووقف إطلاق الصواريخ والنار، وحل المشكلة الإنسانية في غزة، عبر إيجاد عمل للناس، وتزويدهم بالكهرباء، وإصلاح النظام الصحي وحل مشكلة المياه"، مضيفاً أنّ "الأمم المتحدة مع شركائها، لديها خطط فورية للتحرك في هذا الاتجاه، بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية وكل الشركاء الإقليميين والدوليين"، من دون مزيد من التفاصيل.


وتفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصاراً مشدداً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة، منذ فوز حركة "حماس" الفلسطينية بالانتخابات التشريعية في عام 2006، بينما تغلق السلطات المصرية معبر رفح البري الحدودي بين قطاع غزة ومصر منذ سنوات، وتفتحه استثنائياً للحالات الإنسانية في فترات متباعدة.

ووسط الأوضاع الإنسانية الصعبة، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في 9 يوليو/ تموز، معبر كرم أبو سالم البري، الوحيد لعبور البضائع بين الأراضي المحتلة والقطاع، رداً على إطلاق الطائرات الورقية الحارقة.

وقال ميلادينوف إنّه "لو تم حل المشكلة الإنسانية في قطاع غزة، فإنّ ذلك لن يكون كافياً إذا لم نقم بحل المشكلة السياسية"، مضيفاً أنّ "حلّها يعني تحسين ظروف الدخول والخروج والحركة للناس في غزة عبر إسرائيل ومصر"، مرحّباً بـ"الجهود المصرية في فتح معبر رفح بصورة دائمة في الفترة الأخيرة، كما العمل مع الحكومة الإسرائيلية من أجل تحسين التحرك من وإلى قطاع غزة وكذلك حركة الاستيراد والتصدير".

ورأى أنّ "الخطوة للحل تتمثل في العودة إلى المصالحة الفلسطينية، وضرورة أخذ حركتي حماس وفتح، وكل الفصائل، المبادرة المصرية بجدية هذه المرة"، محذراً من أنّ "الحل الذي سيتبقى إذا فشلت هذه المحاولة الأخيرة لجسر الوحدة بين فتح وحماس، هو الفوضى".

وتابع "يجب إعادة جهود المصالحة الفلسطينية والوحدة بين غزة والضفة، لكي يكون هناك نظام وسلام واحد وسلطة واحدة، كما لا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية في غزة أو دولة فلسطينية بدونها".

كذلك أكد ميلادينوف أنّ "الأمم المتحدة لن تغادر غزة، وستزيد من وجودها هنا في القطاع"، واعداً بأن تكون "أكثر فاعلية وقوة في تزويد الفلسطينيين بالمساعدات".


وختم منسق الأمم المتحدة بالقول "نحن نواصل العمل بتقارب أكثر مع زملائنا في (أونروا)، كما تعرفون فهم يعيشون أزمة مالية كبيرة، وقيادة أونروا تقوم بعمل الكثير لمساعدة الناس من أجل حل المشكلة المالية، ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسورية".

وتعاني وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من أزمة مالية خانقة، من جراء تجميد واشنطن 300 مليون دولار من أصل مساعدتها البالغة 365 مليون دولار. وتقول الأمم المتحدة إنّ "أونروا" تحتاج إلى 217 مليون دولار، وإلا ستقوم بخفض برامجها التي تتضمن مساعدات غذائية ودوائية.