الألغام تعرقل عودة سكان الرمادي قبل رمضان

الألغام تعرقل عودة سكان الرمادي قبل رمضان

16 مايو 2016
العائلات النازحة في الرمادي العراقية (معاذ الدليمي/فرانس برس)
+ الخط -
تلاشت أحلام نحو نصف مليون عراقي بالعودة إلى منازلهم في مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، غرب العراق، وذلك بعد إعلان السلطات الأمنية أوامرها بوقف العودة بسبب الألغام والأفخاخ التي تركها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خلفه في منازلهم وطرقاتهم وحتى آبار المياه في المدينة.

انتقام بدا كأنه موجّه من التنظيم لأهالي المدينة لا غيرهم، فحتى المنازل التي بقيت سالمة من المعارك عُثر بداخلها على متفجرات وعبوات تم تفجيرها عن بعد، بسبب قلة خبرة القوات العراقية في التعامل معها أو عدم اكتراثهم بالمنازل ومحاولة تعريض أنفسهم للخطر في تفكيكها بسلام، من دون تفجير حفاظاً على المنازل والمباني.

مع العلم أن الحكومة العراقية كانت قد أعلنت نهاية شهر إبريل/نيسان الماضي، إيقاف عودة العائلات إلى الرمادي وإغلاق المدينة حتى اشعار آخر، وفقاً لبيان أصدره رئيس الوزراء حيدر العبادي، عقب مقتل واصابة 54 مدنياً من الذين تركوا الخيام وعادوا إلى منازلهم في المدينة، عقب تحريرها من "داعش".

من جهته، يشير قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات رفع الألغام ما زالت متواصلة، ونعتقد أنه يوجد أكثر من 20 طناً من الألغام والمتفجرات والأجسام المتفجرة البدائية، التي تركها داعش في المدينة".
ويضيف المحلاوي أن "إيقاف عودة العائلات لحمايتهم قبل كل شيء، وهناك نحو 80 فرقة هندسية لرفع المتفجرات وتفكيكها تعمل بالرمادي، وسيتم الإعلان عن تطهيرها بعد التأكد من خلو جميع شوارع ومباني المدينة من المتفجرات".

كما يكشف بأن "داعش ترك ألغاما وعبوات ناسفة وتفنّن بطريقة ربطها، وكيفية تفجير بعضها من خلال الحركة أو الاهتزاز، بينما ينفجر البعض الآخر من خلال قطع سلك خطأ. كما جهّز التنظيم طريقة تفجيرية تتمّ وفقاً لحصول احتكاك كهربائي، ولو على بُعد مئات الأمتار، وتطاول مختلف المتفجرات الموضوعة تحت الأغطية والملابس وأسفل الأثاث وفي الأجهزة الكهربائية وتحت الحدائق في المنازل والشوارع، التي فُخخت فيها أعمدة الكهرباء".

أما إمام وخطيب جامع الرمادي، الشيخ محمد عبد الله، فيتهم "داعش" بأنه "أداة مساعدة لإيران في تدمير مدن السنّة"، على حدّ وصفه. ويضيف أن "ما يقوم به داعش هو تسلّم وتسليم: يدخل التنظيم مدينة، فيعيث بها فساداً، وعندما تهاجم القوات العراقية والمليشيات المدينة، تُدمّر بفعل القصف والمعارك. ولا يكتفي داعش بذلك بل يفخخها ويخرج". ويتساءل "ماذا فعل داعش للسنة في العراق أو سورية، وما الذي قدّمه لهم غير الموت والخراب واستمرار الطغاة والقتلة في القمع تحت خانة: محاربة داعش، الذي بات شمّاعة جيدة لهم". ويُبيّن عبد الله أن "الرمادي عبارة عن مدينة مدمّرة وأسمع اقتراحات من خبراء إعمار واقتصاد حول تركها وبناء مدينة مجاورة لها، لكونه أقلّ كلفة من إعادة إعمارها".

من جانبه، يقول مدير بلدة عامرية الفلوجة فيصل العيساوي لـ"العربي الجديد"، إن "المئات من الأسر النازحة، التي قررت العودة إلى الرمادي أصبحت عالقة عند جسر بزيبز، المعبر الوحيد بين بغداد والأنبار، بعد قرار قيادة عمليات الأنبار بإيقاف عودة النازحين إلى المدينة". كما ينوّه العقيد في الشرطة العراقية موفق ناصر العسافي لـ"العربي الجديد"، إلى أن "24 مدنياً قتلوا وأصيب 30 آخرون، بينهم أطفال ونساء بفعل متفجرات داعش بعد تحرير المدينة، وهو ما استدعى إيقاف العودة حالياً". ويبدي العسافي أسفه لأهل الرمادي لأنه "قد لا ننجح في إعادتهم للمدينة قبل شهر رمضان".

في السياق، يشرح عضو اللجنة الاستشارية لإعادة تأهيل الرمادي المُشكّلة من قبل الحكومة، المهندس محمد الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أن "نحو 60 في المائة من أهل الرمادي لن يجدوا منازلهم عند عودتهم، فقد هُدّمت وسُويّت تماماً بالجرافات". ويردف الدليمي أن "نسبة الدمار في الرمادي، تبلغ بشكل دقيق 81 في المائة، منها 60 في المائة منازل مواطنين، والباقي مبانٍ ومنشآت حكومية عامة. كما أنه هناك أحياء كاملة مُسحت ويمكن ملاحظة ذلك عبر خرائط موقع غوغل". ويتابع "لن يجد العائدون مكاناً يسكنون فيه، وأُرجّح عودتهم إلى خيامهم أو نصب خيام فوق أنقاض منازلهم، بينما لن يعود ميسورو الحال بطبيعة الحال، ولو لم تُدمّر منازلهم، فالمدينة تحتاج وقتا طويلا للتعافي".

أما المواطن سالم صفوان، فيشير لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "عاد إلى منزله بمفرده وترك عائلته في المخيم، ليتأكد من الوضع، قبل أن يجد أن ما تبقّى من منزله هو غرفة واحدة والباقي مهدم". ويضيف صفوان أن "زوجتي وافقت على العودة والسكن بهذه الغرفة، فهي أرحم من المخيم لكن المشكلة بالخدمات، هو عدم وجود كهرباء ولا ماء، بينما تنتشر الأمراض والقوارض، في ظلّ تواجد المليشيات وقوات الجيش، التي لا تحترم حرمة أي مكان". ويختم "لن نعود هذا العام على أقل تقدير وأنا مرتاح أن العاصفة مرت وفقدت منزلي فقط، فهناك عائلات فقدت منازلها وأفرادا منها".

المساهمون