الألتراس خبراء مواجهة الشرطة

الألتراس خبراء مواجهة الشرطة

12 اغسطس 2015
اتهم الأمن بسقوط 74 قتيلاً عام 2012 (فرانس برس)
+ الخط -
تفتقد مدرجات ملاعب كرة القدم المصرية اليوم جماهيرها، ومن هؤلاء بالخصوص تفتقد ألتراس الأندية الكبرى كالأهلي والزمالك، تلك المجموعات الشبابية موحدة الألوان، التي كان لها على الدوام دورها في مواجهة الشرطة. وهو الدور الذي انتقل من الكرّ والفرّ في ملاعب كرة القدم إلى الميادين العامة، خصوصاً الدور الكبير الذي أدته مجموعات الألتراس في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وما تبعها من أحداث.

تنكفئ روابط مشجعي الأندية بعد حادثتين رئيسيتين ارتبطتا بالعنف في الملاعب. الأولى كانت مقتل 74 شخصاً في مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي عام 2012. والثانية مقتل 40 شخصاً من مشجعي الزمالك، بعدما منعت قوات الأمن المشجعين من دخول الملعب لمتابعة فريقهم أمام إنبي في فبراير/ شباط الماضي.

ومع ذلك يعبّر أفراد تلك الروابط عن أفكارهم برسومات وكتابات متنوعة على الجدران اليوم، حتى باتت من خصائصهم المعروفة.

ثورة 25 يناير رفعت أسهم الألتراس، لكنّهم قبل ذلك كانوا موجودين أيضاً. ولعلّ الظهور الفعلي الأبرز لهم كان في إحدى مباريات الأهلي عام 2007 عندما رفعت مجموعة من الشباب لافتة كبيرة تحمل اسم "ألتراس أهلاوي" وسط هتاف منتظم ومتواصل للعشرات من الشباب. ومن الأهلي انتقلت عدوى الألتراس إلى الأندية الأخرى المنافسة، لا سيّما الزمالك.

وأمام قوة تجمعات "الألتراس" وازديادهم في كل مباراة، حاول الحزب الوطني الحاكم قبل الثورة استقطاب الشباب نحوه من خلال كسب عطفهم وتزويدهم بالأموال مقابل حمل لافتاته، التي تتوسطها صور جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع، حسني مبارك، في إطار الترويج للتوريث. لكنّ تلك المحاولات فشلت مع قيام الثورة عام 2011.

من جهتها، نظرت قوات الأمن المصرية إلى الألتراس دائماً بعين الريبة والخوف. وكونهم بالدرجة الأولى من الشباب كانوا متهمين دائماً بتأجيج العنف في الملاعب. وزاد من التوتر محاولات الأمن الفاشلة منع استخدام الألتراس للأعلام والشماريخ. ووصل الأمر إلى التضييق عليهم أمنياً، والقبض على عدد منهم، مثلما حدث ليلة مباراة الأهلي والزمالك في يناير/ كانون الثاني 2009، عندما حبس عدد منهم احتياطيـاً. كما وقّع بعضهم على إقرارات بعدم الذهاب إلى الملعب من أجل الخروج من الحجز. ومنذ ذلك التاريخ أطلقت مجموعات الألتراس على الأمن لقباً موحداً وصفتهم فيه بـ"الأوغاد" باعتبارهم العدو الأول لمجموعاتهم المختلفة.

مع تصاعد وتيرة التظاهرات في مصر عقب أحداث 25 يناير 2011، تحولت ظاهرة شباب الألتراس من ظاهرة رياضية إلى ظاهرة سياسية بامتياز. واعتبر هؤلاء أنفسهم جزءاً فاعلاً في ما تمر به البلاد من أحداث، واتفقوا على الوقوف صفاً واحداً بجانب كافة القوى الوطنية ضد ممارسات الشرطة القمعية. يومها كان لهم دور ملحوظ فى احتلال الصفوف الأولى في مواجهة جهاز قوات الشرطة، نظراً لخبرتهم الكبيرة في التعامل مع هذا الجهاز خلال السنوات التي سبقت الثورة، ومعرفتهم بتكتيكات وتحركات الأمن.

ومنذ الثورة بدأت جدران الشوارع في كافة المحافظات، خصوصاً القاهرة، تكتسي برسوم وكلمات الألتراس الذين وجدوا فيها مكاناً للتعبير عن آرائهم، خصوصاً بعد قرارات منع الجمهور من دخول الملاعب. وتميزت الجداريات بالزخارف الملونة والرسومات والشعارات الثورية والسياسية، التي تطالب بسقوط الحكم العسكري، وتخلد ذكرى الشهداء الذين سقطوا في الثورة.

وظهرت مجموعات الألتراس في العديد من الأحداث السياسية، التي شهدتها مصر منذ عام 2011 حتى اليوم، حيث شاركت في حماية أسر الشهداء أمام المحاكم، وفي التظاهرات المليونية. وكانوا من بين مقتحمي السفارة الإسرائيلية في القاهرة أواخر 2011. وكان لهم على الدوام حضور مميز في ميدان التحرير، حتى أنّ هنالك مَنْ أطلق عليهم لقب "حماة الثورة". وجاء ذلك خصوصاً لاعتصامهم داخل الخيام، وحماية الثوار من البلطجية، لخبرتهم في الكرّ والفرّ مع قوات الأمن المركزي. كما خرج الكثير منهم في تظاهرات الاحتجاج على بطء المحاكمات، فيما أكدت بعض التقارير أنّ حادثة مقتل 74 مشجعاً كروياً من شباب "ألتراس أهلاوي" في مباراة الأهلي والمصري عام 2012 وقفت وراءها قوات الأمن، في ما اعتبر انتقاماً من هؤلاء الشباب.

تبقى الإشارة إلى أنّ ظهور الألتراس في مصر لم يقابل بترحاب كبير، بل شنت وسائل الإعلام الرياضية هجوماً على تلك المجموعات، واتهمتها بالتعصب وفقدان الروح الرياضية، والتسبب في كثير من الصدامات بين مشجعي الأندية.

إقرأ أيضاً: ردود أفعال غاضبة تجاه مذبحة "أولتراس زملكاوي"

المساهمون