اقتصاد غزة نحو الأسوأ... 55% تراجعاً في واردات الإسمنت

اقتصاد غزة نحو الأسوأ... 55% تراجعاً في واردات الإسمنت

16 ابريل 2018
أزمة المعابر مستمرة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
سجل الربع الأول من العام الجاري تراجعاً كبيراً في الحركة التجارية بقطاع غزة، استمراراً لحالة التدهور الاقتصادي المتسارعة خلال العامين الماضيين، بفعل اشتداد الحصار الإسرائيلي والإجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس محمود عباس.
وشهد الربع الأول من العام الجاري تراجعاً ملموساً في كميات الإسمنت الواردة للقطاع بنسبة تصل لنحو 55 % على الرغم من عدم الانتهاء من عملية إعادة الإعمار للمنازل والمنشآت الصناعية التي تعرضت للتدمير في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، حسب إحصائيات لغرفة تجارة غزة.

وتظهر البيانات التي كشف عنها مدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية بغزة ماهر الطباع، أن الربع الأول من عام 2018 لم يشهد أي انفراجة بالمعابر المغلقة باستثناء معبر كرم أبو سالم، وهو الوحيد الذي يعمل حتى اللحظة.
ويقول الطباع لـ "العربي الجديد" إن الملاحظة الأبرز في البيانات الحديثة هي الانخفاض الكبير بأكثر من النصف في كمية الإسمنت الواردة للقطاع المحاصر إسرائيلياً.

وحسب إحصائيات الغرفة الحديثة، بلغ عدد الوارد خلال الربع الأول من العام الجاري 25346 شاحنة، مقارنة مع 29847 شاحنة واردة إلى القطاع خلال الربع الأول من عام 2017 من مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى قطاع غزة.
ويوضح المسؤول في الغرفة التجارية بغزة أن استمرار حالة الخصومات المفروضة من قبل السلطة الفلسطينية على الرواتب وقطعها عن البعض سينعكس بالسلب وبشكل واضح على واردات الربع الثاني من العام الجاري.

وينوه إلى أن الربع الثاني قد يحمل انخفاضاً أكبر مما هو عليه على مستوى الواردات التجارية للقطاع بفعل انعدام القدرة الشرائية، التي انعدمت في الأيام الماضية.
وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الانخفاض في إجمالي عدد الشاحنات الواردة للقطاع الخاص فقط حوالي 15% خلال الربع الأول من عام 2018 إذ بلغت حوالي 24454 شاحنة، مقارنة مع 29036 شاحنة واردة خلال الربع الأول من عام 2017. وبلغ متوسط عدد الشاحنات الواردة يومياً إلى قطاع غزة 281 شاحنة خلال نفس الفترة.

ويلفت الطباع إلى تراجع حركة الصادرات بفعل الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي منذ فرض الحصار على القطاع، ومنع تصدير المنتجات الصناعية والزراعية للعالم الخارجي، ومنع تسويقها في أسواق الضفة الغربية.
وتبين الإحصائيات أنه على صعيد الصادرات من القطاع للعالم الخارجي والضفة الغربية وإسرائيل بلغ عدد الشاحنات خلال الربع الأول من عام 2018 حوالي 933 شاحنة من المنتجات الصناعية والزراعية، مقارنة مع 994 شاحنة تم تصديرها خلال نفس الفترة من عام 2017، حيث بلغت نسبة الانخفاض في إجمالي عدد الشاحنات الصادرة 7 % بذات الفترة.

وحسب خبراء ومختصين اقتصاديين، فإن الإجراءات التي اتخذت بحق القطاع أسهمت في حرمان السوق الغزي من نحو ربع مليار دولار سنوياً من خلال اقتطاع نسبة 30 % من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية في القطاع.
ويقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة سمير أبو مدللة إن الإحصائيات الأخيرة تعتبر طبيعية، خصوصاً وأن عام 2017 كان أسوأ الأعوام من الناحية الاقتصادية على القطاع، وهو ما انعكس بشكل واضح على حياة الغزيين منذ بداية العام الجاري.

ويقول أبو مدللة لـ "العربي الجديد" إن نحو 60 % من الأسر الفلسطينية بغزة فقيرة، في الوقت الذي تتلقى فيه 80 % من الأسر المساعدات الإغاثية.
ويرجع أبو مدللة أسباب ذلك، إلى الحصار الإسرائيلي الذي دخل عامه الثاني عشر على التوالي بالإضافة لحالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، عدا عن الإجراءات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني باقتطاع 30 % من الرواتب وصلت في بعض الأحيان إلى 50 % للأطباء و70 % من الحقوقيين.
ويشير إلى أن من يحرك الأسواق في القطاع هي رواتب الموظفين وتأخرها أدى لحالة من الكساد الكبير في المشهد التجاري، في الوقت الذي سجل العام الماضي ارتفاعاً كبيراً في عدد المطلوبين على قضايا ذمم مالية حيث بلغ عددهم أكثر من 98 ألفا بينهم رجال أعمال.
ويؤكد أن أي توجه نحو قطع رواتب الموظفين بغزة سيكون له انعكاساته السلبية، وسيؤدي لعدم مقدرة جزء كبير من الأسر الفلسطينية بغزة على الوفاء بالتزاماتها، في الوقت الذي تشير فيه إحصائيات البنك الدولي إلى أن نحو 50 % من الأسر تعاني من انعدام في الأمن الغذائي.

ويوضح أن العجز سيؤدي لعدم مقدرة هذه الأسر على الوفاء بالحدود الدنيا كدفع فواتير الكهرباء والمياه والإنترنت وسيقيد حركة السيولة النقدية المحدودة أصلاً، وسيؤدي لمشاكل بين أرباب هذه الأسر والمؤسسات الاستهلاكية التي لن تقبل باستمرار البيع بنظام الدين.
ويلفت أبو مدللة إلى أن الإجراءات المتخذة من قبل الرئيس عباس قبل نحو عام انعكست بالسلب على قطاع التعليم الجامعي، حيث لا يستطيع نحو 70 % من الطلاب دفع الرسوم لكلياتهم، في الوقت الذي لا يتوفر أي دعم للمؤسسات الجامعية التي تعتمد بدرجة أساسية على الرسوم للوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين، خصوصاً وأن معظم التمويل الخارجي يقتصر على إنشاء المباني.

المساهمون