اجتماع ثلاثيّ وليفني تقرّ بإفشال إسرائيل للمفاوضات

اجتماع ثلاثيّ وليفني تقرّ بإفشال إسرائيل للمفاوضات

06 ابريل 2014
غضب فلسطيني متزايد على مواصلة الاستيطان والحصار (أناضول)
+ الخط -

أقرّت وزيرة العدل الإسرائيلية، المكلّفة بملف المفاوضات، تسيبي ليفني، بوقوف وزراء ومسؤولين في حكومة بنيامين نتنياهو وراء تفجير المفاوضات وتعثّر استحقاق الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى. فيما تواصل الولايات المتحدة الأميركية جهودها الماراثونية لثني الفلسطينيين عن مواصلة إجراءات التوجّه إلى الأمم المتحدة، قبل أن يبدأ سريان مفعول الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقّعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعقد لقاء ثلاثي، اليوم الأحد.

واتهمت ليفني الوزير أريئيل، خلال لقاء مع القناة الإسرائيلية، بإعلانه مناقصة بشأن بناء 700 وحدة استيطانية عن سابق قصد بهدف تفجير المفاوضات، وأنه أدى بذلك إلى اتهام العالم لإسرائيل بمسؤولية إفشال المفاوضات.
وأضافت ليفني، في إشارة منها إلى احتمالات تراجع الدور الأميركي في العملية السلمية، أن هناك حاجة "أقل" للوساطة الأميركية، وحاجة أكبر لمزيد من اللقاءات مع الطرف الفلسطيني، بما في ذلك بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وخلافاً لما دار في اللقاء الثلاثي الأسبوع الماضي، بمشاركة المبعوث الأميركي مارتن إنديك، عندما اتهمت ليفني الفريق الفلسطيني بخرق التفاهمات وكسر قواعد اللعبة عند التوقيع على الاتفاقيات المذكورة، اعترفت ليفني، في برنامج "واجه الصحافة"، بالمسؤولية الإسرائيلية عمّا حدث، في مسعى منها لتقاسم المسؤولية عن قيام إسرائيل بإفشال الصفقة والتهرّب من استحقاق الدفعة الرابعة.
وفي هذا السياق، قالت ليفني إن "إسرائيل أضاعت، هي الأخرى، الفرصة وليس فقط الفلسطينيين، والآن علينا أن نفكر بماذا نفعل لاحقاً".

وتأتي اعترافات ليفني لتؤكد الصورة التي نقلتها كل من صحيفة "هآرتس"، عبر مراسلها السياسي يوسي فيرتير، وصحيفة "يديعوت أحرونوت" عبر الكاتب سيما كدمون، عندما وصف الاثنان تحركات الوزير أريئيل ومعه كل من نائب وزير الخارجية، زئيف إلكين، ومسؤول الاستيطان في الضفة الغربية زئيف حيبر، بالمعرقلة.
وبحسب فيرتير فقد احتل الثلاثة، بموافقة رئيس الوزراء، غرفة في ديوان نتنياهو، مقابل غرفة اجتماعات الحكومة، التي دارت فيها في تلك الساعات المفاوضات الأخيرة بين ليفني وإنديك ونتنياهو.
ووفقاً للوصف الذي يورده فيرتير، فكلما خرج إنديك من ديوان نتنياهو للاتصال بوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، كان الثلاثة يدخلون غرفة نتنياهو لمعرفة ما تم التوصل إليه، وخصوصاً بالنسبة لما يتعلق بتجميد الاستيطان.

تأتي تصريحات ليفني في سياق اعتباراتها الحزبية والسياسية، فهي مضطرة في الظروف الحالية الداخلية إلى إبداء الدعم لنتنياهو ومحاولة الإبقاء على "بصيص" أمل للعملية السلمية، لأن مسؤوليتها عن هذا الملف تشكل عملياً المبرر الوحيد لبقاء حزبها في ائتلاف نتنياهو.

وتدرك ليفني فشل المفاوضات، إلا أنها لا تستطيع الاعتراف بهذا الفشل لأنها تفقد مبرر بقائها في حكومة برئاسة نتنياهو. وهي في واقع يشبه عملياً الوضع الذي وصل إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي يرفض، بدوره، الاعتراف بفشله، وخصوصاً أن مهمته الأساسية كانت رعاية مفاوضات الأشهر التسعة وصولاً إلى اتفاق دائم، وقد استبدل هذا الهدف بطرح اتفاق إطار (خطة كيري)، ثم اتفاق إطار للمفاوضات، وأخيراً محاولة الوصول إلى صفقة تمكّن من تمديد المفاوضات لعدة أشهر فقط.

من جهته، استغرب الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، تصريحات ليفني، التي قالت فيها إن إسرائيل لن تطلق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو من دون مقابل.

وأضاف أن ليفني، بصفتها رئيس الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات، تعلم جيداً بأن الاتفاق الأميركي ـ الفلسطيني ـ الإسرائيلي نصّ على إطلاق سراح الأسرى مقابل عدم الذهاب إلى المنظمات الدولية لمدة تسعة أشهر.

وأكد أبو ردينة، في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية الفلسطينية "وفا"، أن المسؤول عن وصول المفاوضات إلى طريق مسدود هي الحكومة الإسرائيلية التي واصلت الاستيطان ولم تنفذ الاتفاق الخاص بإطلاق سراح الأسرى.
وشدد على أن "ليفني تعلم جيداً بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كان ولا يزال ملتزماً بمفاوضات حقيقية وجادة تؤدي إلى سلام عادل وشامل ينهي الاحتلال، ويؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية".
وأوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، أن الوسيط الأميركي واللجنة الرباعية والمجتمع الدولي، يثمّنون موقف عباس، وبأنه شريك حقيقي وجاد في صنع السلام إنْ وجد الشريك في الجانب الإسرائيلي.
ومن المقرر، بحسب موقع "هآرتس" الالكتروني، أن يعقد اليوم، الأحد، لقاء ثلاثي يجمع إنديك وليفني وعريقات ومدير الاستخبارات الفلسطينية، ماجد فرج.
وأعلنت مصادر مقرّبة من المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي أن اللقاء سيعقد بين إنديك وعريقات وليفني من أجل "إنقاذ" عملية التسوية.

وكانت ليفني قد قالت أمس، السبت، إنّنا "في أزمة حقيقية". وأضافت أن "المفاوضات موجودة في مرحلة صعبة، حيث "الأسبوع الأخير كان غير جيد، وعلينا تصحيح المسار، وذلك أمر غير سهل بالمرة، بل معقد جداً. نحن في أزمة حقيقية".

وأردفت ليفني قائلة إنها رأت أن هناك حاجة لتمديد المفاوضات ما بعد الفترة المتفق عليها، موضحة: "لم تكن لدينا نيّة لإطلاق سراح الأسرى من دون أن نعرف إلى أين نذهب مع هذه المسيرة. الفلسطينيون أخطأوا، وهم يعرفون ذلك".

ضغوط إسرائيلية

في غضون ذلك، تواصل إسرائيل الضغط باتجاه وقف التحركات الدبلوماسية الفلسطينية بعدما كانت هددت، غداة إطلاق التحرك الفلسطيني بالانضمام إلى خمسة عشر اتفاقية دولية، بمزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية على الطرف الفلسطيني، بدءاً بوقف جباية الأموال المستحقة وتحويلها إلى السلطة الفلسطينية، ومروراً بالمطالبة بالديون المستحقة على السلطة مقابل خدمات الكهرباء، وانتهاءً بالتهديد بتقييد حركة السلطة الفلسطينية ونشاطها في المناطق "سي"، وتهديد وزراء الليكود بإعلان السيادة على الكتل الاستيطانية.

ويبدو من التحركات الأخيرة، أن إسرائيل تسعى بالأساس إلى كسب الوقت ومحاولة إيقاف عجلات المركبة الفلسطينية باتجاه مؤسسات الأمم المتحدة وصولاً إلى انتزاع اعتراف بفلسطين كدولة واقعة تحت الاحتلال.

وتستغل إسرائيل، في الظرف الحالي، الإعلان الفلسطيني بالالتزام بمواصلة التفاوض حتى نهاية مدة الشهور التسعة، أي في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، من دون أن تقدم أي عروض حقيقية جديدة. 

وفي هذا السياق، كشف النائب الفلسطيني في الكنيست، جمال زحالقة، السبت، أن نتنياهو كان هو مَن طلب من نواب في اليمين الإسرائيلي، بمَن فيهم النائب أريه درعي، أن يصرحوا بأنهم لن يقبلوا بالصفقة، واستدعى "ضغطاً من الرأي العام الإسرائيلي"، ومن الحكومة لإظهار الصعوبات التي يواجهها في تمرير الاتفاق تمهيداً للتوصل إلى اتفاق يمكّن من تمديد المفاوضات لسنة إضافية أو على الأقل لعدة أشهر.

جاء ذلك خلال حديث زحالقة أمام المجلس العام لحزب التجمع الوطني في شفا عمرو.
ولفت زحالقة إلى أنه في الوقت الذي يحتمي فيه نتنياهو وراء مسألة "الرأي العام"، فإن الطرف الفلسطيني أيضاً مُلزم بمواقف وخطوات مدعومة من الرأي العام الفلسطيني، الذي لا يقبل بكل اقتراح أو إملاء تحاول إسرائيل فرضه.

المساهمون