إفطارات "الدراويش" تطغى على رمضان دمشق مع غلاء الأسعار

إفطارات "الدراويش" تطغى على رمضان دمشق مع غلاء الأسعار

26 يونيو 2016
تدهورت أوضاعهم المعيشية تدريجيا (Getty)
+ الخط -
تتحسر أم حسن وهي تعد مائدة إفطار رمضان، إذ بات الفتوش والفول الطبقين الرئيسيين، بعدما كانا سابقاً من المقبلات التي تسبق وجبة دسمة أصبحت صعبة المنال في ظل غلاء الأسعار.

وتقول بعد ترتيبها الأطباق على مائدة الإفطار، داخل غرفة متواضعة في أحد أحياء دمشق القديمة، "كنت أعد طبخة رئيسية مع المقبلات الطازجة يوميا. أما الآن، فإذا لم يتوفر لدي اللحم، أكتفي بالمقبلات من بطاطس وفتوش مع صحن فول"، قبل أن تضيف باللهجة المحلية "وبيمشي الحال".

لا يختلف حال أم حسن عن سوريين كثر تدهورت أوضاعهم المعيشية تدريجيا جراء النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ مارس/آذار 2011.

ولئن كانت السفرة الدمشقية ذائعة الصيت بأطباقها الدسمة وحلوياتها العربية، خصوصا خلال رمضان الذي يجمع العائلات، فإن حال مئات الآلاف من العائلات تغير وتبدلت العادات، وحتى الوجبات في ظل الحرب وغلاء الأسعار مع تراجع قيمة الليرة السورية.

ودفع هذا الواقع إحدى الإذاعات المحلية المعروفة في دمشق، إلى استبدال عنوان برنامجها اليومي الخاص برمضان من "خبز وملح" إلى "رمضان الدراويش"، ليقدم للنساء أفكارا حول كيفية إعداد مائدة إفطار بثلاثة دولارات في اليوم الواحد.


وتقول مقدمة البرنامج، ديالا حسن (26 عاما)، "قررنا أن نقدم برنامجا يعرض طبخة اقتصادية بـ1500 ليرة سورية (ثلاثة دولارات)، بما يتناسب مع دخل المواطن"، مشيرة إلى "خطوط حمراء للمائدة الرمضانية، مثل لحم الخروف أو التوابل واللوز غالية الثمن".

وتعترف وهي تجمع على الآلة الحاسبة قيمة ما ستكلّفه مائدة رمضان لحلقتها المقبلة، بأنها تنجح أحيانا مع ضيوفها بصنع طبق أو طبقين بالمبلغ المحدد، لكنها تفشل "حين يتضمن الطبق لحما أو صنوبرا".

وفي غرفة متواضعة نزحت إليها العائلة من بلدة المليحة في الغوطة الشرقية قرب دمشق قبل أربع سنوات، تنهمك أم حسن بتسخين ما تبقى من طبخة الكوسى المحشي من اليوم السابق.

وتقول "اليوم بتنا نشتري التفاح بالقطعة الواحدة بعدما كنا نحضر كميات كبيرة" مضيفة "قبل قليل اشتريت تفاحتين اثنتين بمائة وخمسين ليرة، وسنتقاسمها جميعا بعد الإفطار".

وإلى جانب أم حسن، يجلس زوجها رضا صالح (49 عاما)، بانتظار أذان المغرب. ويتذكر "كنا في الماضي نملأ هذه الطاولة بالمأكولات والحلويات والمشروبات بألف ليرة سورية، أما اليوم لا يكفي المبلغ ذاته لصحن سلطة وصحن فول".

ويضيف "مضى على رمضان أكثر من أسبوعين، ولم نأكل الحلويات نهائيا حتى اليوم".

وإذا كانت عائلة صالح قادرة على تدبير أمورها بما توفر لديها من إمكانيات، فإن عائلات أخرى لا تتمكن من تأمين قوتها اليومي، الأمر الذي دفع بجمعيات إنسانية إلى المبادرة لمساعدتها.

ويفترش حوالي مائة متطوع من مبادرة "خسى الجوع" الطريق قرب الجامع الأموي وسط دمشق، وتنهمك مجموعة من النساء يعاونهم شبان في توضيب علب من سلطة الخس والجزر. وإلى جانبهم يعمل فتيان على تقطيع الخس، وآخرون على طهي الأرز في طناجر كبيرة.

وبعد انتهائه من طهي الأرز، يقول رئيس مجلس إدارة جمعية "ساعد" الخيرية عصام حبال (48 عاما) "أحيانا يأتي متبرع ليقدم العدس أو البرغل، أرفض ذلك لأن الفقير شبع منهما طوال العام".

ويضيف "يجب أن نقدم له وجبة دسمة، مثل الدجاج واللحم"، مشيرا إلى أن جمعيته قدمت "130 ألف وجبة في عام 2013، و170 ألفا في عام 2014، و230 ألفا في عام 2015". ويأمل حبال أن يصل إلى مليون وجبة عام 2016".