أمير قطر إلى بريطانيا: تاريخ من العلاقات المزدهرة

أمير قطر إلى بريطانيا: تاريخ من العلاقات المزدهرة

27 أكتوبر 2014
مسؤولون بريطانيون يشيدون بمتانة العلاقة مع قطر (Getty)
+ الخط -

تُعد الزيارة التي يستهلها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على رأس وفد قطري رفيع المستوى إلى لندن، والتي تبدأ غداً الثلاثاء، الأولى له إلى بريطانيا، منذ توليه الحكم في الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران 2013. ويبحث الأمير تميم مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمسؤولين السياسيين والاقتصاديين في بريطانيا مختلف أوجه التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين. وتتصدر أجندة المباحثات الأوضاع السياسية الملتهبة في المنطقة، خصوصاً "الحرب على الإرهاب"، بما أن البلدين شريكين في التحالف الدولي الذي يشن حرباً على تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق، وكذا التعاون الاقتصادي المتنامي بين البلدين.

وتتزامن الزيارة مع تفاعل الكثير من الملفّات السياسيّة والاقتصاديّة، سواء على المستوى الدولي أو على مستوى العلاقات الثنائيّة بين البلدين.

على المستوى الدولي، هناك التحالف الدولي، الذي انضمت إليه دول عدّة لمواجهة خطر الإرهاب المتمثل في تنظيم "داعش" وأخواته، وما بات يشكله هذا الإرهاب من خطر يتهدّد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصولاً إلى أوروبا والولايات المتحدة، وحتى كندا وأستراليا.

على هذا المستوى، تتقاطع رؤية البلدين في ضرورة تنسيق الجهود الدوليّة لاستئصال خطر التطرف، بالتوازي مع العمل على تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. أما على مستوى العلاقات الثنائية بين قطر وبريطانيا، فإن زيارة الأمير تميم إلى لندن تأتي لتحتفي بعلاقات اقتصادية تجاوزت سقف الخمسين مليار جنيه إسترليني، بما في ذلك من استثمارات متبادلة وتجارة بينيّة. كما تأتي الزيارة الأميرية وفي خلفية المشهد حملات في بعض الصحف البريطانية تحاول التحريض للنيل من علاقات قطر مع بريطانيا، أو من صورة قطر لدى الرأي العام البريطاني.

ويشيد عدد من المسؤولين البريطانيين، الذين تواصلت معهم "العربي الجديد"، بمتانة العلاقات بين قطر والمملكة المتحدة. وفي موازاة دعوتهم إلى "تعزيز التنسيق بين البلدين"، ينتقدون الحملات الممنهجة، التي تشنّها من حين إلى آخر بعض الصحف البريطانيّة بهدف النيل من العلاقات بين الدوحة ولندن، انطلاقاً من أنّ الأصوات القليلة، التي تنادي بقطع العلاقات الاقتصاديّة بين البلدين على أساس مسوغات واهية، ستظلّ بلا أثر يذكر، لأنّ العلاقات بين البلدين راسخة في التاريخ وقوية في الحاضر ومرشحة للتعزيز والتطوير في المستقبل.

ويصف عضو مجلس اللوردات البريطاني، اللورد هوول، لـ"العربي الجديد"، العلاقات بين دولة قطر والمملكة المتحدة بـ"الهامة جداً"، معتبراً أنّ "قطر باتت مؤثرة جداً في منطقة الشرق الأوسط، والمملكة المتحدة تولي اهتماماً خاصاً لتنامي دور قطر في منطقة مضطربة جداً".
من جهتها، تقول عضو مجلس اللوردات البريطاني، البارونة آنجيلا هاريس، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العلاقات بين قطر وبريطانيا هامة جداً، وهي تتطور على أساس من التفاهم المتبادل، والمصالح المتبادلة، وليس آخرها الاستثمارات القطريّة في بريطانيا، والتي توفر الكثير من فرص العمل، خصوصاً في المناطق الأكثر حاجة إلى التنمية". وترى أنّ "هناك حاجة ملحّة لالتزام كلا البلدين بالاستمرار في العمل معا".
وتحتاج بريطانيا، وفق ما يوضحه عضو مجلس العموم البريطاني، آندي لوف، لـ"العربي الجديد"، إلى "أصدقاء مخلصين ومقرّبين في منطقة الشرق الأوسط، حتى تتمكن من حلّ المشاكل المعقّدة التي تمرّ بها المنطقة". ويعتبر أنّ "لقطر دوراً أساسياً ومؤثراً، لا على مستوى مواجهة (داعش) وحسب، ولكن على صعيد حلّ الأزمات التي تمرّ بها بلدان المنطقة، وخصوصاً سورية والعراق". ويثني أيضاً على "ما تتميّز به العلاقات القطريّة البريطانيّة، سواء على مستوى إمدادات الغاز القطري للمملكة المتحدة أو على مستوى العلاقات التجاريّة المثمرة، التي نتطلع إلى تعزيزها وتقويتها".

وتأتي زيارة أمير قطر إلى بريطانيا، وفق ما يؤكّده مدير مجلس تعزيز التفاهم العربي ــ البريطاني في لندن، كريس دويل، لـ"العربي الجديد"، في "وقت صعب بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط"، لافتاً إلى أنّ "كُلاًّ من قطر وبريطانيا تعملان، كل ما بوسعهما ضمن حلف دولي لمحاربة (داعش) وما يشكله من خطر على المنطقة وعلى العالم ككل".
ويشدّد دويل على أنّ "مصالح بريطانيا وقطر المشتركة تستدعي التعاون لحلّ جميع المشاكل والأزمات، التي تعصف بالمنطقة، والحوار هو السبيل الأفضل لحلّ أي خلاف في وجهات نظر البلدين إزاء بعض الملفات".
ولم يتردّد سفير المملكة المتحدة لدى دولة قطر، نيكولاس هوبتن، أخيراً، في التأكيد على عمق ومتانة العلاقات الثنائيّة، ويشير إلى أنّ "حكومة بلاده قررت منذ عام 2010، الارتقاء بالعلاقات مع دولة قطر إلى مستوى أكثر أهميّة"، مؤكّداً "إنّنا نحاول بناء شراكة حقيقيّة مع قطر".
ويسهب السفير البريطاني، في محاضرة قدّمها في المعهد الدبلوماسي في الدوحة، في الحديث عن تاريخ العلاقات بين قطر وبريطانيا. ويذكّر بأنّ العلاقات بين البلدين تطورت قبل وأثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، بسبب انضمام تركيا إلى المحور الألماني، ثم تخلّيها عن ممتلكاتها، وتوقيع قطر اتفاقيّة ثنائيّة مع بريطانيا عام 1916 أصبحت بموجبها البلد الحامي". ويلفت إلى أنّ "تلك الاتفاقيّة بقيت في أساس العلاقات بين البلدين لمدة طويلة، إلى أن قررت بريطانيا عام 1968 الانسحاب من شرقي السويس، بما في ذلك الخليج في غضون ثلاث سنوات، وأصبحت قطر دولة مستقلة أخذت على عاتقها رسم جميع سياساتها الداخلية والخارجية عام 1971".

وتتمتّع كل من قطر وبريطانيا، وفق تصريحات سابقة لوزير الدفاع البريطاني، فيليب هاموند، الذي زار الدوحة في يونيو/ حزيران الماضي، "بعلاقات قويّة ومتنوعة على مستوى الدفاع والأمن، فلدى البلدين اتصال وتعاون على مستوى التدريبات المشتركة بين القوات المسلحة في البلدين". ويوضح أنّ "لندن تشارك في دعم القوات القطرية في خططها لإعادة البناء وبرامج الإصلاح وتنمية القدرات، ومنها مشروع تدريب كبار القادة في القوات المسلحة، كما أن لدى الدوحة اهتمام بمقاتلات (تايفون) البريطانية".

المساهمون