أكذوبة الصادرات السورية لروسيا

أكذوبة الصادرات السورية لروسيا

18 سبتمبر 2014
فتيات نازحات جراء الحرب في سورية (أرشيف/getty)
+ الخط -
ربما يكون في الأرقام الصادرة عن الاقتصاد السوري، أكثر مرايانا واقعية لاستشفاف "أكاذيب" النظام السوري حول أن "الاقتصاد بخير"، لتأتي بعض التصريحات الفاقعة، بمثابة صفعة تثير الاستغراب والدهشة لمن لا يعرف بنية وهيكلية هذا الاقتصاد، الذي بنيّ وفق مبدأ المحاصصة أصلاً، قبل أن تأتي حرب الأسد على الثورة لتنال مما تبقى من "المزارع" التي وزعها الأسدان، الأب والابن، بمثابة رشى ومكافآت، شكلت اقتصاداً هشاً فضحه توقف تصدير النفط وعرّته سنوات الحرب.
لعل آخر دعابة اقتصادية أطلقها معاون رئيس مجلس الأعمال السوري الروسي، تجلت في أن سوريا ستصدر خلال أيام سفن خضار وفواكه لتسد العجز في المعروض الغذائي للأسواق الروسية، بعد العقوبات الأوروأمريكية على موسكو، لعدم قدرة أوروبا على تأمين الخضار والفواكه لروسيا في هذه الآونة، بسبب فروقات درجة الحرارة.
بداية القول: ماذا تبقى من الإنتاج الزراعي في سورية، والفائض عن حاجة الاستهلاك المحلي، لتصدره للحليف الروسي، إذا علمنا أن أكثر من 70% من الأراضي الزراعية والإنتاج، خارجة عن سيطرة نظام الأسد، وأن الأسعار ارتفعت في سورية، إثر فشل الحكومة في تحقيق التوازن بين العرض والطلب لأكثر من 300%، وأن الفقر في سورية زاد عن 54 %..

هذا إن فرضنا جدلاً أن ثمة زراعة في سورية بعد تخريب البنى والطرقات وقتل المزارعين وهروب من نجا منهم من طائرات النظام وبراميله، ولم نتطرق إلى ندرة مستلزمات الزراعة وانقطاع الكهرباء وفقدان البذار والأسمدة وندرة المياه .
قصارى القول: يؤْثر النظام السوري الاستمرار في "بروبوغاندا" أن سورية بخير، ويصدر القرارات والمراسيم على نحو يومي، عله يوهم مؤيديه على الأقل، أنه سيصمد أمام ثورة شعبه، ولعل في عقود التصدير مع إيران وروسيا، بعضاً من هاتيك الدعاية التي تدخل في باب الحرب النفسية أكثر ما تندرج في الاقتصاد.
ويتسلح النظام السوري، ليتمم صفقته النفسية، ببعض المنتجات الزراعية، وعلى رأسها الحمضيات وزيت الزيتون، نظراً لأن مراكز انتاجها الرئيسية في سورية تقع في منطقة الساحل، مسقط رأس الأسد، وهي مازالت تحت سيطرته، وربما ببعض المنتجات النسيجية، بعد سرقة المعامل ونقل المنشآت إلى مدن الساحل السوري بالتواطؤ مع اتحاد غرف الصناعة السورية.
ولكن، أي أثر يمكن أن يعود على العرض السلعي في أسواق تعاني أصلاً من نقص حاد وكيف ستنعكس صفقات التصدير السياسية على الأسعار وعلى المستهلكين السوريين، في واقع محدودية، إن لم نقل تلاشي الدخول والتضخم النقدي الذي زاد عن 174%.
نهاية القول: تقول الأرقام أن الصادرات السورية تراجعت بنحو 95% منذ بداية الثورة، فمن 1901 مليون دولار خلال الربع الأول عام 2011 إلى أقل من 94 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، وقال صندوق النقد العربي قبل أيام، أن رصيد صافي الدين العام سيرتفع بنحو 40% خلال عام 2014 ليصل لنحو 3000 مليار ليرة وسيرتفع الدين السوري الخارجي بنحو 16% ليبلغ 10.7 مليارات دولار نهاية العام.
فإن نظرنا إلى هذا الواقع الاقتصادي الذي أوصل الأسد الابن سوريا إليه، قد لا يكون من تفسير لما يقال عن صادرات إلى روسيا، عدا السبب الدعائي النفسي، سوى أن موسكو ضجت بسبب تراكم ديون الأسلحة، وتريد مقايضة ديون الأسد ببعض المنتجات، ليعود تاريخ اتفاقية المدفوعات نفسه عام 1996 الذي لا ينساه السوريين أبداً.

المساهمون