أقلام مأجورة

أقلام مأجورة

28 مايو 2014
+ الخط -
أقلام تجارية كلفت بأن تقضي على أحلامنا الديمقراطية، والآمال المتبقية لدى شبابنا المشتاق لمعانقة حروف الحرية، لتتسلم بعد ذلك أوسمة الخيانة العظمى من أيادٍ لا تجيد غير المتاجرة بالكلمة الرديئة، ليتم بيعها لعمال التجزئة المتحدثين باسم الوطنية والإخلاص للشعوب وللقومية العربية، والتي قريبا ربما سيتم تسجيلهم في منظمة التجارة العالمية، بعد أن افتتح السيسي أخيراً لهذه الأقلام  أسواقاً أخرى، تضاف ملحقاً عسكرياً منه، يساند الأقلام الممزقة التي حاول شبابنا تحطيمها، لكنهم لم يستطيعوا أن يجتثوها، لتأتي الآن، وتشكل مكوناً يتجمع تحت مظلته أولئك، حتى يتكون منهم تكتل عربي، يتعهد بتدمير كل الأقلام الصادقة والحرة، ويتبنى مهام القضاء على الأمة العربية، ولعلهم يمضون من هناك إلى مقاضاة الإنسانية.
لا ندعو الناس لمقاطعة أفكارهم المباعة سلفا، ولا نقول يجب أن تصادر حقوقهم الفكرية التي لم تعد أصلا مملوكة لهم، بمجرد أن تنطق من أفواههم الكريهة، بقدر توخي الحذر منهم، لأننا، في هذه الأيام، نراهم في تزايد مستمر، وارتفاع لافت للأنظار، ونستمع للمؤسف منهم ونقرأ عنهم كثيراً المخزي والرائج. ونشاهد تجار الكلمة يعملون على إخفاء الحقائق بأقلامهم الملوثة، ونجدهم ليلا ونهارا موجودين، وبكل همة، يتحدثون بكتاباتهم بطرق عكسية، لا تخدم الأهداف القومية، كالحديث عن الانتخابات المصرية، وكم هي صحيحة وواقعية، وكم كانت هذه الانتخابات المحسومة مسبقا مطلباً شعبياً لعودة الأنظمة العسكرية إلى الحكم مرة أخرى، وبالصورة الديمقراطية السابقة الذي لا يكاد الهم منها أن ينجلي، والأفراح أن ترسم السعادة لأحرارنا، حتى تبسط أقلامهم تعابير للخبث أخرى، لا تبشر بغير عودة التعاسة إليهم ثانياً.
الكلمة الجريئة تظل مطلوبة، لكنها تبقى في أعناق كتابها أمانة، فإن لم ينطقوها بمخارجها الصحيحة، قبل أن توضع على الأوراق البيضاء، يبقى الصمت للمتحدثين باسم الضعفاء خيراً لهم، حتى لا يخدموا بكلماتهم الطائشة هذه من لا يستحقونها، أو يعمل الفرد منهم متعمدا على بلورتها لتحويلها إلى رصاصات قاتلة، يقتل فيها ملايين الأبرياء بثمن بخس أو بتحيز منه لآجل المجاملة، ولممارسة هواية لعبة أنا ضد الضد ومع الجميع. ويكون بفعلته هذه، ارتكب جريمة جسيمة أشنع وأبشع من الجرائم كلها التي يرتكبها خدام الدفع المسبق، وعبيد الأنظمة الدكتاتورية، لأن طلقاتهم تسمع وتتميز، وعن بعد، ترى للجميع، ويستطيع المرء الاختباء، إذا يشاء هذا، قبل أن يصاب منها بأذى، لكن طلقات الأقلام المسمومة تظل سماً أبدياً لداء ليس له دواء.
من يستحق احترامي وحب الناس هو القلم الذي يكتب مقالاً جيداً بمضمون وفائدة عامة،  وتتزين أسطره بكلمات فلسفية رائعة، وممتلئة جوانبه نظريات كثيرة، ورؤى صائبة ونصائح جيدة.
 بأي إحساس سيحكم مصر عبد الفتاح السيسي، وبأي عقلية سيقود إليها النعيم المرتقب الذي يتوعد فيه الديمقراطية عبر القنوات مع الشعب، وأي نوع من المشاعر هذه التي سوف تكون راضية عليه جدا في أثناء تحركاته، في مصر وخارجها. إنه يريد أن يقود مسيرة تقدم مصر، كما يقول في تصريحاته، بإخلاص وجدية وحزم وهمة عالية، وبشفافية مطلقة، وبروح وطنية مخلصة للشعب، بعد ان يغير المكنة التالفة بمكنة خربانة.
سيعاني كثيرا من الديمقراطية، ولن يستطيع عليها صبراً، لان اسمه ارتبط بعدم الولاء للرئيس الفعلي والمنتخب للبلاد، القابع في سجونه، ما سوف يجعل الرجل يخرج سريعا للشعب بديمقراطيته المخفية، والخاصة فيه، والمصنوعة بحسب الوصفات القديمة المعتادة الشعوب العربية عليها. لن يستطيع السيسي على الديمقراطية الحقيقية والصبر ومقاومة حرية الرأي، بعدما تنتهي هذه اللعبة مع انتهاء الأموال التي تدعمه، ودعمت مسيرة انقلابه. ولن يجد بعد ذلك مخارج أخرى يتدبر فيها شؤون هذه البلاد البالغ عدد سكانها 85 مليون نسمة.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
avata
avata
سعيد النظامي (اليمن)
سعيد النظامي (اليمن)