أردوغان العربي

أردوغان العربي

29 اغسطس 2014
الثنائي التركي الأشهر (آدم ألتان/فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
كُتبت آلاف الصفحات عن تجربة رجب طيب أردوغان. شُتم الرجل بقدر ما نال من الإشادات، لكن الأكيد والمؤسف، أن نقصاً كبيراً يعتري الموضوع عربياً، ذلك أن الرجل انتقل بالنسبة للبعض، من "الطيب" مثلما كان يتبجح بعض الصحافيين ويصفونه في مقالاتهم المتزلّفة، و"الفاتح الجديد" و"صلاح الدين الجديد" (بمعانٍ إيجابية) قبل موجة العام 2011، إلى صفّ أسوأ المخلوقات البشرية بعد الانتفاضات العربية.

قد يرى البعض أن التغيير الجذري في الموقف من أردوغان بعد ثورات العام 2011، ظاهرة إيجابية وطبيعية، نظراً إلى مركزية الحدث وتاريخيته، لكن ما يصعب تبريره هو شروع الكثيرين في "لحس توقيعهم"، بمعنى التنكرّ لما سبق وكتبوه هم عنه عندما كانت شعبويته تدغدغ عقد نقصنا العربية.

في الأمس واليوم، ما قبل ثورات 2011 وما بعدها، لم يتنبّه أحد إلى أن الرجل يمثل جيلاً خطيراً من النيوليبرالية الاقتصادية التي تتبنّى بالكامل تعليمات المؤسسات المالية الدولية، ووصفات خصخصة و"إصلاح هيكلي"، وهو ما يُترجم منذ استلام حزبه الحكم، ذات نوفمبر/تشرين الثاني 2002، داخل تركيا على خطين: بيع بالجملة لمؤسسات حكومية رغم أنها مربحة (كشركة توركيش إيرلاينز)، وإعادة هندسة التركيبة الطبقية الاجتماعية للبلاد، من خلال "دفن" أرستقراطية وبرجوازية قديمتين (كانت ممثلة بعائلة دوغان خصوصاً في مدن غرب البلاد)، على حساب توليد فئة جديدة من وسط الأناضول صعدت سلّم البرجوازية بسرعة قياسية، وذلك بفضلٍ أساسي من رجل اسمه فتح الله غولن، بات اليوم العدو الأول لأردوغان وصحبه، ربما بما يفوق بأشواط العداء لعبد الله أوجلان مثلاً.

قبل موقف أردوغان من ثورات 2011 وبعده، لم يتوقف كثر ملياً في العالم العربي على حقيقة أن الرجل هو "قاتل أبيه" سياسياً، أي أستاذه ومعلمه نجم الدين أربكان الذي لم يفارق الدنيا في 2011 إلا وهو يلعن، بأقذع العبارات والشتائم، "تلامذته"، تحديداً أردوغان وعبد الله غول. و"قتل الأب" في السياسة، تقليد عربي عتيق كان يستحق تفنيداً وقراءة نجا منهما أردوغان بعيون مراقبيه العرب.