"حماية اللغة العربية": خطوة أخرى لتمكين الضاد

"حماية اللغة العربية": خطوة أخرى لتمكين الضاد

15 يناير 2019
علي حسن/ قطر
+ الخط -
تُقدّم الدوحة نموذجاً لافتاً في الاهتمام بالعربية لغةً وثقافةً وتراثاً؛ حيث أطلقت مشروع "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية"، وكانت البداية بجزئه الأوّل الذي انطلق الشهر الماضي، وشكّل الحدث الثقافي الأبرز عربياً في 2018، بموازاة استمرار مشاريع الترجمة الكبرى من العربية وإليها، وتنظيم تظاهرات متخصّصة في لغة الضاد.

في هذا السياق، أصدر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمس الاثنين، قانوناً لحماية اللغة العربية، يُلزم باعتماد "الفصحى" لغةً للتعليم في المدارس والجامعات التابعة للدولة، إلى جانب توقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، مع ضرورة إرفاق ترجمة باللغة العربية في الحالات التي تتطلّب استعمال لغة أجنبية أخرى. وينصّ القانون، أيضاً، على فرض غرامات مالية تصل إلى خمسين ألف ريال قطري، (14 ألف دولار تقريباً)، على كل من يخالف أحكام القانون.

قُدّم مشروع القانون من قِبل "المنظّمة العالمية للنهوض باللغة العربية" في الدوحة عام 2015، بهدف "المحافظة على هوية البلاد الحضارية والثقافية، في مواجهة التغيّرات في التركيبة السكّانية في البلدان الخليجية والعربية"، وفي لحظة وجدت الهوية العربية نفسها على محك الصراعات والانقسامات في المنطقة.

تنص المادة الأولى من القانون، الذي تضمّن خمس عشرة مادة، على التزام "جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بحماية ودعم اللغة العربية في كافة الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها"، وتنص الثانية على أن "تلتزم الوزارات والأجهزة والهيئات والمؤسسات العامة باستعمال اللغة العربية في اجتماعاتها ومناقشاتها، وفي جميع ما يصدر عنها من قرارات ولوائح تنظيمية وتعليمات ووثائق وعقود ومراسلات وتسميات وبرامج ومنشورات وإعلانات مرئية أو مسموعة أو مقروءة وغير ذلك من معاملات". وتسري أحكام الفقرة السابقة على الجمعيات والمؤسّسات الخاصة، والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام، والجهات التي تُموّل موازناتها من الدولة.

كما يلزم القانون بأن "تُصاغ تشريعات الدولة باللغة العربية، ويجوز إصدار ترجمة لها بلغات أخرى، إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك"، معتبراً أن "اللغة العربية هي لغة المحادثات والمفاوضات والمذكّرات والمراسلات التي تتمّ مع الحكومات الأخرى والهيئات والمنظّمات الإقليمية والدولية والمؤتمرات الرسمية، مع إرفاق النص باللغة الأخرى لتلك الجهات. وتُعتمد اللغة العربية في كتابة المعاهدات والاتفاقيات والعقود التي تعقد بين الدولة والدول الأخرى، والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، ويجوز اعتماد لغة أخرى، على أن تُرفق بها ترجمة إلى اللغة العربية".

يُعدّ القانون خطوة مهمة لتمكين اللغة العربية في مجالات الإدارة والتعليم والإعلام والاقتصاد والحياة العامة، الأمر الذي يتطلّب توفير آليات تيسّر تنفيذه وضبط المخالفين له بما يحقّق غاياته من خلال مراجعة تجارب بلدان عربية أخفقت في جوانب عديدة عند تطبيقها مثل هذه التشريعات.

وأكد القانون الجديد، الذي نُشر في الجريدة الرسمية، أن "اللغة العربية هي لغة التعليم في المؤسسات التعليمية العامة، إلا إذا اقتضت طبيعة بعض المقرّرات تدريسها بلغة أخرى، وفقاً لما تقرّره وزارة التعليم والتعليم العالي". و"تلتزم المؤسّسات التعليمية الخاصة بتدريس اللغة العربية مادة أساسية مستقلّة ضمن مناهجها، في الحالات، ووفقاً للقواعد والضوابط التي تضعها وزارة التعليم والتعليم العالي".

ويلزم القانون "الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التابعة للدولة بالتدريس باللغة العربية، إلّا إذا اقتضت طبيعة البرامج الأكاديمية تدريسها بلغة أخرى، وفقاً لما يقرّره مجلس أمناء الجامعة أو وزارة التعليم والتعليم العالي، بحسب الأحوال"، إلى جانب التأكيد على أن "تُنشر الأبحاث العلمية التي تمولها الجهات الحكومية وغير الحكومية باللغة العربية، ويجوز النشر بلغات أخرى، على أن يقدم الباحث في هذه الحالة، مختصراً باللغة العربية".

لم يستثن القانون الشركات التجارية والمالية، حيث نصّ على أن "تُسمّى بأسماء عربية الشركات، والمؤسسات ذات الأغراض التجارية والمالية والصناعية، والعلمية والترفيهية أو غير ذلك من الأغراض. ويجوز للشركات والمؤسسات العالمية والمحلية التي يكون لأسمائها الأجنبية أو أسماء منتجاتها شهرة عالمية ذات علامة مسجلة، أن تحتفظ بالاسم الأجنبي، على أن يتم كتابته باللغة العربية إلى جانب اللغة الأجنبية".

وفق نص القانون "تُكتب باللغة العربية البيانات والمعلومات المتعلّقة بالمصنوعات والمنتجات القطرية، ويجوز أن يرفق بها ترجمة بلغة أخرى". كما يلزم بأن "تُكتب العلامات التجارية والأسماء التجارية والمسكوكات والطوابع والميداليات باللغة العربية، ويجوز كتابة ما يقابلها بلغة أخرى، على أن تكون اللغة العربية أبرز مكاناً".

وينصّ قانون حماية اللغة العربية على عقوبات مالية تترتب على الأشخاص المخالفين لأحكام القانون الجديد. وجاء في المادة 11 منه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالغرامة التي لا تزيد عن (50.000) خمسين ألف ريال، كل من خالف أيّاً من أحكام مواد القانون، وأن "يعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص المعنوي المخالف بذات العقوبة المقررة عن الأفعال التي تُرتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، إذا ثبت علمه بها، وكانت المخالفة قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات وظيفته".

وتُلزَم "الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون، بتوفيق أوضاعها بما يتفق وأحكامه خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به ويجوز لمجلس الوزراء مدّ هذه المهلة أو مدد أخرى مماثلة".

المساهمون