"تجمّع المهنيين" ينسحب من التحالف الحاكم في السودان

"تجمّع المهنيين" ينسحب من التحالف الحاكم في السودان

25 يوليو 2020
يُضاف الانسحاب إلى سلسلة من المشكلات والانقسامات التي تواجه التحالف (عمر إرديم/الأناضول)
+ الخط -

أعلن "تجمّع المهنيين السودانيين، اليوم السبت، الانسحاب من كل الهياكل القائمة لتحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" الحاكم، وعلى رأسها المجلس المركزي للتحالف.

وعزا التجمع الذي يُعَدّ المحرك الأساسي للثورة السودانية، الانسحاب من هياكل "قوى إعلان الحرية والتغيير"، إلى تجاوزاتها ومفارقتها بنود إعلان ميثاقها الموقّع، في يناير/كانون الثاني الماضي، بعد أن توافقت عليه قوى سياسية ومدنية ومطلبية، والتفّت حولها القوى الثورية التي انخرطت في الحراك الجماهيري لإزالة نظام الرئيس المعزول عمر البشير.

وأعلن التجمع، في بيان، تنظيم مؤتمر عاجل للقوى الثورية الموقِّعة على الإعلان وخارجه، للتباحث في إعادة بناء "الحرية والتغيير" وهيكلتها، لتصبح معبّرةً عن القوى صاحبة المصلحة في حماية مكتسبات ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، والبناء عليها.

وأشار بيان "تجمّع المهنيين السودانيين"، إلى أنه منذ إطاحة النظام البائد، بدأت التباينات في تقديرات القوى الموقعة على الإعلان ومواقفها، تعبّر عن حدتها بحكم اختلاف المصالح الذي فرضه ذلك الانتصار الجزئي، مبيناً أنه كان ذلك بطبيعة الحال جزءاً من تلك التجاذبات.

وذكر البيان أنّ "توازن القوى داخل تجمّع المهنيين، وبين أطراف قوى الحرية والتغيير، أسهم كله في وقوع تجاوزات وأخطاء كبيرة في مسار التفاوض مع المجلس العسكري، أفضت إلى توقيع اتفاق سياسي لا يرضي التطلعات، بما في ذلك ما نتج منه من ترتيبات لم تُفضِ إلى انتقالٍ مدني ديمقراطي كما ينبغي، ولم تفكك بؤر النظام المخلوع وجيوبه، ويتحمّل تجمع المهنيين كمؤسسة، دوره فيها كاملاً دون تنصّل أو إلقاء لوم على الآخرين".

وأضاف البيان أنّ "الأداء العام للحرية والتغيير اتسم بالارتباك وتغليب المصالح الضيقة وتقديم الاعتبارات التكتيكية على المصالح الاستراتيجية الكبرى، وذلك  ظهر جليّاً عند توقيع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية وبعدها، حيث أصبحت المجاملة والترضيات وضعف الالتزام بالأهداف المعلنة للفترة الانتقالية هي أساس معظم قرارات التحالف واختياراته في علاقته مع السلطة الانتقالية. سواء في الترشيحات أو التعيينات أو القرارات المشتركة".

وأوضح البيان أنّ "تكوين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لا يعكس أوزان الكتل والكيانات الموقعة على الإعلان وأدوارها، وكذلك آليات اتخاذ القرارات بداخله، فيما تراجعت كثير من أولويات المهام المتعلقة بالمحاسبة عن الجرائم وإزالة التمكين".

رأى التجمّع أنّ الأداء العام للحرية والتغيير اتسم بالارتباك وتغليب المصالح الضيقة

ونبّه البيان إلى أنّ "تلك الممارسات خصمت كثيراً من رصيد قوى التغيير، وأخّرت ملاحقة جيوب النظام المخلوع وتصفيتها، وأنتجت أداءً حكومياً عاجزاً أمام تردي الأوضاع الاقتصادية وفاقداً للعزم في ملف محادثات السلام التي استطالت وتشعبت مساراتها حتى أصبحت مثاراً للتندر".

وأكد التجمع أنه "مع هذا الوضع أصبح لزاماً عليه المراجعة، وقول كلمته لأجل الوطن والتاريخ، ولا سيما وقد ثبت في كل المناسبات غياب الإرادة والرغبة الذاتية لدى المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يقيّده تضارب المصالح، للقيام بما يلزم تجاه تطوير هياكله، فظل يتجاهل المناشدات العديدة التي وصلته، مرّة تلو أخرى من مختلف مكونات الحرية والتغيير".

وأكد البيان أنه "ما عاد ممكناً رهن قضية تأهيل الحاضنة السياسية للسلطة الانتقالية لتقديرات بضع قيادات مترددة، وحريصة على مواقعها في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، ولوّح التجمع بالتصعيد الثوري عبر الاعتصامات المتمددة لتقويم أي اعوجاج أو انحراف اعترى مسيرة الثورة".

وسيطر تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، على مقاليد السلطة في البلاد، بتحالف مع العسكريين بعد إطاحة نظام الرئيس عمر البشير، وشكّل حكومة في أغسطس/ آب الماضي ومجلساً للسيادة وآخر للوزراء، وينوي تشكيل برلمان انتقالي.

تأتي خطوة انسحاب التجمّع امتداداً للخلافات داخل التحالف الحاكم، حيث سبق أن أعلن "حزب الأمة"، في إبريل/ نيسان الماضي، تجميد عضويته في التحالف احتجاجاً على عدم الاستجابة لمطالبته المستمرة بإعادة هيكلة التحالف، كذلك جمّدت "الجبهة الثورية"، وهي تحالف حركات مسلحة، نشاطها مبكراً داخل التحالف، وأخذت تفاوض الحكومة الانتقالية بشكل مستقل حول مستقبلها.

وتشهد أروقة "تجمع المهنيين" نفسها تصدعات بعد انتخاب قيادة جديدة لم تحصل على اعتراف القيادة السابقة، إضافة إلى أن عملية تعيين ولاة جدد للولايات لقيت اعتراضات من بعض مكونات التحالف، التي احتجت على تجاوزها واختيار ولاة غير متوافق عليهم.

وتُفسّر خطوة التجمع على أنها جاءت احتجاجاً على عدم استجابة "قوى إعلان الحرية والتغيير" للمطالبة بإدخال ممثلي التجمع الجدد ضمن هياكله، وإبقائه على الممثلين السابقين.

ويخشى مراقبون من استمرار الانشقاقات لأنها ستؤثر في الأداء الحكومي وفي مجمل عملية الانتقال الهشّ أصلاً في السودان.

وفي تعليقه على بيان الانسحاب، قال جعفر حسن، القيادي في تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، لـ"العربي الجديد"، إنّ بيان الانسحاب من التحالف "جاء في مرحلة دقيقة لا تحتمل أية تصدعات".

وأضاف أنّ "الجهة التي أصدرته بالنسبة إليهم غير معروفة، وأرادت به تقويض الفترة الانتقالية في البلاد، ولو أنها كانت حريصة على التحوّل الديمقراطي لما تصرّفت بهذه الطريقة".

واستبعد حسن أن يكون للقرار أي أثر على الأداء الحكومي أو الثورة، "لأن الشعب السوداني على درجة عالية من الوعي، ومتمسك تماماً بالفترة الانتقالية الحالية"، بحسب قوله.