"تاريخ موسمي للنباتات والبشر": سيرة الأزهار

سواء أكانت حاضرة لأسباب دينية مقدسة او لأساطير متوارثة، أو مرتبطة بالتقاليد الاجتماعية، أو حضرت في الشعر والكتب الأدبية، للأزهار تاريخ طويل مع البشر، عبّرت عن عواطفهم من الحب إلى الحداد، ورافقت الناس من موعد الحب إلى زيارة القبور، استخدمت للتزّين وفي الطب، وأهديت للمرضى لتمنحهم الأمل، وكُتبت في القصائد وكانت مواضيع شعر ريلكه وبودلير ورسمها أشهر الفنانين العالميين.

حول الأزهار وعلاقتها بالبشر والأدب، تقدّم الباحثة كاسيا بودي، أستاذة الأدب الأميركي في "جامعة كامبريدج"، تاريخاً أنثروبولوجياً وثقافياً وأدبياً في كتابها "تاريخ موسمي للنباتات والبشر"، الصادر حديثاً عن "منشورات جامعة يال".

اختارت الكاتبة الوقوف عند أنواع محدّدة من الأزهار لكي تضبط دراستها، ومن الزهور التي تُفرد لها الكاتبة مساحة كبيرة لـ "الماريغولد"، التي تعرف بالمحكية العربية بزهر القطيفة أو الأضاليا، وإبرة الراعي، والنرجس، والأقحوان، والخشخاش، واللوتس، والزعفران، وعبّاد الشمس.

تلفت الكاتبة إلى تاريخ الأضاليا خاصة عند شعب المايا الذي يعتبرها مقدّسة، وكذلك الهندوس والأزتيك، وهي النبات الذي كان يستخدم لتكريم الآلهة والأرواح، كما يغسل كهنة المايا أنفسهم بشراب القطيفة، وفي المكسيك إلى اليوم تعتبر من الأزهار الأساسية المستخدمة في أعياد الموتى.

في العصور الوسطى، كان الإنكليز يعتقدون أن مريم العذراء ترتدي أزهاراً ذهبية في شعرها، ومن هنا جاءت التسمية، كما كان يعتقد أن هذه التميمة تحمي مرتديها من الطاعون في أوروبا، وفي الحرب الأهلية الأميركية، استخدمت لوقف النزيف من جروح الجنود.

تقف الكاتبة بالطريفة نفسها عند عطر اللوتس، وألوان إبرة الراعي، ومكانة عباد الشمس، وتسافر عبر العصور والبلدان والقصائد واللوحات متتبعة سيرة الأزهار فيها، ثم كيف استلهمت أشكالها وألوانها في تصميم العمارة والملابس والمجوهرات، وكيف دخلت إلى الأغاني ثم كيف أصبح الناس يحملون أسماء الورود.

كما تُفرد مساحة لدراسة تقلّب الأزهار في المواسم، فتتطرق إلى أول الإزهار عند النرجس في الربيع والأقحوان في الخريف، وترفق الرسوم التوضيحية وتقتبس من "فراديس مصطنعة" لبودلير، لتبحث كيف أُعطيت الأزهار معنى وقيمة عبر التاريخ.

سبق للمؤلفة أن أصدرت كتاب بعنوان "الملاكمة: تاريخ ثقافي"، و"إبرة الراعي"، و"القصة القصيرة الأميركية منذ عام 1950".