"الطريق الجديدة" البيروتية ما بعد "ليلة الرعب": أين الدولة؟

"الطريق الجديدة" البيروتية ما بعد "ليلة الرعب": أين الدولة؟

19 مارس 2014
الحياة على وقع الأسلاك الشائكة (عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -

تعيش منطقة "الطريق الجديدة" في قلب العاصمة اللبنانيّة بيروت، تداعيات الليلة التضامنية مع بلدة عرسال في البقاع شرق لبنان. تسيطر رائحة الإطارات المشتعلة على أجواء المنطقة المكتظة سكانياً، ولا تزال آثار حرق الإطارات واضحة عند مداخل المنطقة لناحية المدينة الرياضية ولناحية حيّ قصقص.

يجلس الحاج "زكّور" في محله لتنجيد الفرش، قرب مستشفى المقاصد. يكاد يخلو المحلّ من البضاعة بسبب ضعف إقبال الزبائن. يهتّز الهاتف الجوّال معلناً عن خبر عاجل من إحدى الخدمات الإخبارية: العثور عن جثّة مواطن مقتولاً في سيارته في منطقة الطريق الجديدة.
يقرأ "زكّور" الخبر، ويسارع إلى التأكد من دقّته. يسأل جاره عبر الهاتف الأرضي، ويراسل مجموعة من أصدقائه عبر مجموعة "واتس آب". يهدأ زّكور: "الخبر شائعة، اعتدنا في المنطقة على الشائعات، وبتنا لا نصدّق أغلب الأخبار".

يشعر زكّور بأنّ قطع شباب المنطقة للطرقات أمس الثلاثاء، كان ضرورياً "للدفاع عن أهلنا في عرسال، فحزب الله يحاصر السكاّن لأنهم مع الثورة السوريّة". يدخل جاره عدنان للتعليق على الحديث قائلاً إن "الشيخ أحمد الأسير قطع طريق الجنوب على الشيعة وكان له ما أراد، وعلينا أن نفعل ذلك أيضاً للدفاع عن أهل عرسال".

تغيب الدولة عن حديث الرجلين، لكنّها تحضر بأجهزتها الأمنية عند مداخل المنطقة، وقرب مسجد الخاشقجي في حي قصقص حيث يشيَّع جثمان حسام الشوّا هناك عصر اليوم. قُتل الشوّا برصاص الجيش اللبناني أثناء مروره في المنطقة، خلال قطعها من الشبان الغاضبين مساء، وأعلن الجيش عن فتح تحقيق في ملابسات مقتل الشاب.

قرب المسجد، يقع حاجز للجيش اللبناني. يقف الجنود هناك متأهبين. يرتدون الدروع الواقية من الرصاص، ويضع كلّ منهم فئة دمه بخط كبير على الصدر، ويخفي الضباط رتبهم. تبدو تحضيراتهم لحرب لا لتشييع، فعادةً ما تشهد المنطقة إطلاق رصاص كثيفاً في الهواء خلال تشييع ضحايا أحداث مماثلة.

تخاف مُنى من الرصاص، وهي تعمل في منطقة "سليم سلام" القريبة من "الطريق الجديدة". قررّت منى أن يكون اليوم إجازة من عملها، فـ"الوضع مقلق، وفي الأمس انتشر مسلحون قرب المنزل بالرشاشات وقذائف الـ "آر بي جي". تتفهم منى قطع الطرقات تضامناً مع عرسال، لكنّها تسأل عن دور الدولة: لماذا انتظر الجيش حتى صباح اليوم ليفتح طريق عرسال؟.

سؤال لن تحصل منى على إجابة من أحد عليه. تبقى هذه "الأفعال"، من قطع الطرقات وإطلاق الرصاص والخطف، حدثاً شبه يومي للبنانيين، في ظل انحلال الدولة ومؤسساتها. وبين حدثٍ وآخر، يُعلن أطراف الطبقة السياسية "الغرام" بين بعضهم البعض.

المساهمون