"التفكير في السينما": ثنائية الصورة والحقيقة
(من فيلم "نوستالجيا" لـ تاركوفسكي)
يبدو العنوان الذي اختاره الناقد المغربي محمد اشويكة لكتابه الصادر حديثاً "التفكير في السينما التفكير بالسينما" (منشورات المدارس في الرباط) غير مألوف في أدبيات النقد السينمائي المغربي، إذ تغيِب السينما كموضوع فكري وتحضر في النقد كإبداع بصري وتقني وإخراجي.
نقرأ في المقدمة: "يأتي الكتاب كدعوة تسعى إلى الرقي بالنقد إلى مستوى التفكير في السينما وبها، وأن المغرب مدعوّ إلى الانخراط في إرساء أسس وقواعد التداول العلمي للفن خارج الأطر الاستهلاكية التي تقولب العقل وتقتل التأمل، وتجعل المنتوج السينمائي مجرد ذريعة للتواصل المهرجاني المبتذل الذي يكرّس قيم التبعية والبهرجة والتسويق والدعاية".
السينما بحسب الكاتب إذن هي حامل يتجاوز حدود الوساطة، والسينما، ولطالما حمَّلها مخرجون كبار أسئلة تتعلق بالذات والعالم، وقدَّم بعض الفلاسفة أعمالاً تتخذها موضوعاً للتفكير.
ينقسم كتاب التفكير في السينما إلى خمسة فصول؛ من بينها "التفكير المنفتح على السينما" وهو أكثر المباحث ارتباطاً بعنوانه، وفيه يتطرّق الكاتب إلى علاقة الفلسفة بالسينما، وينتقل إلى مناقشة تصوّر الفيلسوف جيل دولوز حولها، إضافة إلى معالجته لثنائية السينما والحقيقة.
يتناول الكتاب أيضاً حيوية الفكر والفضاء ويستكشف علاقة السينما بالمكان، ومرجعية الفضاء في الفن السينمائي؛ هنا يستقصي الباحث الأفلام التي احتفت بالمدينة كفضاء للتصوير وكمقولة فكرية من خلال نماذج سينمائية عالمية وعربية ومغربية، ويشتغل على مدينتي الدار البيضاء وطنجة. من جهة أخرى، تشكّل الصحراء المغربية أيضاً أحد مباحث هذا الكتاب حيث تبرز كفضاء أصبح يستهوي صنّاع السينما في العالم.
وفي فصل بعنوان "التفكير السينمائي: امتدادات وتداخلات" يدرس اشويكة مختلف الامتدادات التي تقيمها السينما مع حقول معرفية أخرى، مثل التاريخ والسياسة والبيئة والتربية.
وفي الفصل الأخير الذي جاء بعنوان "تجارب سينمائية: جدل الفكر والممارسة" يقترح الكاتب بعض التجارب السينمائية العالمية التي تقدّم نفسها كمدخل لفهم علاقة التفكير بالسينما وفي السينما، من خلال تجارب لويس بونويل، والتنظير السينمائي لدى تاركوفسكي، وإسهامات جون لوك غودار في سينما التفلسف.
هذا الكتاب، ضمن باقي أعمال اشويكة السابقة، مثل "الصورة السينمائية: مستويات الفهم والتأويل" و"السينما المغربية.. رهانات الحداثة ووعي الذات"، نظرة شمولية إلى السينما من زوايا مختلفة نظرية وتطبيقية، إذا تم النظر إليه مع باقي أعمال اشويكة النقدية حول الفن السابع.
