Westworld: منتزه الرجال الآليين

Westworld: منتزه الرجال الآليين

12 ديسمبر 2016
(أنتوني هوبكنز في لقطة من المسلسل)
+ الخط -

أوفى منتجو مسلسل Westworld بوعودهم بإعطاء إجابات في نهاية الموسم الأول عن كل الأسئلة التي تراكمت طوال حلقات العمل، مع ترك بعض الخطوط معلقة للموسم الثاني.
تجري أحداث العمل في المستقبل القريب و"الماضي المتخيل"؛ حيث يرتكز حول قصة منتزه ترفيهي يضم عالمًا يحاكي الغرب الأميركي في القرن التاسع عشر، ويسكنه روبوتات (مضيفون) يعملون على تلبية رغبات البشر (الضيوف) النبيلة والمظلمة على حد سواء. ويناقش العمل تطور الوعي لدى المضيفين، مقدمًا لمشاهديه حوارات وتساؤلات حول حقيقة النفس البشرية.


مراحل الإنتاج 
المسلسل مقتبس من فيلم يحمل نفس الاسم (1973) تأليف وإخراج مايكل كريتشون مؤلف فيلم The Jurassic Park، بدأ جوناثان نولان، مؤلف أفلام (Momento – The Prestige – the dark knight) بالتشارك مع أخيه كريستوفر نولان مخرج (Inception – interstellar)، العمل على كتابة بايلوت.

كُتبت حلقة تمهيدية للمسلسل عام 2013، وشاركته الكتابة زوجته ليزا جوي، ليدخل مرحلة الإنتاج في 2014، ثم اصطدم العمل بتأجيلات عديدة لأسباب فنية منذ صيف 2015 وحتى شتاء 2016. حشدت HBO منتجة العمل طاقم عمل يضم مجموعة من الفنانين البارزين؛ مثل أنتوني هوبكنز، وإيد هاريس وجيفري رايت وإيفان ريتشلوود وثاندي نيوتون، إضافة لوجود جي جي أبرامز في تنفيذ الإنتاج من أعماله Lost.

سبق أن تشارك مع نولان في مسلسل Person of interest الذي انتهى هذا العام بعد أن استمر لخمسة مواسم. وأوكلت مهمة الموسيقى التصويرية لرامين جودي (Game of Thrones). بدأت الحملات الإعلانية للعمل منذ 2015 وصرح القائمون عليه بأن الموسم الأول سيبني ببطء ملامح القصة التي ستتطور في المواسم القادمة، وأن خططهم تتضمن خمسة مواسم. الجدير بالذكر أنه تم إنتاج مسلسل مقتبس عن ذات الفيلم 1980 مؤلف من خمس حلقات.


قبل العرض
بدأت النقاشات حول العمل قبل بداية عرضه، وزادت حدة الانقسام بعد تصريح النقاد الذين شاهدوا الحلقات الأولى بأن "الحلقة الافتتاحية هي أفضل بايلوت منذ عشر سنوات، لكن بعد أربع حلقات لم تعط الشخصيات اتجاهًا واضحًا لمسار الموسم" بسبب كثرة الشخصيات وتعدد الخطوط الدرامية، وطغيان الجانب البصري على المسلسل.

هنا بدأت المخاوف من أن الإعلانات التي تروج للعمل ليحل بمكانة Game of Thrones ستكون عبئاً عليه، كما بدأت مقارنته بـ Lost الذي انتهى دون إجابات واضحة مستهلكًا جمهوره في البحث عن نظريات لحل الألغاز المطروحة والتخوف من تكرار التجربة.


العرض
عرضت الحلقة الأولى في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، بتكلفة إنتاجية قدرها 25 مليون دولار، وتلتها الحلقة الثانية بعد خمسة أيام، لتجنب التضارب مع مناظرة ترامب/كلينتون إبان الانتخابات الرئاسية الأميركية.

يتبين خلال سير الأحداث أن لكل مضيف حكاية ونصًا يلتزم به مع قدرة ارتجال بسيطة، في سبيل إعطاء الضيف ما يرغب سواء كانت معركة أو علاقة جنسية، وهم بالضرورة غير قادرين على إيذاء الضيوف. يتم محو ذاكرة المضيفين بشكل دوري ويمكن استعادتهم بعد قتلهم، هذه الذكريات لدى المضيفين تعود لهم كأحلام، يستيقظون كل يوم ليعيدوا ذات اليوم مرارًا وتكرارًا.

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالنظريات حول المعنى الخفي للمسلسل، ومحاولة فهم خطوط العمل المعقدة بالذات حول الشخصية التي يلعبها إيد هاريس، وهو ضيف يزور الحديقة منذ 30 عامًا باحثًا عن "المتاهة" حيث المستوى الأعمق من التجربة كي يعرف المرء نفسه، وهي بزعمه الهدف الأساسي من الحديقة هناك، وليس التسلية والتنفيس عن الغرائز وفي طريقه يستمر بالتنكيل بالمضيفين بهدف دفعهم لتحفيز وعيهم كي يردوا عليه الأذية. بعض النظريات وصلت أن الأحداث تجري في كوكب آخر أو أن الحياة غير موجودة خارج الحديقة.

قسّم المسلسل أحداثه بين مغامرات داخل الحديقة في فترات متباعدة زمنيًا من دون إظهار ذلك حتى الحلقة الأخيرة، وربط كل الأحداث بطريقة محكمة، في أسلوب طرح يجعل المشاهد يرى العالم المتخيل كما يراه الروبوت من خلال وصوله لذكرياته بشكل عشوائي دون سيطرته.

كما ربط أحداثًا وقعت داخل إدارة الشركة، بين فريق يريد أن يجعل المضيفين أبسط، ويقدم مزيدًا من الحكايات العنيفة المليئة بالغرائز، والدكتور روبرت فورد (يؤدي دوره أنتوني هوبكنز) الذي يعدّ لقصته الأخيرة قبل تقاعده. صرّح هوبكنز أنهم عندما شرحوا له دوره، ظن أن شخصيته ستكون مثل والت ديزني، وردّ جوناثان بل إنها أقرب إلى فرانكشتاين. آثر منتجو العمل عدم تقديم نص العمل كاملًا لأي من الكادر الفني، وكانت ترسل لهم نصوصهم قبيل تصوير كل حلقة.

تختلط ردود الأفعال حول شخصية فورد إن كان الشخص الطيب أو الشرير؛ فهو صاحب الحوارات الأكثر عمقًا في المسلسل، عدا أن المنظومة الأخلاقية المطروحة، بعيدة عن هذه الثنائية وأقرب لعدميته وخيبة أمله في الإنسان، معيدًا دائمًا السؤال في مقارنته بين وعي الآلات ووعي البشر: ما هي حقيقة الإنسان أصلًا؟


كنايات العمل
"كان هناك دائماً معنى خفي للوحة، كناية". هكذا يتحدث خالق المكان الدكتور فورد عن لوحة "خلق آدم" لمايكل آنجلو. وتجيبه دولوريس (المضيفة) تقصد كذبة؟ في بداية كل يوم يعزف البيانو ذات اللحن، ثم يقدم ألحانًا لموسيقى البوب والروك بعد أن أعاد توزيعها رامين جودي ليعزفها لاعب البيانو الآلي، للتأكيد أن كل ما يجري هو محاكاة مزيفة.

يستحضر العمل الأدب والفن في معظم مشاهده؛ فشخصية دولوريس المضيفة هي إيحاء لأليس في بلاد العجائب، وترتبط بعض اقتباسات شكسبير بشخصيات مميزة، فتتردّد جمل من مسرحية "هاملت" و"روميو وجولييت" على مدار الحلقات، كذلك شعار الحديقة يقارب لوحة "الرجل الفيتروفي" لـ دافنشي.

يحمل العمل في طياته المعنى الخفي القابل للتفسير بحسب أهواء الجمهور، وإن كان أغلب المشاهدين ينتظرون مضمونًا يتحدث عن أثر الذكاء الصناعي، وديستوبيا تكنولوجية تعطي ملامح لشكل المجتمع في المستقبل المتخيل. لكن العمل حصر نفسه داخل الحديقة وتمحور حول المضيفين أكثر من البشر، وبدا الضيوف مستهلكين شرهين للخدمات المزيفة باهظة الثمن، وبحسب ريتم المسلسل وحبكته جعل أي شخصية عرضة للتساؤل عن طبيعتها البشرية أو أنها ذكاء صناعي مصمم باقتدار. أتت التأويلات التي تربط العمل بفكرة الخلق، وفكرة قتل الإنسان لخالقه.

ابتعد المسلسل عميقًا أكثر من الفيلم الذي يتناول فقط خروج آليّات حديثة ترفيهية عن العمل، دون البحث عن أساس تشكل هذا الوعي. في العمل، نجد هذا الصراع مستمرًا على مدى 35 عامًا، فقط، د. فورد وشريكه، يختلفان على حسب مراحل الوعي بين ذاكرة وارتجال وطرق الارتقاء بينها.

انتهى الموسم الأول بتلميح أن كل الثورة التي قامت بها إحدى المستضيفات كانت عبارة عن تعديل ببرمجتها؛ ليكون سؤال العمل: هل ما حصل هو نتيجة الخيارات أم سطور برمجية معدة؟ الموسم الثاني للعمل سيكون بعنوان عريض هو الفوضى. لن يكون حاضرًا قبل 2018 بغية إنجازه على أفضل وجه؛ فهو يستغرق وقتًا طويلًا في الإنتاج إضافة للوقت اللازم للكتابة بعد انتهاء بعض محاور العمل، وخروج شخصيات ثقيلة. إضافة إلى التلميح بوجود عوالم أخرى من الحديقة ظهر منها عالم الساموراي SW. إلى حين ذلك تخطو الشبكة المنتجة HBO خطوتها الثانية باتجاه أعمال الخيال العلمي بالعمل على مسلسل Glare الذي سيدور حول البحث عن استكشاف كوكب جديد.

 

المساهمون