الواقع الهش للإدارة الذاتية (الكردية) في شمال سورية، وارتفاع مؤشّر الرفض الشعبي لقراراتها، وخصوصا ما يمسّ جوهر (وعمق) حياة الأهالي ومعيشتهم ومستقبل أبنائهم، ورفض وجودهم في أيَّ محفل دولي، يُلزم الإدارة بقبول أي شراكة قادمة، ويجبرها على ذلك.
حسم لقاء الرئيسين التركي والروسي، مساء الثلاثاء، خارطة السيطرة في شرقي الفرات، بعد اتفاق على إخراج الوحدات الكردية من المنطقة، في ظل تحذيرات للأكراد من مخالفة هذا الاتفاق، الذي نال أيضاً موافقة أميركية.
تشكل نسبة السوريين الأكراد في الحسكة ما بين 26% إلى 28%، وفي شرق الفرات نحو 12% إلى 15% من مجموع السكان، وهم غالبية في منطقتي عفرين وعين العرب. ولا يصل مجموع أكراد سورية إلى 6% من مجموع السكان.
خلال ثلاث سنوات، تلقى مشروع "الإدارة الذاتية" في شرقي نهر الفرات ضربات كبيرة، بدءاً بعملية "درع الفرات" ثم "غصن الزيتون" وصولاً اليوم إلى الهجوم التركي الذي يهدد بإسقاط مشروع الأكراد بإدارة إحدى أهم المناطق السورية.
نشهد اليوم تلاشي مطالب الثورة السورية، وتطلع حواضنها الشعبية إلى الحرية والكرامة، بالقضاء على بقايا التمايز بين أهداف الثورة وأهداف الدول التي استتبعت المعارضة، السياسية والمسلحة، بتحوّل قواها إلى جنودٍ في خطط هذه الدول.
يناقض الشارع السوري كل "التفاؤل" لدى المعارضة السورية من تأليف اللجنة الدستورية، إذ يعتبر أنها تساوي بين الجلاد والضحية. كما تظهر أنها عبارة عن محاصصة بين القوى المعارضة، التي تضم شخصيات يمكن وضعها في خانة الموالين للنظام.
تعود قضية الأكراد السوريين إلى الواجهة، بإشكاليتها، مع استبعاد قوىّ كردية، سياسية وعسكرية مرتبطة بها، وذات سيطرة واسعة، من تشكيلة اللجنة الدستورية السورية، فيما يسود الانقسام وتضارب الأجندات هذه الشريحة من السوريين.
أعلنت الأمم المتحدة، أمس الإثنين، تشكيل اللجنة الدستورية السورية، بعد أكثر من عام ونصف من السعي لإطلاق عملها، عمل خلالها النظام على عرقلة اللجنة لكسب المزيد من الوقت بهدف التقدّم ميدانياً لفرض رؤيته في أي حل سياسي.
لا يزال الغموض يلف "المنطقة الآمنة" في شرقي الفرات، على الرغم من بدء الأتراك والأميركيين تنفيذ اتفاقهم حولها، فيما تتضارب المعطيات حول إمكان دخول قوات تركية أو فصائل تابعة للمعارضة السورية إلى هذه المنطقة.