الجغرافيا السياسية

عن عمر يناهز الثمانين عاماً، رحل أمس الجمعة، الجغرافي والباحث الفلسطيني كمال عبد الفتاح، الذي يعدُّ من أوائل الباحثين الفلسطينيين الذين حاولوا تخليص الجغرافيا من وضعيتها كأداة معرفية بيد الاستعمار، وأعطاها بُعداً ميدانياً مرتبطاً بالذاكرة الفلسطينية.

تحت عنوان "دراسات الحدود النقدية"، نظّم أكاديميون وفنّانون من جنسيات مختلفة مبادرة في مدرسة سويدية تحمل الاسم نفسه، جرت فيها مساءلة المُصطلح، أي الحدود، وعلاقته بقضية اللجوء، كما صُدّرت الفعالية ببيان يعرّف الحدود بأنّها مشروع تراكمي استعماري.

في مذكّراته التي صدرت بعد رحيله بثلاثة أعوام، تتّضح خلاصة مشروع الجغرافي المصري حول إمكانية تجاوز أزمات مصر والعالم العربي اقتصادياً واجتماعياً، واستعادة العُمق الاستراتيجي في مشروع سياسي وفكري بمواجهة عدوّين: الصهيونية والاستعمار.

ليس التقارب العربي فقط ضرورة ثقافية أو عاطفية؛ إنّه ضرورة وجودية تتعلّق بقدرة هذه الدول على دخول عالَم المستقبَل بعوامل قوّة داخلية متينة، وعلى رأسها جغرافيا سياسية متواصلة وسلسة.

استناداً إلى منهج تاريخ الأفكار، يعود المؤلّفان إلى جُلّ التعريفات والتصوُّرات التي صاغها مفكّرون غربيّون، في العقود الماضية، حول مفهوم الحدود، في محاولة لإعادة التفكير فيه، متسائلَين إلى أيِّ مدى يظلّ المفهوم ضروريّاً لهيكَلة الفكر والمجتمعات.