"وينو البترول".. حقول نفط في الفيسبوك التونسي

"وينو البترول".. حقول نفط في الفيسبوك التونسي

11 يونيو 2015
"وينو البترول" أصبحت محط أنظار وسائل الإعلام (Getty)
+ الخط -
باتت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت "تويتر" و"الفيسبوك" و"اليوتيوب" تلعب دوراً مهماً إذ إنها باتت المصدر الأول لتحول المطالب من مجرد احتجاجات فردية ضيقة ومن دعوات افتراضية إلى مطالب حقيقية على أرض الواقع تحرج السياسيين وتؤلب الرأي العام.

حقول البترول، أو ربما حقول اشتعلت عبر حملات إلكترونية في تونس تحمل عنوان "وينو البترول"، ولعله الهاشتاغ الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، مئات التغريدات التي ملأت فيسبوك وتويتر بقيادة مدونين ونشطاء وشباب ومجتمع مدني في صور كارتونية وتعاليق ساخرة وتدوينات ناقدة ومقالات مهاجمة تتساءل عن نصيب الشعب التونسي من الثروات الطبيعية، حوارات تلفزيه فتحت بين مؤيد ومعترض وبين محلل وناقد للوضع، فقد نصّ دستور الجمهورية الثانية في فصله 13 على أنّ ''الثروات الطبيعية ملك للشعب التونسي تمارس الدولة السيادة عليها باسمه تعرض عقود الاستثمار المتعلقة بها على اللجنة المختصة بمجلس نواب الشعب وتعرض الاتفاقيات التي تبرم في شأنها على المجلس للموافقة". واستنادا إلى ذلك أطلق التونسيون على اختلاف شرائحهم هذه الحملة التي لاقت رواجا كبيرا وصدى واسعاً.


هي حملة انطلقت على أثر اكتشاف بئر جديدة للنفط والغاز بجهة الفوار التابعة لمدينة قبلي من الجنوب التونسي في أبريل/ نيسان الماضي بطاقة إنتاج تناهز 4300 برميل للنفط و400 متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وفي ظلّ غياب تام لأرقام رسمية عن إنتاج الثروات الطبيعية في تونس تطالب هذه الحملات الإلكترونية الحكومة التونسية بفتح الملفات الحارقة على غرار ملفات الثروات الطبيعية من الفوسفات والبترول والغاز الطبيعي والملح، ويعتبر مطلقو الحملة أنّ عقود وصفقات البترول في تونس غامضة وتنعدم فيها الشفافية وإدراجها في خانة المسكوت عنه، خصوصاً أنّ هناك تضارباً في التقارير التي تصدرها الشركات الأجنبية المستثمرة في ثروات تونس على مواقعها وتقارير الحكومة التونسية التي أكدّت أنها لا تملك آليات رقابة حقيقية تمكنها من معرفة منتوجها والذي اعتبره العديد من مؤيدي حملة "وينو البترول" تفريطاً في الثروات الطبيعية التونسية.

جاء ردّ وزير الصناعة والطاقة والمناجم التونسية على هذه الحملة في وقت وجيز من انطلاقها، حيث قررت الوزارة القيام بحملة اتصالية للإعلان عن منتوجات الطاقة في البلاد ولإضفاء مزيد من الشفافية على قطاع الطاقة طلبت التدقيق في حقيقة الثروات في تونس من خلال تشكيل لجنة لدراسة التقارير حول الطاقة ليتم إعلام الشعب التونسي بالحجم الحقيقي لثروات البلاد.

من جهة أخرى يرى الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التونسية أنّ حملة "وينو البترول" التي أصبحت محط أنظار وسائل إعلام وطنية وعالمية أنها مجرد دعابة فيسبوكية وأنّ الثروة النفطية في تونس محدودة، ويعتبر كذلك الرئيس المدير العام للمؤسسة التونسية للبترول أن الحملة التي يتم الترويج لها عبر الفيسبوك هي حملة مفتعلة تأتي وراء تجاذبات سياسية وأنّ رواية تونس تسبح على بحر من البترول والغاز والثروات الطبيعية هي من نسج خيال البعض، مبينا أن وزارة الصناعة ستقوم قريبا بنشر كل العقود البترولية و الإنتاج اليومي على موقعها الرسمي على اإانترنت.

لئن تباينت ردود الأفعال التونسية السياسية والحكومية، فقد استطاعت حملة "وينو البترول" أن تصبح محطّ أنظار العالم وتمكنت من إحراج الطبقة السياسية التونسية.

ولكن هل تكون هذه الإجراءات الشكلية التي تعتزم وزارة الصناعة التونسية القيام بها والتي تتمثل جلّها في الكشف عن كل العقود البترولية والإنتاج اليومي من النفط التونسي كتأثير حبوب الفياغرا تنتهي بمجرد مرور ساعات قليلة من تناولها؟ وهل تستطيع كبح مطالب شعب يعاني البطالة ويسعى لاستكمال أهداف ثورة 14 يناير/ كانون الثاني؟ وهل الجدل الذي أثارته هذه الحملة راجع بالأساس إلى أنها مرتبطة بقضية حساسة وبالسيادة الوطنية وبإمكانية إرساء العدالة الاجتماعية وضخّ الدم في أوردة التنمية شبه المنعدمة في تونس؟ وهل ستكون هذه بداية الغيث في فتح ملفات الفساد التي أثقلت كاهل الحكومة التونسية وساهمت في فقدان الثقة بين الشعب والدولة.

تبقى كلّ السيناريوهات مفتوحة ما دام المشهد التونسي لا يزال مُلبَّداً بغبار تركات نظام سابق ورواسب فساد لم يتم الحسم فيها بعد.

(تونس)

المساهمون