نظرة إلى فلسطين

نظرة إلى فلسطين

11 يونيو 2015
هل نسينا فلسطين وقضيتها وانشغلنا بشأننا الداخلي؟ (فرانس برس)
+ الخط -
مع توالي المناسبات الدينية مثل ليلة الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان وشهر رمضان، أجد نفسي وقد ثارت بداخلها مشاعر الحنين إلى القدس وفلسطين خاصة مع تزامن هذه الذكريات وذكريات أحداث جسيمة مثل النكبة وذكرى العدوان على غزة وذكرى العاشر من رمضان، وأجدني أتساءل بيني وبين نفسي هل نسينا فلسطين وقضيتها وانشغلنا بشأننا الداخلي وبثورة لم تتم وبربيع عربي لم تتفتح أزهاره؟ وأتساءل هل نحتاج إلى أن نوجه أنظارنا تجاه فلسطين؟ أم هل توجه أنظارنا نحو فلسطين سيكون هروباً من الواقع الذي نعيشه في مصر وغيرها من بلدان الربيع العربي؟


إن هذا المقال هو محاولة لطرح الأسئلة وعرض واقع أكثر من الإجابة عليها، وهدفي من ذلك إثارة حوار ونقاش بين الشباب العربي حول علاقة الحراك الذي جرى في السنوات الأربع الماضية وبين القضية الأم والأهم في عالمنا العربي والإسلامي وهي القضية الفلسطينية.

في البداية أحب أن أقول إني من هذا الجيل الذي ولج إلى العمل السياسي والاهتمام بالشأن العام من باب القضية الفلسطينية، وإن هذا الجيل الذي ولد بعد حرب أكتوبر وكان طفلاً وقت اتفاقية كامب ديفيد وتعرض طيلة سنوات التعليم لحديث السلام وإغراءات التطبيع، إلا أنه الجيل الذي لم يُخدَع بمعسول كلام السلام وكان من أهم إنجازاته (من وجهة نظري) أنه أوقف قطار التطبيع، وأنه ساهم في نشر وعي حقيقي حول العدو الصهيوني وجرائمه وساند المقاومة ودعم الانتفاضة الأولى والثانية بكل ما أوتي من وسائل وتحمل في سبيل ذلك بطشاً من الأنظمة الحاكمة وأمنها وإعلامها. ولكننا اكتشفنا في ظل حماسنا لفلسطين أن الطريق إلى تحرير القدس لابد أن يبدأ من القاهرة بتحريرها من الظلم والطغيان والاستبداد، ولابد أن يمر بعمّان وبيروت وطرابلس وتونس وغيرها من عواصم بلدان العرب ويحررهم مما تعاني منه القاهرة.

لذلك تحركنا مع الشباب المصري الذي بدأ يتصاعد لديه حلم التغيير من عام 2004 وبدأ يتحرك ضد الفساد والاستبداد، ولكن لم ينسَ الشباب المصري بل والشعب المصري وهو يبحث عن النجاة من معاناته القضية الفلسطينية، ووقف في كل مناسبة مؤيداً لشعب فلسطين ومنتصراً لمقاومته وداعماً لجهاده ضد عدوه وعدونا.

حتى كانت ثورة تونس وبعدها ثورة يناير في مصر ودخولنا في مرحلة الربيع العربي وعاش الشباب حلم التغيير والحقيقة أنه أعطى أولوية كبرى للشأن الداخلي وتراجع لديه الاهتمام بالقضية الفلسطينية. نعم كانت هناك فاعليات تعبر عن عدم نسيانها ففي مصر لا ننسى فاعلية الزحف في 15/5/2011 وفاعليات إسقاط العلم من أعلى سفارة الكيان الصهيوني، ولا ننسى فاعلية هدم الجدار الذي يحمي السفارة الإسرائيلية في 9/9/2011، ولكن هذه الفاعليات لا تمنعنا من أن نكون صرحاء مع أنفسنا بأن اهتمامنا كان أقل بالقضية الفلسطينية في هذه السنوات، وأن الشأن الداخلي وتطوراته شغلتنا بصورة كبيرة حتى أفقنا في العام الماضي على هذا العدوان الغاشم من الصهاينة على غزة وشعبها الأبي الذي ظل صامداً بل وفي رأيي أنه خرج منتصراً على عدوه مما جعل كثيراً من الشباب الثوري في مصر أن يعيد النظر إلى القضية الفلسطينية وأن يكون له دور فيها وفي نصرة فلسطين وأهلها، ومن أهم هذه المحاولات إنشاء الحملة الشعبية لمقاطعة إسرائيل (BDS مصر) والتي بدأت عملها في شهر إبريل/ نيسان الماضي في ذكرى مذبحة مدرسة بحر البقر، وهي الحملة التي لاقت ترحاباً من القوى السياسية والحركات الثورية والشبابية المصرية وأعادتهم إلى العمل المشترك والموحد ضد قضية بعيدة عن الاستقطاب السياسي المحلي وهي قضية فلسطين.

ولعل هذا الترحاب بـ BDS هو ما أثار التساؤلات التي بدأت بها مقالي وأضيف إليها تساؤلات أخرى أختم بها هذا المقال:هل كان ترتيب أولوياتنا في وقت الحراك الثوري صحيحاً؟
ما هي درجة الصلة بين ما يحدث في مصر وغيرها من بلدان الربيع العربي وبين ما يحدث في القضية الفلسطينية من تطورات داخل فلسطين وخارجها؟
كيف نستطيع تحقيق التوازن بين قضايا الحريات الداخلية داخل كل بلد على حدة وبين قضيتنا الكبرى وهي تحرير فلسطين؟

(مصر)

المساهمون