جيل عراقي واحد لتخطي الأزمة؟

جيل عراقي واحد لتخطي الأزمة؟

06 ابريل 2015
عراقيون يعيشون تحت ظل الحروب (فرانس برس)
+ الخط -
استمر العراق، لفترة طويلة، يعتمد في تمويل نفقاته التشغيلية والاستثمارية على النفط، حتى اصطدم بالأزمة التي أيقظته من غفلة الاعتماد على ذلك القطاع، خاصة أن الخسائر التي بدأ يتكبدها باتت مرتفعة. حروب من جهة، وانخفاض حاد في أسعار النفط من جهة أخرى. وبالأرقام، فقد انخفض النمو في العراق في السنتين الماضيتين إلى 2%، وحتى اليوم ما تزال الضغوط على الاقتصاد جراء الحروب كبيرة ومتشعبة.

يقول الخبير الاقتصادي، باسم جميل أنطوان، إن الاقتصاد العراقي واعد، ويستطيع أن ينهض
بسرعة، لوجود مكونات أساسية فيه، في مقدمتها النفط. فمن الممكن أن يستفاد من صناعاته الاستخراجية كالغاز والبتروكيماويات، وهي حتى الآن لم تستثمر بشكل كامل، وربما تدوم سنوات طويلة، فضلاً عن أن هناك أراضي زراعية ومياها كافية لإروائها. وهذا كله ممكن أن يوفر البنى التحتية لجيل اقتصادي واعد". ويرى أنطوان أنه خلال 15 و35 عاماً، سيصل تعداد قوى العمل في العراق إلى نحو 60% من مجموع السكان، وتعتبر هذه النسبة مهمة قياساً بالشعوب الأخرى، ما يدل على قدرة الشعب على النهوض في فترة زمنية قياسية، في حال تبدلت السياسة الاقتصادية.

من جهته، يبين الخبير في الشؤون الاقتصادية، ماجد الصوري، أن كل مرحلة تطور اقتصادي في العراق تعتمد على الإرادة السياسية في البلاد، والتي يجب أن تعتمد على الرقابة والمحاسبة، من أجل الحصول على نتائج. وهذا غير متوفر في الوقت الحاضر.

ويتوقع الصوري أن يكون لقطاعي الصناعة والزراعة الأولوية في التنمية الاقتصادية، أي أن يشهد العراق خلال الجيل المقبل ثورة صناعية وزراعية، بسبب توجه الدولة والقطاع الخاص نحو هذين القطاعين، لكون موادها الأولية محلية ولا تحتاج إلى الاستيراد، فضلاً عن عمق الحاجات الداخلية بعد تدهور أسعار النفط.

انعدام الرؤية
من جانبه، يبدي أستاذ كلية الإدارة والاقتصاد في "الجامعة المستنصرية"، وليد الجبوري، مخاوف من عدم تحقق تنمية اقتصادية للأجيال، على الأقل خلال الجيل المقبل، بسبب حجم الفساد المالي والإداري المستشري في مفاصل الدولة التي ترعى اليوم إدارة الاستثمار، وتحريك الأموال داخل وخارج البلاد.


ويشير إلى أنه ومنذ ثلاثة عقود، تميزت السياسة الاقتصادية العراقية بانعدام رؤية شفافة واستراتيجية واضحة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، فضلاً عن بقاء العراق على حال الاقتصاد الريعي، بدلاً من اقتصاد منتج للقيمة المضافة، والذي يشترط وجود استثمارات ضخمة يحتاجها البلد، خاصة في مجال بناء وإعادة بناء البنى التحتية، وإدخال التكنولوجيا الحديثة، وتأهيل القطاع النفطي، والنهوض بالقطاعات الإنتاجية، وفي مقدمتها القطاعان الصناعي والزراعي، وتفعيل التجارة ووضعها في خدمة الخطط التنموية العامة.

أما رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، جواد البولاني، فيؤكد قدوم جيل مختلف عن الأجيال السابقة، إذ إن البرلمان في دورته الحالية عازم على تشريع قوانين ستكون الدافع الحقيقي والفعال نحو خلق اقتصاد حر واقتصاد سوق كقانون التعرفة الجمركية، وقانون حماية المستهلك، وقانون القطاع الخاص، فضلا عن قوانين أخرى تعمل عليها لجان برلمانية، كقانون المصارف الجديد، وتعديل قانون الاستثمار رقم 13.

ويشير البولاني إلى أن في حال تشريع هذه القوانين التي وضعناها في أولويات جلسات مجلس النواب المقبلة، من الممكن أن تفعل جوانب مهمة في البلاد، كالبناء والتشييد والصناعات التحويلية والنفطية والسياحة التي بدورها ستحرك أيادي عراقية عاملة، فضلاً عن إنعاش المنتج المحلي الذي سيدعم نمو واستقرار الاقتصاد، وخلق جيل عراقي ينعم بثرواته ومنتجاته، غير معتمد على المستورد ومساوئ المستورد التي يعيشها العراق، والتي تسببت في خسائر مالية ونفسية تكبدتها الدولة والمواطن، على حد سواء.

إقرأ أيضا: اقتصاد لبنان "المنهك" يحتاج إلى معجزة لإعادة بنائه

المساهمون